بعد جريمة قتل فتاة بالعاصمة: ظاهرة كراء الشقق المفروشة بالساعة واليوم تثير القلق

أثارت جريمة القتل الفظيعة التي راحت ضحيتها فتاة في مقتبل العمر داخل شقة وسط العاصمة مخصصة للإيجار لفترة قصيرة ردود فعل غاضبة لدى كثير من التونسيين بسبب انتشار مثل هذه الشقق في عدة أحياء بالمدن الكبرى…



بعد جريمة قتل فتاة بالعاصمة: ظاهرة كراء الشقق المفروشة بالساعة واليوم تثير القلق

 

أثارت جريمة القتل الفظيعة التي راحت ضحيتها فتاة في مقتبل العمر داخل شقة وسط العاصمة مخصصة للإيجار لفترة قصيرة ردود فعل غاضبة لدى كثير من التونسيين بسبب انتشار مثل هذه الشقق في عدة أحياء بالمدن الكبرى.

 

وكانت الفتاة المذكورة قد عثر عليها جثة هامدة وسط بركة من الدماء وذلك داخل شقة صغيرة، بعد أن تلقت طعنات بآلة حادة طالت أنحاء مختلفة من جسدها.

 

وقد اتّضح من خلال أولى الأبحاث أن الشقة، مكان الجريمة، خصصها صاحبها على ما يبدو للكراء، لكن بطريقة مشبوهة، حيث كان يسوغها بحساب الساعة أو اليوم أو الليلة لأشخاص مختلفين.

 

ومثل هذه الطريقة في تسويغ الشقق، ليست بجديدة وهي منتشرة منذ سنوات في بعض الأحياء الراقية والشعبية وببعض العمارات وسط العاصمة، و يكون التسويغ ليوم أو لليلة أو لبضع ساعات وبأسعار مختلفة حسب مكان الشقة والتجهيزات والرفاهة المتوفرة بها.

 

ويرى البعض أن تكاثر هذه الشقق أصبح مصدر قلق للسكان القاطنين بجوارها للاشتباه في أنها مخصصة لممارسة الجنس لأن أغلب المترددين عليها يكونون عادة شاب وفتاة أو ليبيين.

 

وعادة ما يتذمّر الأجوار من هذه الشقق بسبب ما يصدر عن متسوغيها من ضجيج وقهقهات عالية وتصرفات مشبوهة وحركية لا تهدأ.

 

وكان أعوان منطقة الأمن الوطني بالمنزه قد أوقفوا مؤخرا 7 شبان و5 فتيات بعد ضبطهم متلبسين بممارسة الجنس في شقة مفروشة وأصدرت النيابة العمومية في حقهم بطاقات إيداع بالسجن.

 

واتضح أن مالك الشقة يُسوغها لفترة تتراوح بين الساعتين والخمس ساعات للشبان والفتيات الراغبين في ممارسة الجنس، مقابل مبالغ مالية كبرى ويستعين في ذلك بـ"سمسار" ليجلب له الحرفاء.

 

وقد غضب القاطنون بجوار هذه الشقة مما يحصل على مرأى ومسمع من عائلاتهم وأبنائهم الصغار فقرروا الاتصال بأعوان الأمن، الذين تحرّكوا بسرعة.

 

وإضافة إلى ما تتسبب فيه هذه الشقق من قلق للأجوار ومن انتهاك لحرمات عائلاتهم ومن اعتداء صارخ على الأخلاق الحميدة، فإن هذه الشقق باتت تمثل اليوم خطرا بسبب ما قد يحصل فيها من جرائم وحوادث مختلفة.

 

فهذه الشقق تكون عادة مكانا مناسبا ليس لممارسة الجنس فقط بل أحيانا لشرب الخمر وتناول المخدرات، وهو ما يُسهل عادة اندلاع المناوشات بين الشاب والفتاة التي ترافقه وينتهي الأمر في بعض الأحيان بارتكاب جريمة تتراوح بين العنف الشديد والقتل، وقد حصلت جرائم عديدة من هذا القبيل داخل هذه الشقق طيلة السنوات الماضية.

 

كما أن هذه الشقق تشهد أحيانا حوادث موت مؤسفة إما بسبب الغاز أو الكهرباء وذلك لعدم اتخاذ أصحابها الاحتياطات اللازمة وعدم صيانة تجهيزاتها لتفادي المخاطر المحتملة.

 

والغريب في الأمر أن أصحاب هذه الشقق ينشرون إعلانات في الصحف وعند الاتصال بهم هاتفيا يُخبرون المتصل انها مخصصة للكراء بالأسبوع أو باليوم والليلة.

 

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشقق يتسوغها أحيانا بعض السياح العرب للأغراض نفسها، وتكون مدة التسويغ عادة لعدة أيام وليس لسويعات أو ليوم واحد.

 

و رغم أن القانون لا يمنع كراء المحلات ليوم واحد أو لليلة أو لساعات، لكنه يشترط إبرام عقد حتى يكون المالك على بينة من هوية المتسوغ ويمكن عندئذ الاتصال به وتحديد مكانه عند حدوث مكروه داخل الشقة.

 

و في مثل هذه الحالات عادة ما يتمكن  الباحثون والمحققون الأمنيون والقضائيون من معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت بالمالك إلى تسويغ محله خاصة فيما يتعلق بالجرائم الأخلاقية، ولا ينفع بالتالي صاحب العقار أن يُنكر معرفته بالسبب الذي تسوغ من أجله المالك محله.

 

وفي هذه الحالة، فإنه قد يواجه تهمة التوسط في الخناء عبر إعداد محل لذلك وهي الجريمة التي نص عليها الفصل 232 من المجلة الجزائية.

 

وأمام انتشار تسويغ الشقق المفروشة لغايات مشبوهة، مع علم مالكها عادة بالغاية الحقيقية من تسويغها، يمكن القول إن الأمر بات يحتاج اليوم إلى تدخل من المشرع قصد ضبط نص قانوني واضح وصريح يردع بصرامة مرتكبي هذه الجريمة حتى لا  تتحول المسألة إلى ظاهرة تهدد بمزيد انتشار بعض المظاهر الإجرامية و الإخلال بالأخلاق الحميدة.

 

وليد بالهادي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.