منذ صدور الفيديو المسرب لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي على صفحات المواقع الاجتماعية، وبقطع النظر عن الانعكاسات السياسية والاجتماعية لكلام الغنوشي، يتساءل كثيرون عن انعكاساته القانونية التي يمكن أن تنجرّ عنه…
هل تتدخل النيابة العمومية للتحقيق مع راشد الغنوشي؟ |
منذ صدور الفيديو المسرب لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي على صفحات المواقع الاجتماعية، وبقطع النظر عن الانعكاسات السياسية والاجتماعية لكلام الغنوشي، يتساءل كثيرون عن انعكاساته القانونية التي يمكن أن تنجرّ عنه.
وكان هذا الفيديو المسرّب قد تضمن اجتماعا سريّا بين راشد الغنوشي وعدد من قادة التيار السلفي في مقر حركة النهضة تحدث فيه بالخصوص عن تواصل سيطرة "العلمانيين" على الإعلام والإدارة، قائلا بالحرف الواحد إن "جهازي الجيش والشرطة ليسا مضمونين".
ووصف الملاحظون كلام الغنوشي في هذا الفيديو بالخطير خاصّة أنه جاء في وقت حساس للغاية تعيش أثناءه البلاد حالة احتقان شعبي ونقاشات واسعة حول الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية في البلاد.
وفهم كثيرون من كلام الغنوشي أن حركة النهضة الإسلامية ومن ورائها حكومة "الترويكا" لم تضمن إلى حدّ الآن ولاء الجيش والشرطة لها وأنه يجب العمل على ضمان هذا الولاء، رغم أن الجيش والأمن من المفروض أن يكونا جمهوريين أي لا يخضعان لأي ولاء سوى للوطن وللشعب.
وأثار وصف الجيش والأمن "بغير المضمونين" جدلا واسعا لدى الملاحظين وفي صفوف الشارع التونسي خاصة أن كلا الجهازين يُعتبران إلى حدّ الآن محلّ ثقة الشعب نظرا لحيادهما وتحلّيهما – رغم الانتقادات- بالحيادية في التعامل مع الأحداث الموالية للثورة ونظرا لتواصل ثقة الناس في أنهما الضمانة الوحيدة للاستقرار الأمني في البلاد.
ورأى كثير من الملاحظين والحقوقيين أن كلام الغنوشي من هذه الناحية يُعد خطيرا لأنه يقوّض مبدأ "الجيش الجمهوري" و"الأمن الجمهوري" وقد يُشرع بالتالي لإرباك عملهما وزعزعة ثقة الشعب فيهما ويؤسس لانتشار مزيد من الفوضى في البلاد ولتطورات أخرى غير محمودة العواقب.
ودار أمس كلام حول اعتزام عدد من الجامعيين والنقابيين وممثلي المجتمع المدني الإعداد لتقديم عريضة من أجل الدعوة لمحاكمة راشد الغنوشي على تصريحاته ضد المؤسستين الأمنية والعسكرية.
ومنذ ظهور الفيديو، حصل جدل واسع حول صحة الفيديو وحول التوقيت الحقيقي لتسجيله وحول ما اعتبرته حركة النهضة في بلاغ لها "عملية تركيب مفبركة لكلام الغنوشي".
ولتفادي مثل هذا الجدل نادى حقوقيون وملاحظون بضرورة تدخل النيابة العمومية في الأمر واستدعاء راشد الغنوشي والاستماع إلى أقواله والتحقيق بدقة في مصدر الفيديو وفي كل كلمة قالها والتثبت إن كانت هناك عملية تركيب أم لا عبر إجراء التحاليل اللازمة واستدعاء شهود عيان ممن قد يكونوا سربوا الفيديو.
وبالنسبة للجزء المتعلق بالجيش والأمن فإنه يمكن للنيابة العمومية العسكرية أن تتدخل أيضا في الأمر لاستدعاء راشد الغنوشي والتحقيق معه وفق فصول مجلّة المرافعات و العقوبات العسكرية.
وللإشارة فإن النيابة العمومية خاضعة لوزير العدل لكنها تتدخل من تلقاء نفسها لغاية حفظ النظام العام والأمن الاجتماعي والسّهر على تطبيق القانون داخل المحكمة وخارجها والدفاع عن مصلحة المجتمع.
ويبدو أن حركة النهضة قد شعرت بخطورة كلام الغنوشي وبإمكانية تسببه في حصول إجراءات قانونية لذلك سارعت إلى إصدار بيان ذكرت فيه أن "قول الشيخ إن الشرطة غير مضمونة جاء في سياق الحديث عن احتواء كل المؤسسات على أقليات فاسدة مرتبطة بالنظام السابق، وهي التي تعرقل بناء الأمن الجمهوري".
وأضاف البيان أن حركة النهضة "تؤكد ثقتها في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، وتدعو إلى مزيد تطويرها وتوفير الإمكانيات للارتقاء بأدائها".
|
وليد بالهادي |