بعد أن تفاجأ التونسيون مساء الأربعاء بدعوة زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وتيارات اسلامية أخرى للتظاهر يوم الجمعة ، كانت مفاجئتهم اكبر عندما علموا مساء الخميس وصباح الجمعة بالتغير التام ( بنسبة 180 درجة ) في مواقف الاطراف التي دعت بشدة إلى التظاهر، وأيضا ببلاغ وزارة الداخلية القاضي بمنع كل أشكال التظاهر يوم الجمعة …
“حزم ” الداخلية يُعيد الهدوء للشارع ، فهل تختفي نهائيا أعمال العنف والتخريب ؟ |
بعد أن تفاجأ التونسيون مساء الأربعاء بدعوة زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وتيارات اسلامية أخرى للتظاهر يوم الجمعة ، كانت مفاجئتهم اكبر عندما علموا مساء الخميس وصباح الجمعة بالتغير التام ( بنسبة 180 درجة ) في مواقف الاطراف التي دعت بشدة إلى التظاهر، وأيضا ببلاغ وزارة الداخلية القاضي بمنع كل أشكال التظاهر يوم الجمعة ..
ورغم ذلك عاش التونسيون – لا سيما بالمدن الكبرى – طيلة يوم الجمعة حالة من الذعر بسبب الخوف من امكانية اندلاع أعمال عنف و حرق تخريب على غرار ما حصل يومي الاثنين والثلاثاء .
وتواصلت المفاجآت بمشاهد التعبئة الامنية الكبرى التي عرفتها العاصمة يوم الجمعة وهو ما أكد للمواطنين أن وزارة الداخلية كانت جادة في قرارها بل وستعمل على تطبيقه " بكل حزم " .
وبالفعل مرّ يوم الجمعة هادئا للغاية وقال شهود عيان أنه كان الجمعة الأكثر هدوء على الاطلاق منذ الثورة .
و مما زاد في تأكيد عودة الهدوء هو الغاء حظر التجول مساء الجمعة بعد تفعيله ليلتي الاربعاء والخميس الماضيين ، فضلا عن الانتشار المكثف للجيش في بعض المناطق الحساسة بعد أن تراجع في الاشهر الاخيرة.
وكان زعيم حركة النهضة ومحسوبين على تيارات اسلامية قد دعوا إلى التظاهر السلمي يوم الجمعة للدعوة لحماية المقدسات الاسلامية وذلك على خلفية حادثة معرض قصر العبدلية .
وجاءت هذه الدعوات للتظاهر في وقت كانت فيه البلاد محتاجة إلى من يُهدأ الخواطر ويدعو للمحافظة على الأمن العام ويجنبها الفوضى وأعمال الحرق والتخريب التي جدت يومي الاثنين والثلاثاء .
ويتداول الملاحظون والرأي العام في تونس منذ يومين أخبارا مفادها أن القدوم السريع والمفاجئ لمبعوث الاتحاد الأوروبي لتونس يوم الخميس الماضي كان وراء إلغاء المسيرة التي دعا إليها راشد الغنوشي وممثلون عن التيارات الاسلامية الجمعة .
وكان الممثّل الخاصّ للاتحاد الأوروبي لمنطقة جنوب المتوسّط برناردينو ليون قد ذكر خلال زيارته الخميس إلى تونس أن " أوروبا لن تسمح بالمساس بمصلحة تونس من قبل أطراف تريد زعزعة استقرارها ولا تؤمن بدولة القانون والمؤسّسات والقيم الديمقراطية التي دعا إليها شباب تونس".
ويدور حديث في كواليس الساحة السياسية منذ يومين عن " تدخل قوي لقوى أجنبية " لفرض الاستقرار والهدوء الامني والسياسي في تونس ومنع كل أشكال التطرف الديني أو غيره .
ومن هذه القوى الاجنبية يذكر الملاحظون الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية الذين قد يكونا بذلا مجهودات سرية كبرى في اليومين الاخيرين والتقيا بأبرز القيادات في البلاد قصد حثها على فرض الاستقرار الامني والسياسي بالبلاد و توخي الحكمة والحذر في قيادة البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية إلى حين اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية .
وكانت قوى أجنبية قد أشادت طيلة الاشهر الماضية بنجاح تونس في قطع خطوات عملاقة في مسار الانتقال الديمقراطي خصوصا بعد النجاح في تنظيم انتخابات أفرزت حكومة منتخبة ومجلسا تأسيسيا ، ولا تزال تشيد إلى اليوم بالاستقرار الملحوظ الذي تعيشه البلاد عكس دول أخرى شهدت ثورات .
ويؤكد الملاحظون أن هذا التدخل ليس تدخلا في الشأن الداخلي لتونس ولا يصنف ضمن المس من سيادة البلاد وإنما يندرج في إطار الجهد الدولي لفرض الشرعية والديمقراطية ونبذ العنف والتطرف في شتى دول العالم .
وبعيدا عن كل ما يدور في الكواليس ، وبقطع النظر عن كل التجاذبات السياسية الداخلية والخارجية فان ما ينتظره التونسي اليوم من حكومته هو أن تكون أكثر حزما وفطنة في فرض الهدوء والاستقرار وفي التعامل الامني المحكم مع كل محاولات حرق وتخريب البلاد ، لان ذلك كفيل لوحده بتحقيق التطور والنمو والاستقرار في بقية المجالات .
|
وليد بالهادي
|