دعت وزيرة شؤون المرأة والأسرة السيدة سهام بادي في بلاغ لها السبت إلى منع النقاب داخل المؤسسات التربوية وذلك بهدف حماية الأطفال الصغار من كل أشكال التسلط العائلي التي قد تعيق العملية التربوية
بعد تحذيرها من مخاطر النقاب على أطفالنا.. هل تغرد سهام بادي خارج سرب الحكومة؟ |
دعت وزيرة شؤون المرأة والأسرة السيدة سهام بادي في بلاغ لها السبت إلى منع النقاب داخل المؤسسات التربوية وذلك بهدف حماية الأطفال الصغار من كل أشكال التسلط العائلي التي قد تعيق العملية التربوية. وحثت بادي المربين بهذه المؤسسات التربوية، على حماية الأطفال من كل العوامل التي تؤثر سلبا على طريقة تفكيرهم وأنشطتهم أو تعوقهم عن الذهاب إلى الدراسة والاستفادة من مكتسبات الحضارة الحديثة وتكنولوجيات المعلومات. كما دعتهم إلى العمل على تربية الأطفال على قيم الاعتدال والانفتاح والتشبث بالهوية الوطنية والتسامح مع الآخرين. ومعلوم أن قطاع الطفولة يعود بالنظر إلى وزارة شؤون المرأة والأسرة. كما أن رياض الأطفال والمحاضن المدرسية وغيرها تعود بالنظر إلى هذه الوزارة. غير ان بلاغ سهام بادي لم يقتصر على المؤسسات التربوية العائدة بالنظر إلى وزارة المرأة والأسرة بل تحدث عن المؤسسات التربوية بشكل عام لا سيما التي يقصدها الأطفال إلى سن معينة مثل مؤسسات التعليم الأساسي (الابتدائي والإعدادي) وأيضا الكتاتيب. ويأتي ذلك– حسب البلاغ – بعد تعدد الظواهر الغريبة عن مجتمعنا التي قد تؤثر سلبا على أطفالنا مثل النقاب وبعض الطرق التربوية مثل فصل الإناث عن الذكور أثناء الدراسة ومنع ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية داخل الرياض والمحاضن والكتاتيب أو المؤسسات التربوية الأخرى. وكان أولياء وناشطون حقوقيين وسياسيين قد نبهوا منذ أشهر إلى بروز مظاهر تهدد سلامة العملية التربوية داخل هذه المؤسسات التربوية. وأكدوا أنه بعد الثورة، وفي ظل ضعف المراقبة الإدارية والأمنية، عمد كثيرون إلى فتح "محلات" تدريس شبيهة برياض الأطفال وبالمحاضن والكتاتيب دون الحصول على التراخيص القانونية اللازمة، وذلك خاصة بالأحياء الشعبية. وللأسف الشديد، أقدم عدد من الأولياء على تسجيل أبنائهم بهذه "المحلات" بعد ان شجعتهم على ذلك الأسعار المغرية التي تعمل بها مقارنة بالرياض والمحاضن والكتاتيب الرسمية. ولم يكتف أصحاب هذه المحلات المشبوهة فقط بعدم احترام اجراءات الفتح والاستغلال بل عمدوا إلى ما أخطر من ذلك بكثير. حيث استنبطوا برامج وطرق تعليمية خاصة بهم على غرار فصل البنات عن الأولاد داخل الأقسام والسماح للبنات بارتداء النقاب (وربما حثهم على ذلك). كما يعمد بعض أصحاب هذه المحلات إلى حرمان الأطفال الدارسين لديهم من ممارسة الأنشطة الرياضية والفنية ومن استعمال التكنولوجيات الحديثة كتلك التي نراها في المحاضن ورياض الأطفال الرسمية، بدعوى انها "حرام"، ويقع التركيز فقط خلال ساعات التدريس على المواد الدينية. ولم يقتصر الأمر فقط على هذه المحلات غير الرسمية بل شمل أيضا مؤسسات تربوية قانونية ورسمية. وهذا – حسب المختصين في علوم الطفولة والتدريس – من شأنه أن يدمر داخل الطفل كل علاقة له بالحياة وبالجمال وبالأمور الحسية والفنية و يهدد مستقبله الدراسي وربما مستقبله في الحياة خاصة أن العالم الحديث يرتكز الآن على المكتسبات العلمية والتكنولوجية والفنية والرياضية إلى جانب المكتسبات الدينية والتفتح على الآخر. لكن لسائل أن يسأل، هل تكفي لوحدها هذه المبادرة الجريئة لوزير المرأة ؟ وهل يكفي مجرد بلاغ صادر على الورق للقطع مع هذه الظاهرة؟ يمكن القول أن المسألة تتطلب جهودا أكثر من ذلك بكثير، إذ لا بد أن يقع الشروع في حملة تحسيس كبرى عبر وسائل الإعلام، خاصة التلفزة، لحث الأولياء والأطفال على الانقطاع عن مثل هذه الممارسات مع إظهار مخاطرها وسيئاتها. وبعد ذلك يأتي دور الردع، إذ لا بد أن تسدي الحكومة تعليمات صارمة وواضحة ضد كل من يمارس مثل هذه "الجرائم" في حق أطفالنا وأن لا تكتفي بالفرجة فتستفحل الظاهرة ولا يمكن التصدي لها. ومن جهة أخرى فإنه على وزراء التربية والتعليم العالي والشؤون الدينية أن يتحركوا هم أيضا وينسجوا على منوال السيدة سهام بادي ويصدروا البلاغات وينددوا ويوجهوا التعليمات من اجل حماية المؤسسات التربوية على مستوى الابتدائي والثانوي والجامعي من هذه المظاهر الغريبة عن المجتمع، ومن اجل حماية المكتسبات التي تحققت في هذا المجال على امتداد العقود الماضية وحماية السمعة العالمية التي يحظى بها التعليم في تونس. فدعوة سهام بادي قد لا تستجيب لها إلا المؤسسات العائدة بالنظر لوزارة المرأة والأسرة (الرياض والمحاضن) وما على بقية الوزراء المذكورين إلا توجيه الدعوة نفسها إلى بقية المربين في المؤسسات التربوية الأخرى. |
وليد بالهادي
|