تونس– “فزاعة” 23 أكتوبر تسرّع من تحديد الرزنامة السياسية

تعددت الاتهامات والتجاذبات حول ما يمثله موعد 23 أكتوبر من جدل، الذي أوصل محمد عبو أمين عام حزب المؤتمر إلى حالة من التشنج بلغ بها إلى حدّ المطالبة بإعدام كل من يدعو لإنهاء الشرعية يوم 23 أكتوبر، متهما كل من ادعى نهاية الشرعية بدفع البلاد إلى المجهول…



تونس– “فزاعة” 23 أكتوبر تسرّع من تحديد الرزنامة السياسية

 

تعددت الاتهامات والتجاذبات حول ما يمثله موعد 23 أكتوبر من جدل، الذي أوصل محمد عبو أمين عام حزب المؤتمر إلى حالة من التشنج بلغ بها إلى حدّ المطالبة بإعدام كل من يدعو لإنهاء الشرعية يوم 23 أكتوبر، متهما كل من ادعى نهاية الشرعية بدفع البلاد إلى المجهول.

 

وتراوحت المواقف متباينة حتى لدى المعارضة نفسها بلوغا إلى من يريد الخروج إلى الشارع وإعلان هذا التاريخ نهاية للشرعية وبالتالي مدخلا لإسقاط الحكومة. ولكن الثابت أن هذا الطرح الذي زاده دفعا تبني حركة "نداء تونس" له أحرج كثيرا حكومة الترويكا وأحزابها الثلاثة ويتجلى هذا خاصة فيما جاء في اللقاء الصحفي الأخير لرئيس الحكومة الانتقالية ببعض الصحفيين مساء الجمعة.

 

لقد ابتدأ حمادي الجبالي لقاؤه بالصحافة بالتشديد على توصيف المرحلة الحالية بالانتقالية الثانية وكرّر بإلحاح أن الإعداد السريع للمرحلة التالية التي أسماها بمرحلة التأسيس الدستوري يعد هدفا أسمى ويجب أن يكون كذلك لكل التونسيين بمختلف اتجاهاتهم.

 

واعترف ضمنيا بالتأخير الحاصل في المجلس الدستوري وأعلن بصفة رسمية تبني الحكومة لمبادرة إتحاد الشغل وبرغبتها بأن تتم الاستعدادات والترتيبات الضرورية داخل خيمة الإتحاد تجنبا لمزيد من التجاذبات السياسية. وينسحب هذا على المسائل الخلافية الكبرى ومنها تحديد نظام الحكم ما بين البرلماني والرئاسي المعدل وإعداد القانون الانتخابي وتنظيم الهيئة العليا للانتخابات والنظر في قوانين الإعلام وكلها مع تنظيم العدالة مسائل لا بد من التوافق حولها ليس فقط بين الأحزاب الممثلة في التأسيسي فحسب بل بين أكبر عدد ممكن من مكونات المجتمع السياسي التونسي.

ولئن اعتبر رئيس الحكومة الانتقالية أن موعد 23 أكتوبر لا ينبغي أن يكون فزاعة أو معولا يهدم به أسس الوفاق التونسي المستحدث بعد الثورة، فإنه بما أعلنه من ضرورة تحديد الرزنامة السياسية قبل هذا الموعد وفي غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة وحتى ابتداء من يوم 10 أكتوبر بخصوص تكوين مجلس الأحزاب، يجيب في الواقع على السؤال الذي طرحه موعد 23 أكتوبر حتى وإن نفى ذلك.

 

والواضح أن حركة النهضة قد استشعرت حجم امتعاض طيف كبير من المواطنين من الضبابية ومن البطء الشديد الذي اتسمت به أعمال التأسيسي وتأخر كتابة الدستور وتأخر الاتفاق بخصوص الهيئات التعديلية الكبرى للنظام السياسي.

 

وفي نفس اللقاء الإعلامي تعرض الجبالي لمسألة السلفيين ولئن تحرج من تسميتهم بوضوح مثل ما يفعل كل قياديي حركة النهضة ولئن اجتهد أن يوحي بأن التطرف والعنف قادم أيضا من"جهات أخرى" فإنه سلم بوضوح أن الدولة ستنخرط كليا في تطبيق القانون مهما كان الرأي الذي يحمله "المغالون" كما يسميهم وأنها في هذا لن تتوانى في الذهاب إلى أبعد الحدود مع من يهدد البلاد والعباد.

 

وبخصوص الإعلام حرص الجبالي على التأكيد على عدم نية حكومته المسّ من حرية الإعلام أو التدخل في الشؤون التحريرية، ولكنه دافع بقوة على حق الدولة في تسيير وتعيين المسؤولين الأول بمؤسسات الإعلام العمومي وأكد على ضرورة تفعيل قانوني 115 و116 مع إقراره بأن القانون 116 الخاص بالقطاع السمعي البصري لا بد أن تدخل عليه بعض التعديلات التي يقع الاتفاق حولها في المجلس التأسيسي.

 

وتطرق رئيس الحكومة الانتقالية إلى الوضع الاقتصادي مستغربا من يصف الوضع الحالي بالغموض متعهدا بقرب حل مشكل رجال الأعمال الممنوعين من السفر وكذلك بدعوة رجال الأعمال إلى تسوية وضعياتهم أمام القضاء والإسراع بالعودة للاستثمار والعمل.

 

وهكذا فإن "فزاعة " 23 أكتوبر تكون قد أتت أكلها بدفعها الترويكا الحاكمة إلى أن تحسم أمرها وتعلن عن رزنامة واضحة لبقية الفترة الانتقالية مع الإسراع في كتابة الدستور والوصول إلى حلول توافقية وسريعة لملف الهيئات التعديلية الذي لن يكتمل المسار الانتقالي بدونه…

 

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.