تونس- كيف يمكن أن ينجح موعد 16 أكتوبر وما يمكن أن يفشله؟

مع اقتراب موعد 16 أكتوبر وبوادر خروج مبادرة إتحاد الشغل من كواليس التحضير إلى حيز الواقع تتراكم الأسئلة عما ينتظر المبادرة من عراقيل. ذلك أنّ العنوان الرئيسي لمبادرة إتحاد الشغل وهو التوافق الوطني يحمل ربما في طياته خلافات لم تحل بعد وقد تعرقل مرة أخرى المسار الذي لا خروج لتونس من وضعها المتأزم الحالي بدونه

تونس- كيف يمكن أن ينجح موعد 16 أكتوبر وما يمكن أن يفشله؟

 
 

مع اقتراب موعد 16 أكتوبر وبوادر خروج مبادرة إتحاد الشغل من كواليس التحضير إلى حيز الواقع تتراكم الأسئلة عما ينتظر المبادرة من عراقيل . ذلك أنّ العنوان الرئيسي لمبادرة إتحاد الشغل وهو التوافق الوطني يحمل ربما في طياته خلافات لم تحل بعد وقد تعرقل مرة أخرى المسار الذي لا خروج لتونس من وضعها المتأزم الحالي بدونه… فما هي الملفات التي ستطرح على المؤتمر الوطني للأحزاب وما مدى مستوى التوافق فيها وعليها اليوم؟

 
ولابد من الإشارة في البدء أن كل العملية مهددة بالانهيار ما لم تكف حركة النهضة وحليفها حزب المؤتمر عن موقفهما المقصي لحركة "نداء تونس" تحت تهمة أن هذه الحزب مظلة للتجمعيين والدساترة… وحتّى إن كان الأمر كذلك فإن أي إقصاء لا يمكن أن يمنع مجموعة من المواطنين من العمل السياسي بتهمة الانتماء إلى التجمع المنحل لأن هذه التهمة, إن قبلنا بها تجاوزا, لا تنطبق على الأغلبية العظمى من قياديي حركة "نداء تونس"…

ويعتبر الوصول إلى رزنامة توافقية للمرحلة الانتقالية الحالية أحد أبرز وأهم الأهداف التي تسعى إليها مبادرة المنظمة الشغيلة والتي انتهى الحزب الحاكم وحليفاه في الترويكا بالقبول بتحديدها تحت ضغط الشارع السياسي والاجتماعي المطالب بهذا التحديد منذ جانفي الماضي.

ولكن تحديد الرزنامة والنقطة الرئيسية فيها وهي موعد الانتخابات, علاوة على اختلاف وجهات النظر حولها بين مجمل الفرقاء والانطباع السيء  الذي تعطيه اختلافات التحديد حتى بين حلفاء الائتلاف الحاكم, يتطلب مسبقا الاتفاق على مختلف المراحل المؤدية إلى نهايتها.

ويبدو أنّ مختلف التقييمات المعلنة حول الموضوع وخاصة التحديد الأخير لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي, تضعنا في الحيز الزمني الممتد ما بين شهري جوان وسبتمبر 2013، وبالتالي فإن النقاشات ستكون حادة في المسألة علاوة على اعتبار الآجال الممكنة "تقنيا" لإجراء انتخابات حسب المعايير الدولية والتي لا تنزل تحت سقف الثمانية أشهر حتى وإن تعلل البعض بأجل الأربعة أشهر التي عملت فيها الهيئة العليا المستقلة لانتخابات أكتوبر 2012.

ولكن الرزنامة المنتظرة رهينة اختيار كبير تختلف حوله الآراء إلى حدّ التضارب وهو المتعلق باختيار نظام الحكم. ولئن لاحت بعض بوادر الانفراج بعد تلميح قياديي النهضة إلى إمكانية تراجعهم عن النظام البرلماني الصرف وقبولهم بنظام معدل، فإن عديد الفرقاء السياسيين ينظرون بعين الريبة إلى هذا التراجع ويخشون أن يكون تراجعا تكتيكيا سيقوم الحزب الحاكم عبره بإفراغ النظام المعدل من محتوياته حتى وإن قبل ظاهريا بانتخاب رئيس الجمهورية بالانتخاب المباشر…

وعلاوة على صعوبة ملف اختيار نظام الحكم ستكون مسألة التنظيم المادي للانتخابات أحد أهم وأعسر ملفات المؤتمر الذي سينطلق يوم 16 أكتوبر… فعلاوة  على الاختلاف الحالي حول تركيبة ومهام وصلوحية واستقلالية الهيئة الخاصة بالانتخابات, لا يوجد إلى حد الساعة أي تصور مجمع عليه للنظام الانتخابي ولتقسيم الدوائر الانتخابية وللمراقبة الحزبية والمستقلة ولكلفة الانتخابات ودور الدولة فيها…

ولإنجاح الانتخابات لابد ضمان الوصول إلى توافق مسبق حول الشرطين الضروريين لها وهما استقلالية الجهاز القضائي والحيادية الكاملة لوسائل الإعلام والعمومية منها بالخصوص. وفي هذا المجال ينتظر أن تمثل إعادة النظر في المرسومين 115 و116 المنظمين لقطاع الإعلام مرحلة مفصلية سوف تتضارب فيها الآراء بحدة خاصة مع الشرخ الموجود حاليا في العلاقة ما بين الإعلاميين والأغلبية الحاكمة… ويمكن في نفس السياق التحدث عن إشكال كبير في مجال القضاء لعدم استجابة السلطة إلى حج الآن إلى الحد الأدنى من الشروط الضرورية لتأسيس الهيئة المستقلة المنظمة للسلطة القضائية…

وهكذا تبدو المؤشرات الكبرى لجدول الأعمال للمؤتمر الوطني للأحزاب غير مبشرة بسهولتها ولكن هذا لا يمنع التفاؤل على كل الأحوال لأن مجرد الوصول لانعقاد الجلسات الأولى من الحوار بين الأحزاب جميعا يعتبر نصر للقوى  الوطنية التي تدرك وتسلم أن العودة إلى الشرعية التوافقية هو اليوم المسلك الوحيد الكفيل بإخراج البلاد من أزماتها الموجعة.

 

علي العيدي بن منصور

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.