قالت هيومن رايتس ووتش، أمس الاثنين، إن العديد من ضحايا العنف البوليسي الذي وقع أثناء الثورة التونسية لم يتلقوا رعاية مناسبة، ولم تقدم لهم الحكومة تعويضات كافية عن إصاباتهم….
“هيومن رايتس”: جرحى الثورة التونسية لم يتلقوا رعاية مناسبة |
قالت هيومن رايتس ووتش، أمس الاثنين، إن العديد من ضحايا العنف البوليسي الذي وقع أثناء الثورة التونسية لم يتلقوا رعاية مناسبة، ولم تقدم لهم الحكومة تعويضات كافية عن إصاباتهم.
وبعد مرور 17 شهرا على الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، مازال العديد من جرحى الثورة يعتمدون على المساعدات الخيرية، ويعانون من الآلام والإعاقات والحاجة بسبب فشل الحكومة في تمكينهم من التعويض اللازم.
واستنادا إلى التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق التي أنشأتها الحكومة الانتقالية الأولى، الذي صدر يوم 4 ماي 2012، خلّفت الاحتجاجات الشعبية 132 قتيلا و1452 جريحا في الفترة المتراوحة بين 17 ديسمبر 2010 و14جانفي 2011.
كما قال التقرير إن معظم هذه الإصابات كانت ناتجة عن إطلاق النار، وأن 345 شخصا أصيبوا بجروح بليغة بسبب الإصابة برصاص الشرطة، وهو ما تسبب في بتر أطرافهم أو في إعاقات جسدية أخرى.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "لقد تعرض هؤلاء الأشخاص إلى الإصابة أثناء دفاعهم عن الحرية، ولذلك يتعين على الحكومة ألا تدير لهم ظهرها، وألا تضيع مزيدا من الوقت كي توفر لهم الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها ـ مجانًا إذا كانوا لا يستطيعون تحمل تكاليفها".
والتقت هيومن رايتس ووتش بـ 12 جريحا من جرحى الثورة الذين أصيبوا إصابات بليغة، وتحدثوا عن حياتهم اليومية ومعاناتهم منذ الإصابة.
وعلى سبيل المثال، أصبح الأشخاص الذين أصيبوا بالشلل في حاجة إلى أكياس القولون، والعلاج الطبيعي لتجنب تقرحات الفراش، وأفرشة مضادة لتقرحات الجلد، وكراسي متحركة، وأدوية تخفيف الآلام ومضادات تخثر الدم، وصاروا يعتمدون على التبرعات الإنسانية في توفير المال للرعاية الصحية المُطولة التي يحتاجون إليها.
إضافة إلى ذلك، لا يستطيع العديد من الجرحى العودة إلى وظائفهم، فقد فقدوا فرصهم في العمل والدراسة، وتسبب ذلك في معاناتهم ومعاناة عائلاتهم معهم. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على الحكومة تعويض الضحايا عن جميع الأضرار الناجمة عن إصاباتهم بسبب استعمال الشرطة للقوة المفرطة وبشكل غير قانوني أثناء الانتفاضة.
ويجب أن تشمل التعويضات جبرا عن فقدان فرص الدراسة والعمل والأرباح الأخرى التي لم تكن لتفقد لولا الجرائم المرتكبة.
وقامت السلطات الانتقالية في تونس مباشرة بعد الثورة بتوفير رعاية صحية عاجلة للجرحى، معتمدة إجراءات تم من خلالها دفع تعويضات مالية محدودة للمصابين.
ولكن العديد ممن تلقوا رعاية صحية في المستشفيات العمومية وجدوا أنفسهم يواجهون عراقيل منعتهم من مواصلة تلقي العلاج.
وكانت أنواع مختلفة من الأدوية والعلاج الطبيعي والعلاج طويل المدى غير متوفرة في هذه المستشفيات، وان توفرت في العيادات الخاصة، فإنها تكون باهظة التكلفة وتتجاوز إمكانيات الجرحى.
وعلى اثر خلع بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011، استلمت حكومة انتقالية السلطة ونظمت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي جرت في 23 أكتوبر 2011. وبعد هذه الانتخابات، عيّن المجلس التأسيسي حكومة انتقالية ثانية لتسيير الأعمال، بينما ينكب المجلس على صياغة دستور جديد سوف يوفر قاعدة لانتخابات عامة.
وينص القانون الدولي على حق الأشخاص الذين يتعرضون إلى إصابات بسبب استعمال وكلاء الدولة للقوة المفرطة وغير القانونية في الحصول على تعويضات مناسبة وسريعة على الضرر الذي لحق بهم، بما في ذلك الرعاية الطبية وإعادة التأهيل.
ولا يعفي إسقاط الحكومة التي كانت في السلطة عند ارتكاب التجاوزات الحكومة التي حلت محلها من تنفيذ التزاماتها بشكل كامل.
وتكفل معاهدات حقوق الإنسان الدولية واجب التعويض لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتعترف بذلك أيضًا المحاكم الدولية.
وتنص مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن الحق في الإنصاف والجبر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، الذي يُنظم القواعد الحالية للقانون الدولي، على حق الضحايا في الحصول على تعويض فوري عن الضرر الذي أصابهم.
ويتعين على الحكومة أن تعطي أولوية لإنشاء آلية مستقلة، وفقا للمادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لتقييم احتياجات جرحى الثورة وتمكينهم من التعويض المستحق بشكل شفاف.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يمكن للمجلس الوطني التأسيسي إصدار مرسوم يتعلق باعتماد برنامج تعويض عبر إنشاء لجنة مستقلة متعددة الاختصاصات للإشراف عليه.
ويعهد إلى هذه الآلية بتحديد الضحايا وتسجيلهم، وإعداد قائمة نهائية بجرحى الثورة، وتقييم طبيعة إصابات الجرحى حالة بحالة اعتمادًا على أوضاعهم الصحية والاجتماعية.
ويجب أن تتضمن هذه الآلية برامج صحية ونفسية وقانونية لها صلاحيات التنسيق واتخاذ الخطوات العاجلة مع الإدارات الحكومية المعنية في التعامل مع الحالات الطبية المستعجلة.
إضافة إلى ذلك، يتعين على المحاكم العسكرية، أثناء محاكمة الجرائم المرتكبة خلال الثورة، تحديد مستوى التعويض الذي سوف يمنح للضحايا وفقا للمعايير الدولية.
|
|