أثار الفيلم الجديد للكاتب والمخرج التونسي يسري بوعصيدة بعنوان “القناص” انتقادات لاذعة في صفوف عدد من الإعلاميين والنقاد السينمائيين الذين حضروا اليوم الثلاثاء لمتابعة العرض الأول لهذا الشريط التلفزي، الذي لا تزيد مدّته عن 60 دقيقة…
فيلم “القناص”.. عندما يصبح الشهيد متورطا في خيانة امرأة لزوجها! |
أثار الفيلم الجديد للكاتب والمخرج التونسي يسري بوعصيدة بعنوان "القناص" انتقادات لاذعة في صفوف عدد من الإعلاميين والنقاد السينمائيين الذين حضروا اليوم الثلاثاء لمتابعة العرض الأول لهذا الشريط التلفزي، الذي لا تزيد مدّته عن 60 دقيقة.
و"القناص" من بطولة ثلّة من الفنانين المعروفين أمثال محمد علي بن جمعة وأحمد الأندلسي وفاطمة الزهراء معطر ومنير العرقي وغازي الزغباني ومحمد الغزواني ولسعد بن يونس، مع أول ظهور للممثل نجيب المولع بالفنون القتالية، ومغنية شابة تدعى رحمة، عملت مع فرقة أنصار المسرح بأريانة.
وقد نجح عنوان الفيلم في كسب اهتمام الكثير من المتابعين للشأن الثقافي والسياسي، وذلك لما يحيله من إشارات إلى ملفات حساسة مرتبطة بملف شهداء وجرحى الثورة والمحاكمات العسكرية وما يحوم حولها من اتهامات، بعدم كشف الحقائق والتساهل مع المتهمين، من قبل أهالي الضحايا وكثير من الحقوقيين.
تقنيا، لم يكن سيناريو الفيلم الذي كتبه بنفسه المخرج يسري بوعصيدة متماسكا بسبب غياب أهم عنصر في السيناريو وهو "العقدة" التي يفترض أن يواجه فيها بطل الفيلم الكثير من المصاعب، لتنتهي في النهاية بعنصر الانفراج، وهو ما فسر غياب عنصر التشويق طيلة هذا الفيلم الذي قيل عنه إنه من النوع الحركي البوليسي.
كما طغى على الفيلم الكثير من الحوار بدلا من التركيز على الصورة، وهو ما شتت انتباه المتفرج في كثير من الأحيان بسبب ضياع عدّة التفاصيل في الكلام بين الشخصيات.
لكن أكثر شيء أثار استياء الملاحظين هو نهاية الفيلم، الذي يروي قصة يروي قصة مغترب تونسي قضى 16 سنة خارج البلاد لأسباب مجهولة يعود إلى الوطن سنة بعد اندلاع الثورة ليكشف القناص الذي اغتال شقيقه الصحفي في أحداث سيدي بوزيد.
ففي ظلّ غياب أي حديث عن الوقائع والاحتجاجات والضجة، التي صاحبت ملف شهداء وجرحى الثورة وملف القناصة الغامض، والذي ما زال سره مستمرا إلى اليوم بسبب تعطل عملية العدالة الانتقالية والكشف عن القتلة الحقيقيين، جاءت نهاية الفيلم على غير ما كان يتطلع إليه الجمهور.
إذ تبين من خلال عملية التفتيش -التي يقوم بها بطل الفيلم "نجيب" المولع بالفنون القتالية والذي ركز المخرج على عضلاته وقوته البدنية من خلال ثلاث معارك متتالية ضدّ بعض "الأشرار"- أنّ "القناص" الذي قتل أخيه "شكيب" في أحداث سيدي بوزيد ليس سوى رجل أمن اشتبه في علاقته بزوجته، التي كانت شاهدة عيان على الجريمة وأصيبت على غثرها بصدمة أدخلتها إلى مستشفى الأمراض العقلية "الرازي".
ومن خلال نهاية الفيلم لم يعد هناك بالتالي ما يسمى بـ"القناص" باعتبار أن ما وقع في أحداث الفيلم هو جريمة قتل عادية، كما لم يعد هناك ما يسمى بـ"الشهيد"، باعتبار الضحية ليس سوى شخص متورط في خيانة امرأة لزوجها.
ويرى البعض أنّ هذه النهاية قد "قتلت" الفيلم وأفرغت قضية "القناصة" من محتواها الأصلي، كقضية وطنية هزت الرأي العام، لتتحول إلى قضية "مميعة" تتمثل في جريمة قتل عادية.
وليس في هذا النقد أي استنقاص من قيمة المخرج المعروف يسري بوعصيدة الذي أنتج عديد الأفلام الوثائقية والكارتونية، وإنما مجرد ملاحظات على الفيلم.
ولمعرفة رأي المخرج تجاه هذه الانتقادات يقول يسري بوعصيدة للمصدر "هناك من لم يقتلع بأنه فيلم خيالي درامي وليس فيلم وثائقي أو نشرة أخبار تتحدث عن القناصة".
ويضيف "لقد اقتبست قصة الفيلم من موضوع القناصة لكني لست لجنة تقصي الحقائق ولا أدعي محاولة الكشف عن حقائق أو توثيق أحداث (…) أنا صاحب كاميرا أصور المجتمع كما هو واعبر عن آراء المجتمع لا أكثر ولا أقل".
ويتابع "الفيلم طرح كل الفرضيات تقريبا عن المشتبه بتورطهم في موضوع القناصة، مثل أمن الدولة أو خلية من خلايا بن علي أو الطرابلسية أو تصفية حسابات أو أمور شخصية".
ويمضي قائلا "هو فيلم يتيح فرصة جديدة لإعادة التفكير حول ملف القناصة لكن فيلم خيالي يجب أن تكون له نهاية وفقا لأبجديات العمل الدرامي ".
|
خميس بن بريك
|