الحكومة التونسية تفشل في إنعاش الاقتصاد ومعالجة الملفات الكبرى

بالرغم من التطمينات التي قدمتها الحكومة المؤقتة بخصوص قدرتها على إنعاش الاقتصاد الوطني ومعالجة الملفات الكبرى على غرار التشغيل والتنمية الجهوية فإن المؤشرات التي تنشر من حين إلى آخر من مؤسسات …



الحكومة التونسية تفشل في إنعاش الاقتصاد ومعالجة الملفات الكبرى

 

بالرغم من التطمينات التي قدمتها الحكومة المؤقتة بخصوص قدرتها على إنعاش الاقتصاد الوطني ومعالجة الملفات الكبرى على غرار التشغيل والتنمية الجهوية فإن المؤشرات التي تنشر من حين إلى آخر من مؤسسات مختصة وطنية ودولية تشير إلى تواصل تدهور الوضع الاقتصادي والى عدم توصل السلطات إلى حلول عاجلة وناجعة تكون بمثابة موجات ايجابية تجاه المستثمرين ورجال الأعمال من تونس والخارج

 

وجراء هذا الوضع قررت مؤسسة "ستاندرد اند بورز" الأمريكية، أمس الأربعاء، خفض ترقيم ديون تونس طويل الأجل إلى درجتين مع آفاق مستقرة لتصبح  تونس ضمن قائمة الدول التي تمثل مخاطر في مستوى تسديد ديونها على المدى الطويل.

 

وأضافت "ستاندرد أند بورز" في بيان  أنها لا تعتقد أن "الحكومة الانتقالية التونسية التي تولت السلطة منذ ديسمبر 2011 ستكون قادرة على اتخاذ إجراءات تصحيحية تخولها تصنيفا في الدرجة الاستثمارية في ظلّ تراجع الأحوال الاقتصادية والمالية".

 

وكان البنك المركزي التونسي أكد تباطؤ النشاطات الاقتصادية جراء انخفاض نسبة الصادرات بنسبة 9.1
بالمائة  خلال الربع الأول من سنة 2012، مقابل 10.3 بالمائة خلال نفس الفترة من السنة المنقضية، إلى جانب تراجع أداء القطاع الصناعي وانخفاض نسق الصادرات.

 

واعتبر البنك المركزي أن هذا الوضع مرشح للاستمرار أمام التراجع المسجل لصادرات قطاعات الصناعات الميكانيكية والكهربائية، التي سجلت تراجعا بنسبة 11 بالمائة وصناعة النسيج والملابس والجلود التي انخفض إنتاجها بنسبة 29.6 بالمائة.

 

ومن جهة أخرى، بيّنت معطيات البنك أن الميزان العام للمدفوعات في البلاد أفرز عجزا بقيمة 256.46 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الجاري مسجلا بذلك انخفاضا بنحو 57 بالمائة، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2011.

 

وأشار البنك المركزي إلى أن نسبة التضخّم في البلاد لا تزال في مستويات مرتفعة تقدر بـ5.4 بالرغم من انخفاض مؤشر أسعار الاستهلاك.

 

بالمقابل، توقع صندوق النقد الدولي شروع الاقتصاد التونسي في الخروج بشكل تدريجي من ركوده وتحقيق انتعاش نسبي خلال الأشهر القادمة، وذلك بتحقيق نسبة نمو بـ2.2 بالمائة في الناتج الداخلي الخام التونسي خلال 2012 ونسبة 3.5 خلال عام 2013 بعد أن سجل نموا سلبيا في سنة 2011 بنسبة 0.8 بالمائة.

 

كما توقعت المؤسسة النقدية العالمية أن يبلغ المعدل السنوي للتضخم في تونس نسبة 5 بالمائة مع نهاية 2012 مقابل 3.5 في 2011 مع توقعات بتقلص هذه النسبة إلى 4 بالمائة عام 2013.

 

فيما توقعت ركود الميزان التجاري التونسي خلال الفترة الممتدة من 2012 إلى 2013 مع نمو سلبي للناتج الداخلي الخام بنسبة 7 بالمائة.

 

وتشير معطيات الصندوق إلى تقلص معدلات البطالة في تونس بشكل تدريجي لتمر نسبتها من 18.9 بالمائة خلال عام 2011 إلى 17 بالمائة في 2012 ثمّ إلى 16 بالمائة في 2013.

 

أما قانون المالية الذي تسعى الحكومة المؤقتة من خلاله إلى تحقيق أكثر ما يمكن من مطالب مختلف الفئات الاجتماعية وتدارك النقص على مستوى البنية التحتية والتجهيزات الجماعية بين الجهات دون الانزلاق في التداين المجحف، فإنه يحتوى على العديد من النقائص والسلبيات يكفى أنه لا يختلف كثيرا عن منوال التنمية الذي انتهجه النظام السابق وأثبت فشله حتى أنّ عدة مصادر مطلعة أكدت أن مهندسي الميزانية هم نفس الأشخاص الذين كان يعتمد عليهم سابقا.

 

كما فشلت الحكومة في التعامل مع الاعتصامات والاحتجاجات، فتارة تستعمل القوة المفرطة وتارة أخرى تنتهج سياسة اللامبالاة وتقطع الحوار.

 

وقد عرف الاقتصاد التونسي صعوبات كبيرة ناجمة عن الاضطرابات الاجتماعية والإضرابات التي عطلت الدينامكية الاقتصادية، مما أجبر حوالي 200 شركة أجنبية على غلق أبوابها بحثا عن وجهات تجارية أخرى.

 

كما انجر عن هذه الأزمة فقدان حوالي 15 ألف موطن شغل مع بلوغ معدلات البطالة أكثر من 18% وارتفاع التضخم بنسبة 5.4 % وتسجيل نسبة نمو سلبية تقدر بـ 2% تحت الصفر.

 

من جهة أخرى، لم تتمكن الحكومة المؤقتة من تمرير مشاريع قوانين إلى المجلس الوطني التأسيسي من شأنها أن تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتنظيم الانتدابات بالوظيفة العمومية، علاوة على تأخرها في الإعلان عن المشاريع التنموية الكبرى بالجهات بالرغم من أنها أعلنت منذ فترة أنها ستعلن عن ذلك مباشرة بعد الانتهاء من مصادقة المجلس التأسيسي على البرنامج التكميلي لميزانية الدولة.

 

كما أنها مازالت مترددة في فتح الملفات الكبرى وطرحها في حوار وطني شامل على غرار الديوانة والجباية والشروط المتعلقة بإحداث المؤسسات الصغرى والمتوسطة والقروض التنموية والاستثمارية والتي تطرح العديد من الإشكاليات حول مدى تماسك الاقتصاد الوطني.

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.