تونس: هل أخطأ وزير الفلاحة المناورة والتعاطي مع ملف الحليب إنتاجا وتصنيعا؟

أخيرا تقرّر الترفيع في أسعار الحليب على مستوى الإنتاج والتجميع والتسويق ليصل للمستهلك بـ1060 مليما للتر الواحد بعد أن كان 970 مليما في خطوة جديدة لمضاعفة كاهل المواطن التونسي، وتحمّل ما لا طاقة له في ماراطون الترفيع في الأسعار الذي انتهجته الحكومة المؤقتة، مقابل التلكّؤ في إقرار صرف المنحة الخصوصية لأعوان الوظيفة العمومية والمقدرة بقيمة 70 دينارا (على مرتين)…



تونس: هل أخطأ وزير الفلاحة المناورة والتعاطي مع ملف الحليب إنتاجا وتصنيعا؟

 

أخيرا تقرّر الترفيع في أسعار الحليب على مستوى الإنتاج والتجميع والتسويق ليصل للمستهلك بـ1060 مليما للتر الواحد بعد أن كان 970 مليما في خطوة جديدة لمضاعفة كاهل المواطن التونسي، وتحمّل ما لا طاقة له في ماراطون الترفيع في الأسعار الذي انتهجته الحكومة المؤقتة، مقابل التلكّؤ في إقرار صرف المنحة الخصوصية لأعوان الوظيفة العمومية والمقدرة بقيمة 70 دينارا (على مرتين).

 

وبالرجوع إلى ملف الحليب نشير إلى أنه استأثر باهتمام الرأي العام الوطني من خلال الضبابية وعدم إلمامه بخفايا الأمور وظلّ مُغيّبا تماما بين تضارب مصالح الأطراف المتدخلة سواء منها الحكومية أو جهات الإنتاج والتصنيع، علاوة على التصريحات غير المسؤولة والمدروسة من العديد من المسؤولين وفي مقدمتهم وزير الفلاحة محمد بن سالم الذي في اعتقادنا أخطأ بنسبة مائوية كبيرة في التعاطي مع هذا الملف الحساس وساهمت تصريحاته في حصول لخبطة كبيرة وأدخلت إرباكا واضحا.

 

والمتابع لهذا الملف منذ بدايته نشير إلى أن وزير الفلاحة ما انفك في العديد من المناسبات أمام مختلف وسائل الإعلام الوطنية منذ تقريبا 3 أشهر يعلن عن الاتفاق بشأن الزيادة في أسعار الحليب على مستوى التجميع، مبرّرا أن الزيادة أكثر من ضرورية للحفاظ على القطاع وتحسين دخل المربين وخاصة الصغار منهم الذين عجزوا عن مجابهة المصاريف بفعل ارتفاع سعر الأعلاف في الأسواق العالمية.

 

وفي الأثناء، تتالت تصريحات المهنة وفي مقدمتها الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والهياكل النقابية الفلاحية التي عبرت عن امتعاضها من التأخير الحاصل في إقرار الزيادة المنتظرة في سعر لتر الحليب على مستوى الإنتاج والتجميع ،معللين أن الوضع لم يعد التأخير، بما أدى إلى حصول ضغط كبير على الحكومة.

 

وفي السياق ذاته، واصل وزير الفلاحة التصريح يمينا وشمالا عن هذه الزيادة وتقديم نفس التبريرات في كل مناسبة.

 

وبقيت جهات تصنيع الحليب وبالتحديد مصانع تحويل الحليب والمزودين يترّصدون الفرصة المناسبة لمّا علموا بأن الحكومة قرّرت الترفيع في سعر الحليب على مستوى الإنتاج بعد تهديد جهات الإنتاج بعدم إنتاج الحليب وبعدم توفير هذه المادة الإستراتيجية في ظلّ مواصلة تلكّؤ الحكومة والإيفاء بتعهداتها.

 

وقد عرفت جهات التصنيع والمزودين كيف يقومون بالمناورة في التوقيت المناسب من خلال تعمد خاصة المزودين إخفاء الحليب وتخزينه لمّا عرفوا أن الزيادة المقرّرة على كمستوى الإنتاج يجب أن تشمل التصنيع والتزويد، بحصول عمليات احتكار واضحة وهو ما لمسه المستهلك في فترة عيد الأضحى المبارك من خلال فقدان أغلب العلامات من الحليب في الأسواق.

 

كما فرض المصنعون والمزودون ضغطا على الحكومة وإعطائهم مهلة إلى حدود يوم 4 نوفمبر القادم وأنه في حال عدم إقرار الزيادة علة مستوى التصنيع والتزويد فإنهم لن يقبلوا الحليب المتأتي من جهات الإنتاج، بطريقة وجدت الحكومة والوزارات المتفاوضة بالأخص بين مطرقة الفلاحين والمربين وسندان المصنعين.

 

وتمّ أخيرا الإعلان عن الزيادة في سعر الحليب على مستوى الإنتاج والتصنيع ليلة عيد الأضحى والسؤال المطروح في هذا الإطار، لماذا تمّ اختيار هذا التوقيت بالتحديد للإعلان عن الزيادة؟

 

إجمالا يمكن التأكيد على أن مناورات المصانع والمزودين قد تفوّقت على مناورات الحكومة وتحديدا وزير الفلاحة لاسيما وأن جهات التصنيع والتزويد قد تفاهمت على إخفاء الحليب وتخزينه حتى يُفقد من السوق للدخول في مفاوضات مع الحكومة للحصول على الزيادة على غرار ما تم إقراره لجهات الإنتاج.

 

وجب على وزيري الفلاحة قبل كل شيء التعاطي مع ملف الحليب من جميع الجوانب إنتاجا وتحويلا وتصنيعا وتسويقا لا من جهة واحدة وهي الإنتاج وهو ما سرّع في حصول شبه أزمة على مستوى التوزيع وفقدان هذه المادة من الأسواق، كما أن الزيادة الجديدة أتت في ظرف غير ملائم للمستهلك الذي أرهقته حالات الترفيع المتواترة في أسعار المنتوجات الأساسية.

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.