تتسائل نقابة مستشاري نزاعات الدولة حول الغموض الحاصل بشأن تعطيل مشروع إحداث “هيئة قضايا الدولة” الذي تقدمت به إلى الحكومة السابقة وأن الحكومة الحالية عبر أجهزتها المعنية لا تزال تبدي بعض التحفظات على هذا المشروع.
لماذا تعطّل مشروع إحداث “هيئة قضايا الدولة”؟ |
تتسائل نقابة مستشاري نزاعات الدولة حول الغموض الحاصل بشأن تعطيل مشروع إحداث "هيئة قضايا الدولة" الذي تقدمت به إلى الحكومة السابقة وأن الحكومة الحالية عبر أجهزتها المعنية لا تزال تبدي بعض التحفظات على هذا المشروع. وتفيد المعطيات المتوفرة لدينا من مصادر عليمة أن المشروع لا يزال إلى حدّ الآن قابعا في رفوف وزارة العدل التي لم تبت فيه إلى حدّ الآن إما بالإيجابي أو السلبي وتضيف هذه المصادر أن هناك أطرافا وزارية أخرى ساهمت في تعطيل تفعيل المشروع.
وتطالب هذه المصادر بالإسراع بإرسال مشروع القانون إلى المجلس الوطني التأسيسي وعرضه على اللجان المعنية ثم إمكانية المصادقة عليه، ومن شأن مشروع المتعلق بإحداث"هيئة قضايا الدولة" تعويض سلك مستشاري نزاعات الدولة على غرار ما هو معمول به في بقية الدول العربية والغربية.
يُذكر أن سلك مستشاري الدولة هو عبارة عن محامي الدولة ينوبها أمام القضاء سواء كانت الدولة طالبة أو مطلوبة وأمام كل الأجهزة القضائية الوطنية والأجنبية ويضم السلك حوالي 120 مستشارا مجازين في الحقوق وقاموا بمناظرة للدخول إلى المعهد الأعلى للقضاء ويقومون بنفس التربص الذي يقوم بع القضاة ثم يتم إرسالهم للعمل صلب الإدارة العامة لنزاعات الدولة تحت إشراف وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية.
كما أن لمستشاري نزاعات الدولة وظيفة استشارية من خلال تقديم الاستشارات القانونية لمختلف الوزارات في مختلف مشاريع القوانين ومختلف الاتفاقيات.
وتُبرّر النقابة الأساسية لمستشاري نزاعات الدولة موقفها بإحداث هيئة قضايا الدولة من منطلق الأهمية بضرورة تحييد هذا السلك وإكسابه الاستقلالية عن الإدارة وتجنب ما كان يحصل في العهد السابق من توظيف لهذا الجهاز لفائدة الأشخاص الضالعين في الفساد خاصة من عائلة وأصهار الرئيس المخلوع في العديد من المسائل والملفات والتي تكفل بها القضاء بعد الثورة.
وللتذكير فإن إعداد مشروع القانون الأساسي لهيئة قضايا الدولة كان تتويجا لمرحلة استغرقت 6 سنوات منذ العهد السابق الذي عطله لكي لا يرى النور، وتعول النقابة على تفهم الوزير الجديد لأملاك الدولة والشؤون العقارية في الحكومة الجديدة لتفعيل هذا المشروع وقالت انها لمست لدى هذا الوزير تفهما بخصوص أهمية إحداث "هيئة قضايا الدولة".
وتشدّد نقابة مستشاري نزاعات الدولة أن تأهيل جهاز الدفاع عن الدولة في تونس للقيام بدوره بنجاعة ومصداقية والإسهام في احترام الشرعية وإرساء دولة القانون، يمرّ ضرورة عبر تمكينه من سلطة قرار مستقل وتحصين أعضائه بإسباغ الصفة القضائية عليهم والاستقلالية تجاه الإدارة والضمانات والحماية في محيطهم العام والقضائي لا سيما في هذه المرحلة التاريخية التي يخوض فيها "معركة" ضد دُعاة الردّة التي تتهمه بالتسلط والتعدي على الحريات ومحاباة طرف على آخر.
وتنتظر هذا الجهاز محطات قضائية هامة في مسار تحقيق العدالة الانتقالية بعد الثورة برفع عدة دعاوي لاسترجاع الأملاك العامة المنهوبة والتصدي للاعتداءات التي تتعرض لها.
وجاء في وثيقة شرح الأسباب للمشروع أنه في سنة 1987 سارعت السلطة إلى سن القانون عدد 13 لسنة 1988 المؤرخ في 7 مارس 1988 المتعلق بتمثيل الدولة لدى القضاء في محاولة لطمأنة الرأي العام على حرصها على الحفاظ على المال العام.
لكن سرعان ما اتضح أنّ هذا "الإصلاح" لا يعدو أن يكون مغالطة، فلئن أحدث هذا القانون سلك المستشارين المقررين صلب جهاز المكلف بنزاعات الدولة فإنه لم يرتق بالوظيفة الدفاعية ولم يعزز من نجاعتها، فقد بقي هذا الجهاز فاقدا للاستقلالية وقابعا تحت وصاية الإدارة فأُلحق بمصالح وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بموجب الأمر عدد 990 لسنة 1990. |
مهدي الزغلامي
|