قمع وحشي لاحتجاجات تطالب بالتنمية بسليانة والأمن يطالب بقرار سياسي لتطويق الأزمة

تفاجأ الرأي العام بدفاع رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الحبالى عن والي سليانة قائلا في تصريح إعلامي بأنه لن يقيل الوالي بالرغم من أن التصعيد الذي شهدته الجهة في اليومين الماضيين، إذ تحوّلت مسيرة احتجاجية تطالب برحيل الوالي الذي ينتمي إلى حركة النهضة إلى مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن أسفرت عن سقوط أكثر من 200 جريحا من بينهم أطفال برصاص الرش المحظور…



قمع وحشي لاحتجاجات تطالب بالتنمية بسليانة والأمن يطالب بقرار سياسي لتطويق الأزمة

 

تفاجأ الرأي العام بدفاع رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الحبالى عن والي سليانة قائلا في تصريح إعلامي بأنه لن يقيل الوالي بالرغم من أن التصعيد الذي شهدته الجهة في اليومين الماضيين، إذ تحوّلت مسيرة احتجاجية تطالب  برحيل الوالي الذي ينتمي إلى حركة النهضة إلى مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن أسفرت عن سقوط أكثر من 200 جريحا من بينهم أطفال برصاص الرش المحظور.

 

وأكد سياسيون وصحفيون تواجدوا في ولاية سليانة بان قوات الأمن استخدمت بشكل مكثف قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والرش لتفريق المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة، في حين تم إرسال تعزيزات أمنية إلى المدينة وتجوّلت عربات مصفحة تابعة للحرس الوطني في شوارعها وكان المشهد شبيها بساحة حرب تتفاوت فيها موازين القوى.

 

في المقابل طالب أحد رجال الأمن في إحدى القنوات التلفزيونية باتخاذ قرار سياسي من أجل تطويق الأزمة في سليانة، مشيرا إلى أن قوات الأمن وضعت في الواجهة، في حين تطالب النقابات الأمنية بإرساء ما يعرف بالأمن الجمهوري الذي من أهم مبادئه الوقوف على نفس المسافة من طرفي النزاع والتدخل فقط في حالة تسجيل تهديدات لمصالح البلاد أو عند الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصّة.

 

وترى العديد من الأحزاب والمنظمات الحقوقية بأن العنف البوليسي غير مبرر في سليانة سيما وأن الجهة تعاني من التهميش والحرمان عما يزيد عن نصف قرن وطالبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السلطات الأمنية بضبط النفس في التعاطي مع الاحتجاجات السلمية وحذرت من تداعيات الاستعمال المفرط  للقوة ضدّ المحتجين واعتبرته خارجا عن القانون.

 

وفي سياق متصل، ندّد الاتحاد العام التونسي للشغل  بتعرض المواطنين (في سليانة) إلى القمع والمداهمات وإلى التعنيف بالهراوات وبسيل من القنابل الخانقة وإلى استعمال ذخيرة غريبة ضد المتظاهرين.

 

وطالب بفتح تحقيق في دوافع الاستعمال غير المبرر للقوة وفي نوع الذخائر المستعملة ضد المتظاهرين، مؤكدا  دعمه للموقف الذي اتخذه الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة بمواصلة النضال احتجاجا على القمع المسلط على المواطنين.

 

كما أعلن مساندته المطلقة لنضالات الأهالي في سليانة بقيادة الاتحاد الجهوي للشغل من أجل التنمية العادلة وإطلاق سراح الموقوفين على خلفية أحداث 26 أبريل 2011 ومن أجل تعيين وال جديد على أساس الكفاءة والنزاهة والاستعداد لخدمة الجهة والقدرة على التواصل مع الأطراف الاجتماعية وتفعيل الحوار الاجتماعي.

 

كما اختلفت الراويات حول حقيقة ما جرى في سليانة أمام مقر الولاية إذ أكدت مصادر مطلعة للمصدر بأن المسيرة التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل كانت سلمية وشهدت مشاركة واسعة من أهالي سليانة، مشيرة إلى أن أشخاصا مجهولين كانوا ضد المسيرة قاموا برمي الحجارة على مقر الولاية ما اجبر قوات الأمن على التدخل بقوة لتفريق المتظاهرين.

 

في حين قال علي لعريض وزير الداخلية بأن المسيرة خلفت أعمال شغب من قبل المتظاهرين واتهم الجبهة الشعبية وبالتحديد السياسي شكري بلعيد بتأجيج الوضع في سليانة من خلال ارتداء جبة النقابي، مشيرا إلى أن قوات الأمن تدخلت حسب ما يفرضه عليها القانون لحماية المقرات الحكومية  من بينها الولاية.

 

ويبدو أن أحداث سليانة ليست سوى حلقة من حلقات معضلة التنمية في تونس خاصة في المناطق الداخلية والتي كانت من أسباب اندلاع الثورة منذ حوالي السنتين ولم تجد لها الدولة إلى حد الآن حلولا قصيرة المدى بسبب البيروقراطية الإدارية والأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد.

 

والخيار الاستراتيجي الذي يجب أن تعتمده الدولة التونسية للقطع نهائيا مع مشاكل التنمية الغير متكافئة بين الجهات من جهة ومشكل الاستبداد من جهة ثانية هو باعتماد نظام الحكم القائم على الديمقراطيات المحلية والذي يرتكز على تقاسم النفوذ بين سلطة مركزية وسلطات محلية سيسمح بجعل إشكالات التنمية ترتبط مباشرة بهموم الناس في الجهات على أساس ما يرتبونه من مشاكل وما يتصورونه من حلول.

 

وأول الخطوات التي يجب اتخاذها بسرعة في هذا المسار هو تنظيم انتخابات بلدية تعيد للمواطنين علاقتهم المباشرة بتنظيم شؤون حياتهم بشكل منظم وفي اطار مؤسسات فاعلة.

 

ولكن ما يمكن أن ملاحظته على ارض الواقع بان التجاذبات السياسية تشكل العائق الرئيسي لاستبعاد التوجه نحو صناديق الاقتراع وهو ما يشكل خطرا على المسار الديمقراطي الذي دعت إليه الثورة.

 

كما أن القرارات الثورية اليوم لا يجب أن تشمل المجال السياسي كإعداد مشروع قانون يهدف إلى إقصاء التجمعيين إنما يجب أن تكون أعمق واشمل لتتلائم مع أهداف الثورة الحقيقية وذلك باتخاذ إجراءات جريئة على المستوى الاقتصادي والتنموي وتجاوز البيروقراطية الإدارية والحسابات السياسية الضيقة على حدّ السواء.

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.