يلاحظ كثيرون هذه الأيام الظهور المكثف للوزراء ولمسؤولي الدولة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والالكترونية.وبلغ الأمر ببعض الوزراء وكتاب الدولة حد الحضور صباحا في استوديو برنامج إذاعي والمشاركة فيما بعد في برنامج آخر عبر الهاتف ثم الحضور ليلا في برنامج تلفزي، وهذا دون الأخذ بعين الاعتبار الحوارات على الجرائد…
تونس: هل أطنب الوزراء وكتاب الدولة في الظهور الإعلامي على حساب عملهم؟ |
يلاحظ كثيرون هذه الأيام الظهور المكثف للوزراء ولمسؤولي الدولة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والالكترونية.
وبلغ الأمر ببعض الوزراء وكتاب الدولة حد الحضور صباحا في استوديو برنامج إذاعي والمشاركة فيما بعد في برنامج آخر عبر الهاتف ثم الحضور ليلا في برنامج تلفزي، وهذا دون الأخذ بعين الاعتبار الحوارات على الجرائد.
وبقطع النظر عن فحوى مشاركاتهم في هذه البرامج الإعلامية، فإن أغلب الملاحظين يتساءلون عن كيفية قدرة وزير أو كاتب دولة على التوفيق بين مسؤولياته كوزير وبين الحضور الإعلامي المكثف وخاصة من حيث توزيع الوقت.
فالجميع يعلم أن هذه الفترة الاستثنائية التي تمر بها البلاد تتطلب من كافة الوزراء والمسؤولين تكثيف عملهم ومضاعفة المجهودات التي يبذلونها والتواجد باستمرار داخل وزاراتهم ومقابلة المسؤولين العاملين معهم لتبادل الآراء والأفكار والعمل في صمت دون إشهار لما يقومون به وعدم إضاعة الوقت.
لكن ما يعاب على بعض الوزراء هو تخصيصهم وقتا كبيرا لوسائل الإعلام يبدو أنه أطول من الوقت الذي يقضونه داخل مكاتبهم في الوزارات. وكان من المفروض أن يقع تكليف المسؤولين بوزاراتهم لمهمة الظهور الإعلامي.
فأحيانا يبلغ الأمر ببعض الوزراء حدّ السهر في بعض البرامج التلفزية إلى حدود الحادية عشر أو منتصف الليل، وهذا ما سيتسبب حتما للوزير أو للمسؤول في الإرهاق الذهني والجسدي وقد يجد صعوبة عند الالتحاق من الغد بعمله.
ويبلغ الأمر بالبعض الآخر حدّ التوجه للمشاركة في بعض البرامج التلفزية أو الإذاعية في الفترة الصباحية التي تعتبر الأفضل للعمل وللنشاط الذهني والفكري فإذا بالوزير يقضيها في التنقل إلى الإذاعات وسط زحمة المرور وما سينجر عنها من إضاعة للوقت.
ويتهم الملاحظون هؤلاء الوزراء بالجري واللهث وراء الظهور الإعلامي قصد الدفاع عن وجهات نظر حزبية ضيقة وقصد الترويج لأحزابهم في إطار ما يعرف بالحملات الانتخابية السابقة لأوانها.
وأحيانا يتسبب هذا الحضور المكثف للوزراء ولكتاب الدولة في تصريحات مناقضة لبعضها البعض رغم أن الجميع ينتمي إلى حكومة واحدة، كما يتسبب في استفزاز بعض الأطراف ويحدث أحيانا شيئا من "الاحتقان السياسي" لدى الطبقة السياسية لا سيما لدى المعارضة.
كما يتسبب أيضا في شيء من التشويش ومن اختلاط الأمور لدى الرأي العام وفي زخم من المعطيات والمعلومات والأرقام التي لا يحتاجها التونسيون اليوم بقدر ما يحتاجوا إلى عمل فعلي ملموس للوزراء تكون نتائجه ملموسة على أرض الواقع مثل التشغيل والتنمية الجهوية وتخفيض نسبة الفقر.
أما مشاهدة وزير أو كاتب دولة أكثر من مرة في الأسبوع في البرامج التلفزية والاستماع إليه كل يوم في الإذاعات ومشاهدته فهذا لا ينفع المواطن في شيء.
وقد راجت معلومات منذ مدة حول اعتزام رئيس الحكومة حمادي الجبالي تنظيم الظهور الإعلامي للوزراء ولكتاب الدولة تفاديا لكل ما قد يحصل من تضارب في التصريحات أو من سوء فهم لبعض التصريحات ولتفادي التكرار غير المجدي لإعطاء المعلومات لكن يبدو أنه وقع التخلي عن ذلك المشروع.
ويتذمر كثيرون (مواطنون أو ممثلين عنهم – مجتمع مدني– مسؤولون بالوزارات– مسؤولو أحزاب– وغيرهم) من عدم قدرتهم على الحصول على مواعيد لمقابلة الوزراء وكتاب الدولة لأمور أكيدة رغم ما يتلقونه من وعود.
وفي المقابل يشاهدون هؤلاء الوزراء كيف يتنقلون من بلاتو تلفزي إلى آخر ومن محطة إذاعية إلى أخرى .
ويبقى الحل الوحيد لتفادي هذه الظاهرة في ضرورة تنظيم الحضور الإعلامي للوزراء حتى يكون أغلب وقتهم مخصصا للعمل داخل وزاراتهم ليلا نهارا مع تخصيص وقت أقل للظهور الإعلامي حتى لا تختلط الأمور على المواطن، وهو يشاهد في كل ليلة أكثر من وزير على أكثر من قناة تلفزية.
|
وليد بالهادي |