تونس- إخلالات وتجاوزات بالجملة في قطاع رياض الأطفال

تلعب رياض الأطفال دورا مهما في حياة الأسرة التونسية، إذ تلجأ هذه الأخيرة إلى جلب طفلها للحضانة، حتى تتمكن الأم من ممارسة عملها، وتضع كل ثقتها في مديرة الروضة ظنا منها أن رياض الأطفال تتعهد بالرعاية الجسمية والفكرية والاجتماعية وتحقّق لابنها الاستعدادات الضرورية التي تهيئه للالتحاق بالمدرسة بما يتناسب …



تونس- إخلالات وتجاوزات بالجملة في قطاع رياض الأطفال

 

تلعب رياض الأطفال دورا مهما في حياة الأسرة التونسية، إذ تلجأ هذه الأخيرة إلى جلب طفلها للحضانة، حتى تتمكن الأم من ممارسة عملها، وتضع كل ثقتها في مديرة الروضة ظنا منها أن رياض الأطفال تتعهد بالرعاية الجسمية والفكرية والاجتماعية وتحقّق لابنها الاستعدادات  الضرورية التي تهيئه للالتحاق بالمدرسة بما يتناسب مع قدراته وميولاته.

لكن في تونس لا يتمتع أكثر من 70 بالمائة من الأطفال من خدمات رياض الأطفال، خاصّة في المناطق الريفية والداخلية، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول الإشكاليات المطروحة في هذا  القطاع ومدى نجاعة تدخل الدولة الطرف الرئيسي في تنظيم القطاع ودعم المهنيين والأسر على حدّ السواء.

ويشكو القطاع وباعتراف من وزارة شؤون المرأة والأسرة من اخلالات وتجاوزات في ظل تواضع آليات المراقبة، سيما وأن عدد مؤسسات رياض الأطفال يعد بالآلاف في القطاعين العمومي والخاص، بالإضافة إلى عدم احترام كراس الشروط، مما فتح المجال لارتكاب عدّة التجاوزات.

كما يعرف قطاع رياض الأطفال مشاكل تعوق تطوره بالشكل المطلوب من بينها تردي وضعية العاملين بالقطاع وافتقارهم للتكوين الأكاديمي والاختصاص المطلوب، بالإضافة إلى تنامي ظاهرة رياض الأطفال التي لا تستجيب لما جاء في كراس الشروط وتعمل بطرق غير قانونية وتواضع الخدمات المسداة للأطفال في العديد من المحاضن، جعلت من هذا القطاع محل اهتمام الهياكل العمومية والناشطين في المجال.

ولا تقف نقاط الضعف عند هذا الحدّ إذ تشهد هذه المنظومة نقائص ملحوظة على مستوى الخدمات البيداغوحية التي يتمّ تقديمها للطفل خاصة في المؤسسات العمومية التي يتقلص عددها يوما بعد يوم بسبب تفريط الدولة فيها بالرغم من دورها في العناية بالأسر محدودة الدخل علاوة على عدم توحيد المناهج التربوية وعدم ايلاء العناية الكافية للأنشطة الفكرية والترفيهية للطفل.

أما الأسعار التي لا تخضع إلى أية مراقبة فهي تعد مرتفعة وتتجاوز في بعض الأحيان حد المعقول والتي أجبرت الآلاف من العائلات إلى البحث عن أماكن أخرى حتى الغير قانونية لترك أبناءها وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على نمو الطفل وتحضيره جيدا لفترة الدراسة.

وبالرغم من التشكيات العديدة للأولياء من غلاء أسعار رياض الأطفال وغياب دور فاعل للدولة في هذا الخصوص يبرر أهل المهنة ذلك بكثرة المصاريف التي لديهم وخاصة تلك المتعلقة بتسديد رواتب المنشطين والمختصين البيداغوجيين، بالإضافة إلى جودة الخدمات التي يقدمونها للطفل بطلب من الأولياء أنفسهم، حسب ما يزعمون.

وتبقى الدولة الحلقة الأضعف في هذه المنظومة التي تحظى في العديد من بلدان العالم بالأولوية المطلقة وتقدم خدمات رياض الأطفال مجانا في دول مثل ألمانيا وفرنسا حتى أنها تتكفل الدولة بمصاريف الأطفال في سن مبكرة، ولكن في تونس فإن وزارة شؤون المرأة والأسرة تحتل المرتبة قبل الأخيرة من حيث قيمة الاعتمادات التي تخصصها لها الدولة سنويا، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا على هشاشة قطاع رياض الاطفال.

وعلى الدولة اليوم أن تقوم بمراجعة شاملة لمنوال التنمية حتى تحدد الأهداف الوطنية الكبرى وان تعطى للأسرة والطفولة حقها من الاهتمام والعناية، بالإضافة إلى مزيد تشريك المجتمع المدني في رسم وبلورة وتنفيذ البرامج الكبرى ودعم اللامركزية ومساندة الأسر محدودة الدخل.

وفي هذا الشأن تعمل وزارة شؤون المرأة والأسرة في برنامجها لسنة 2012 على مراجعة قطاع رياض الأطفال وذلك من خلال إعادة النظر في كراس الشروط المنظم له والسهر على تطبيقه من طرف المصالح الجهوية وتطوير أداء رياض الأطفال على المستويين الهيكلي والتشريعي.

كما تسعى الوزارة ولمواجهة النقص في خدمات بعض رياض الأطفال إلى تنظيم دورات تكوينية وتأهيلية للبيداغوجيين والمنشطين ومراجعة الدليل البيداغوجي والاجتماعي المعتمد بمؤسسات الطفولة باتجاه مواكبة الحاجيات الجديدة للطفل في مرحلة ما قبل الدراسة.

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.