بعد أن رفض نواب حركة النهضة بلجنة الحقوق والحريات بالمجلس التأسيسي التصويت على مقترح فصل دستوري (الفصل28) هذا نصّه: “تضمن الدولة حقوق المرأة ومكتسباتها في جميع الميادين ولا يمكن سن قوانين تنتفض منها بأي حال من الأحوال. وتعمل الدولة على القضاء على كل أشكال التمييز والعنف المادي والمعنوي ضد المرأة”، قام نواب الحركة بالتصويت على مقترح ثان ينطوي
المرأة التونسية تنتفض ضدّ مشروع "النهضة" في الدستور |
بعد أن رفض نواب حركة النهضة بلجنة الحقوق والحريات بالمجلس التأسيسي التصويت على مقترح فصل دستوري (الفصل28) هذا نصّه: "تضمن الدولة حقوق المرأة ومكتسباتها في جميع الميادين ولا يمكن سن قوانين تنتفض منها بأي حال من الأحوال. وتعمل الدولة على القضاء على كل أشكال التمييز والعنف المادي والمعنوي ضد المرأة"، قام نواب الحركة بالتصويت على مقترح ثان ينطوي، حسب كثير من المراقبين، على مواطن لبس وغموض حول مبدأ المساواة والعدل بين الجنسين لتكون المرأة ضمنه "مكمّلة" للرجل، مما جعل حقوق ومساواتها المرأة أحد أبرز التحديلات المطروحة أمام المجتمع المدني.
وينصّ المقترح الثاني الذي مرروه بأغلبية 12 صوتا (9 للنهضة و1 لحزب المؤتمر و1 للحزب الثقافي الوحدوي، مقابل 8 أصوات كان أصحابها من مؤيّدي المقترح الأول) على أن "تضمن الدولة حماية حقوق المرأة ودعم مكاسبها باعتبارها شريكا حقيقيا للرجل في بناء الوطن ويتكامل دورهما داخل الأسرة. تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمل في مختلف المسؤوليات. تضمن الدولة القضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة".
لكنّ اعتبرت عديد الجمعيات الحقوقية والنسائية أن هذا المقترح ينطوي على مواطن لبس وغموض تمثل منفذا لضرب حقوق ومكتسبات المرأة التونسية، وأصبحت الكثير من النساء يشعرن بنوع من القلق والتوجس خوفا على ضياع حقوقهن ومساواتهن مع الرجل في ظلّ حكم الإسلاميين.
وفي السياق، تقول فتحية السعيدي أستاذة علم اجتماع و هي ناشطة سياسية للمصدر إنّ المصادقة على المشروع المذكور هو "ارتداد" على أهداف الثورة، واصفة الفصل الدستوري الذي مررته حركة النهضة بأنه يخدم مصالح "أقليات رجعية معادية للحرية والتقدم".
وأشارت إلى أنّ جل القوانين الدولية تضمنت مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة، مذكرة بأنّ تونس بعد الاستقلال كانت من أول الدول المتبنية لهذا المبدأ لا سيما وأن مجلة الأحوال الشخصية كرست في فصولها المساواة بين الرجل والمرأة على أساس التناصف لا على أساس التبعية والتكامل.
وتعتبر المرأة التونسية، مقارنة بنظيراتها في العالم العربي وحتى الأوروبي، الأكثر تمتعا بالحقوق الليبرالية. فقد حصلت على حقّ التصويت في الانتخابات قبل المرأة السويسرية، واستخدمت حبوب منع الحمل قبل أن تستخدم في فرنسا.
ومنع القانون التونسي منذ عام 1956 تعدد الزوجات، ومنذ ذلك الحين هناك مساواة في الحقوق بين النساء والرجال، سواء في التعليم أو سوق العمل. كما لهنّ الحق في طلب الطلاق، ولا يجوز لأحد إجبارهن على الزواج.
وتقول دليلة مصدق ناشطة الحقوقية بشبكة "دستورنا" للمصدر إنّ مبدأ المساواة التامّة بين الرجل والمرأة في الدستور التونسي "لا تراجع عنه"، فيما تؤكد الصحفية خولة شباح أن المرأة في تونس "لن تسمح" بثغرات قانونية في الدستور من شأنها أن تستنقص قيمة المرأة التونسية، معتبرة أن مثل هذا القانون هو "رجوع إلى الوراء".
يشار إلى أنّ مسيرة حاشدة تنتظم مساء الأحد، أي قبل يوم واحد من الاحتفال باليوم الوطني لعيد المرأة (13 أوت) دعت إليها منظمات وأحزاب سياسية وجمعيات حقوقية مثل الاتحاد العام التونسي للشغل ومجموعة من الأحزاب السياسية مثل الحزب الجمهورية والمسار الاجتماعي والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والنساء الديمقراطيات وغيرها، وذلك من أجل التمسك بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدستور التونسي الجديد، والدفاع عن مكتسبات المرأة التونسية ضدّ محاولات التقزيم والتسلط والوصاية.
وكانت فريدة العبيدي نائبة عن كتلة النهضة رئيسة لجنة الحقوق والحريات صرّحت لإحدى وسائل الإعلام أن المرأة لا تتساوى في الحقوق والواجبات مع الرجل وحقوقها تندرج في إطار التكامل مع الرجل وليس من خلال استقلالها بذاتها، معتبرة أنه ليس هناك وجود لمساواة تامة بين الجنسين.
وأثار هذا التصريح جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنّ بعض قيادات حركة النهضة حاولت إنقاذ الموقف. واعتبر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أنّ تصوير موقف الإسلاميين من أنهم لا يساوون بين النساء والرجال هو افتعال من بعض الأطراف لمعركة موهومة، مؤكدا أنّ مسألة المساواة اتّفق عليها التونسيين منذ عشرات السنين وأنّ النهضة لم تتراجع عن مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وفق قوله. |
بسام حمدي
|