النهضة تستنجد برموز التجمّع… فأين القطع مع الماضي؟

مرّة أخرى وجّهت حركة النهضة الإسلامية ضربة جديدة للثورة التونسية، التي قامت على أساس القطع مع الماضي وخصوصا مع أزلام النظام البائد.

ففي كلّ مرّة تطل علينا إحدى الوجوه التجمعية السابقة لتلتحق بطاقم حمادي الجبالي الحكومي، وآخرها كان للشاذلي العياري محافظ البنك المركزي الجديد، الذي مجّد بن علي في كتابه "طموح وتحديات" وزكى تنقيح الفصل 61 من المجلة الجزائية الذي جرّم منتقدي السياسة الاقتصادية لبن علي.

لكن شيخ حركة النهضة راشد الغنوشي رضي الله عنه وأرضاه رأى أن علاقة الرجل بالتجمّع المنحل كانت "خفيفة" فبايع تنصيبه ومنح له صك الغفران ومدح كفاءته وكأن الكفاءة صارت حكرا على التجمعيين ولا تتوفر لدى غيرهم.

وفي جلسة الثلاثاء الماضي لم يتراجع نواب حركة النهضة قيد أنملة على المصادقة على قرار تعيين الشاذلي العياري لتمرير قرار حكومة الجبالي رغم سيل التهم والانتقادات الموجهة إلى الشاذلي العياري، الذي اعتبر تعيينه حتى المستشار السياسي في الحكومة المؤقتة لطفي زيتون بمثابة تجرع للسمّ.

إنّ المتابع للشأن العام يلاحظ أنّ حركة النهضة لم تلتزم بمبادئ الثورة التونسية القائمة على القطع مع الماضي ومحاسبة رموز النظام السابق. بل بالعكس قامت بتعيين بعض الرموز التجمعية بأعلى المناصب والرتب ومن بينهم الحبيب الصيد مدير أمن سابق بعهد بن علي كمستشار أمني حالي للجبالي برتبة وزير، ووالي سوسة السابق في عهد الرئيس المخلوع عمر النصايري، الذي عيّن مديرا لديوان رئيس الحكومة برتبة وامتيازات وزير.

كما تمّ سابقا تعيين محمود بن فضل الرئيس المدير العام السابق للوكالة الفنية للنقل مستشارا بديوان وزير النقل، رغم إعفائه من منصبه بعد الثورة ، وذلك بتعلة الاستفادة من كفاءته.

هذا فضلا عن تعيين نجيب الورغي رئيسا مديرا عاما لشركة السنيب لابراس وهو المدير السابق لجريدة "لورونوفو" الناطقة بلسان التجمع، وكأن الساحة الإعلامية تفتقر لكفاءات نزيهة وغير مورطة في مناشدة الرئيس السابق.

فإذا كانت حركة النهضة تسعى للمصالحة مع رموز النظام السابق فلماذا لا تشهر ذلك للناس وتفك نفسها من عناء الخطاب المزدوج؟