ضعف تعامل قوات الأمن مع التظاهرة الاحتجاجية أمام السفارة الأمريكية بتونس بشكل رهيب وسط غياب تكتيك أمني استباقي ومحكم لتأمين الحماية اللازمة للسفارة بالرغم من ورود المعلومات عن توجه مئات المتظاهرين أغلبهم من التيار السلفي الجهادي إلى منطقة البحيرة بعد صلاة الجمعة
علي لعريض يخفق في حفظ الأمن.. فمتى الاستقالة؟ |
ضعف تعامل قوات الأمن مع التظاهرة الاحتجاجية أمام السفارة الأمريكية بتونس بشكل رهيب وسط غياب تكتيك أمني استباقي ومحكم لتأمين الحماية اللازمة للسفارة بالرغم من ورود المعلومات عن توجه مئات المتظاهرين أغلبهم من التيار السلفي الجهادي إلى منطقة البحيرة بعد صلاة الجمعة، مما ساهم في تأجج الوضع الذي أسفر عن سقوط قتيلين والعشرات من الجرحى في صفوف المتظاهرين ورجال الأمن، على حد السواء.
كما أكد عدد من الصحفيين الذين كانوا على عين المكان أن عدد من رجال الأمن لم يتمكنوا من الصمود أمام غضب المتظاهرين الذين لم يكترثوا بوابل الرصاص الذي كان يطلق باستمرار فتركوا تجهيزاتهم وسياراتهم وفرّوا من مواقعهم، فيما استولى المتظاهرون على هذه التجهيزات والمتمثلة بالخصوص في الخوذات والواقيات التى يستخدمها رجال الأمن في أحداث العنف.
إنّ فشل وزارة الداخلية في تقدير الأمور والاحتمالات حول ما قد يحصل في الاحتجاجات ضد الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى خبراء أمنيين لتأكيده، فحادثة السفارة الأمريكية التي تعد سابقة تاريخية لم تشهدها تونس من قبل هي ثمرة صمت لا ندري إن كان مقصودا من وزارة الداخلية على تجاوزات السلفيين الذين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وأصبح عنفهم يزداد يوما بعد يوم شكل خطرا على صورة تونس ووضعها الوطني والاقليمي.
كما ذكرت مصادر متطابقة وجود منافذ غير مؤمنة بمنطقة البحيرة حيث توجد السفارة الأمريكية ذات المساحة الشاسعة التى يعرف عنها التونسيين بأنها تحت حراسة مشددة.
وتتحمل وزارة الداخلية الأخطاء الأمنية التي صاحبت الاحتجاجات أمام السفارة الأمريكية ويتقدمها الوزير والسجين السياسي السابق في دهاليز الداخلية على لعريض، الذي اكد في تصريح صحفي لتلفزيون فرنسي أنه لم يتوان عن الاستقالة إذا شعر بأنه لم يعد له ما يضيف.
كما قال ردا على مطلب المفكر يوسف الصديق في حوار تلفزي أمس بالتلفزة الوطنية بتقديم الاستقالة أنه ليس معتادا على الهروب إلى الوراء في وقت الأزمات، وهو ما يعني أنه متشبث بهذا المنصب، الذي لم يجني منه سوى الأزمات وتوتر الوضع في البلاد.
لقد أظهر علي لعريض قلة دراية بالمسائل الأمنية وكانت حساباته السياسية في التعامل مع المتظاهرين هي الطاغية في عمله داخل هذه الوزارة، مما أدى إلى تواتر أعمال العنف خصوصا من قبل التيار السلفي، وظهرت ممارسات مخلة بالقانون من قبل بعض رجال الأمن، وهو ما يطرح تساؤلا عن مدى سير علي العريض في مشروع إصلاح منظومة الأمن؟
ولقد مثلت حادثتى وفاة مواطن تونسي بعد تعرضه للتعذيب بأحد المراكز الأمنية واغتصاب فتاة من قبل عوني أمن فضيحة في أول حكومة شرعية بعد الثورة سيما بعد أن اضطرت وزارة الداخلية إلى إيقاف المتورطين بعد الكشف عن الحادثتين في وسائل الإعلام، وهو ما يثير الشكوك حول صمت هذه الوزارة عن تجاوزات أعوانها خاصة وقد سبقتها عمليات مشابهة كتعرض موقوفيين في أحداث عنف واحتجاجات في صفاقس وسيدى بوزيد والحنشة إلى التعذيب.
ولكن وبالرغم من ضعف أداءه فإن استغناء الحكومة المؤقتة عنه قد يقرأ من قبل الملاحظين على أنه اعتراف بعجزها وبمسؤوليتها عن هشاسة الوضع الأمني فى البلاد خاصة وأنّ علي لعريض يعد من أبرز قيادات حركة النهضة وقد تتصرف معها الحكومة على أنها زوبعة في فنجان دون أن تتعظ من عواقبها وتداعيتها وقد تبقى مصلحة تونس العليا بعيدة كل البعد عن بال السياسيين. |
مريم التايب
|