استند فيصل الحيزي الى جدار خارج مبنى البرلمان التونسي ليخفف الحمل عن ساقه المصابة. ورفع بنطاله ليكشف عن ندب في ركبته وكانت قدمه متورمة
مصابو الثورة التونسية يشكون من الإهمال |
استند فيصل الحيزي الى جدار خارج مبنى البرلمان التونسي ليخفف الحمل عن ساقه المصابة. ورفع بنطاله ليكشف عن ندب في ركبته وكانت قدمه متورمة.
وقال الحيزي "ما زالت هناك شظايا في ركبتي".
واضاف وهو يلتفت بينما اغروقت عيناه بالدموع "شخصيا لا أطلب وظيفة أو إرسالي للخارج للعلاج. أريد فقط رعاية صحية خاصة حتى أتمكن من العمل والاعتناء باطفالي".
وبعد أكثر من عام على الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في يجانفي 2011 يشكو كثيرون من بين المئات الذين أصيبوا على يد الشرطة من أن مستوى الرعاية الصحية ضعيف ومن بطء المساعدة ويقولون إنهم يعاملون كعبء على الدولة وليس بصفتهم صناع تونس الجديدة.
وبعدما أشادت بهم السلطات الجديدة ووصفتهم بالأبطال الثوريين حصل الكثيرون منهم ومن بينهم الحيزي على ستة آلاف دينار (3800 دولار) كتعويض مع علاجهم على نفقة الدولة.
لكن كثيرين منهم أنفقوا التعويض بالفعل على الرعاية الصحية الخاصة أو العلاح ويقولون إن خطط مساعدة المصابين وأسر الشهداء على المدى الطول أهملت من قبل الجيل الجديد من السياسيين الذين يتنازعون على المناصب والسلطة.
وكان الحيزي يعمل سائقا لسيارة أجرة قبل الثورة، لكنه لم يعد قادرا على العمل منذ إصابته بطلق ناري واضطر للاعتماد على مساعدة من والده المتقاعد لإعالة زوجته واطفاله الثلاثة.
وقال الحيزي "عندما نذهب إلى الصيدلية الحكومية يقولون إن الادوية التي نحتاج لها غير متوفرة لذا يتعين علينا أن نشتريها من مالنا". وأظهر فاتورة تشير إلى أنه ينفق ما يعادل نحو 600 دولار كل ثلاثة أشهر على الأدوية التي يفترض انها مجانية.
وأضاف "في بعض الأحيان كنت أقول للطبيب إنني من مصابي الثورة ويقول لماذا خرجت تحتح?".
ويحتج حوالى 15 شخصا خارج مبنى البرلمان منذ 28 أفريل حيث نصبوا خيمتين على الرصيف مطالبين بتحسين الرعاية الصحية لمصابي الثورة وتوفير وظائف حكومية لهم حتى يتمكنوا من كسب قوتهم.
وبعد تجاهلهم المسؤولون الذين يمضون امامهم في طريقهم إلى داخل أو خارج البرلمان لجأ بعض المحتجين هذا الأسبوع إلى خياطة شفاههم لإظهار أن أصواتهم لم تعد مسموعة بعد 16 شهرا من ثورة قامت من أجل الحرية وفرص العمل والكرامة.
وبعد إزالة قناع طبي يغطي فمه كشف محمد السنوسي عن خيط أسود يتدلى على فمه.
وقال متمتما "نريد رعاية أفضل. علاج خاص أو علاج في الخارج للحالات الحرجة. نريد العدالة للشهداء".
وخاط أربعة رجال أفواههم لجذب الانتباه إلى قضيتهم خوفا من أن تضيع قضيتهم وسط زحام المطالب بفرص العمل والعدالة في مرحلة ما بعد الثورة والتي ترفعها مجموعات تنصب خياما خارج الوزارات في العاصمة.
وقال سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية إن المصابين يعالجون على نفقة الدولة لكن تلبية مطالب بالحصول على وظائف بالدولة ستحتاج وقتا.
وقال لمحطة شمس اف إم "الحكومة أقرت قانونا يضمن وظيفة لجرحى الثورة ولاحد افراد عائلات شهداء الثورة لكن القانون سيتم دراسته في المجلس التأسيسي (البرلمان) في وقت قريب".
لكن الجرحى يقولون إنهم سئموا من الوعود. ويشيرون أيضا إلى حقيقة أن اثنين فقط من رجال الشرطة ادينا حتى الآن باطلاق النار على المحتجين اثناء الثورة.
وسلمت لجنة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات التي ارتكبت خلال الثورة تقريرها النهائي اليوم الجمعة.
ومن المعروف أن أكثر من 300 شخص قتلوا خلال الثورة لكن لا توجد قائمة رسمية بعدد القتلى او الجرحى حتى الآن. ولم يكن هذا من اختصاص بعثة تقصي الحقائق.
واستغرق الأمر أكثر من عام من الضغط الشعبي المتواصل لارسال الأشخاص الذين عانوا من إصابات أكثر خطورة للعلاج في الخارج. ووعدت قطر بعلاج أكثر من 20 في حين سيتم إرسال اخرين إلى ألمانيا أو مكان آخر.
وقال حسام العصيدي "تم اعتقالي يوم 10 جانفي وأفرج عني يوم 12 يناير في القصرين. انضممت الى احتجاج سلمي يطالب بحقوقنا وتعرضت للضرب وكسرت أسناني" ونزع أسنانا صناعية من فمه ليكشف عن وجود فجوة غائرة.
ومثل كثير من المحتجين ينتمي العصيدي إلى القصرين وهي بلدة في وسط تونس الذي يعاني من الاهمال وحيث بدأت الثورة وهي من المناطق التي سقطت فيها أعداد كبيرة من الضحايا.
ويقول العصيدي ان المسؤولين يتعاملون حاليا مع أسر الجرحى والقتلى على انهم مصدر ازعاج. |
رويترز (من لين نويهض وطارق عمارة)
|