اليوم الخميس 20 ديسمبر يكون قد مر على “احتجاز سامي الفهري دون وجه قانوني” 23 يوما، وفق ما يقوله محاميه عبد العزيز الصيد.
وتيرة المطالبة بإطلاق سراح سامي الفهري، مدير قناة التونسية، الموقوف منذ موفى أوت الماضي، تصاعدت بشكل لافت للانتباه في اليومين الأخيرين، وذلك بعد أن استنفذ فريق الدفاع عنه وكذلك عائلته كل محاولات المطالبة بإطلاق سراحه تنفيذا لقرار محكمة التعقيب…
قضية سامي الفهري: الضغوطات تتزايد على وزير العدل، فهل يقدر على مزيد الصمود؟ |
اليوم الخميس 20 ديسمبر يكون قد مر على "احتجاز سامي الفهري دون وجه قانوني" 23 يوما، وفق ما يقوله محاميه عبد العزيز الصيد.
وتيرة المطالبة بإطلاق سراح سامي الفهري، مدير قناة التونسية، الموقوف منذ موفى أوت الماضي، تصاعدت بشكل لافت للانتباه في اليومين الأخيرين، وذلك بعد أن استنفذ فريق الدفاع عنه وكذلك عائلته كل محاولات المطالبة بإطلاق سراحه تنفيذا لقرار محكمة التعقيب.
وللتذكير فإن قضية سامي الفهري مرت منذ دخوله السجن بعدة مراحل. فقد أذنت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس في البداية بإيداعه السجن وطعن محاموه في هذا القرار أمام محكمة التعقيب التي أصدرت يوم 28 نوفمبر قرار يقضي بنقض قرار دائرة الاتهام وإعادة القضية إلى دائرة اتهام بتركيبة أخرى للنظر فيها.
واعتبر محاموه أن نقض قرار دائرة الاتهام يعني إطلاق سراح سامي الفهري آليا من السجن، لكن النيابة العمومية رفضت ذلك بدعوى أن نقض قرار دائرة الاتهام لا يشمل بطاقة الإيداع بالسجن بل يهم فقط أصل القضية.
وهو ما جعل محكمة التعقيب تصدر قرارا توضيحيا آخر "إذن بالسراح من السجن" جاء فيه "نحن وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب نأذن لمدير السجن المدني بالمرناقية بسراح السجين سامي بن محمد علي الفهري وذلك بناء على صدور القرار التعقيبي الصادر بتاريخ 28 نوفمبر 2012 القاضي بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة ما لم يكن موقوفا في قضية أخرى".
قرار محكمة التعقيب
هذا الإذن الصادر عن محكمة التعقيب، والذي تم تداول نسخة منه بشكل لافت للانتباه على شبكات التواصل الاجتماعي بالانترنت، كان حسب فريق الدفاع عن سامي الفهري كافيا لوحده لإطلاق سراحه خاصة أنه صادر عن أعلى هيئة قضائية في البلاد التونسية وهي محكمة التعقيب.
لكن –حسب المحامي عبد العزيز الصيد- كان لوزير العدل رأي آخر، حيث تدخل تدخلا صارخا في القضاء وأمر النيابة العمومية (وهي تحت سلطته وتحت إشرافه حسب القانون) بأن لا تطلق سراح سامي الفهري وبالتالي مخالفة قرار محكمة التعقيب.
ويضيف عبد العزيز الصيد أن كل القانونيين متفقون على انه منذ 28 نوفمبر كان على النيابة العمومية إطلاق سراح سامي الفهري، وأكد أنه تقدم بشكاية ضد النيابة العمومية من اجل احتجاز شخص دون موجب قانوني.
وأكد الصيد أن سياسة وزير العدل نور الدين البحيري في تصريحاته كانت دوما التهرب من التوضيحات القانونية للقضية ويكتفي فقط بالحديث عن الأصل ويستحضر دوما عبارة "شريك الطرابلسية" (أي سامي الفهري) حتى يؤثر على الرأي العام، وفق قول الصيد.
إجماع
ويتهم عديد الملاحظين وخاصة الحقوقيين اليوم وزير العدل نورالدين البحيري بالوقوف شخصيا وراء سجن سامي الفهري وكأن الأمر يتعلق بتصفية حسابات شخصية بين الطرفين.
وكان محمد عبو الوزير الأسبق في حكومة الترويكا وأمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب رئيس الجمهورية) قد صرح في لقاء تلفزي على قناة حنبعل أن قضية سامي الفهري تحمل "بصمات بن علي".
وأشار إلى أن نظام بن علي كان يوقف الناس هكذا بلا موجب قانوني ويتدخل في القضاء، مضيفا أن شكوكا عديدة تحوم اليوم حول قضية سامي الفهري وأنه على السلطة الحالية أن تنتبه إلى عدم الوقوع في الخطأ نفسه.
واعتبر أن ما حصل في هذه القضية وهو الإبقاء على شخص في السجن رغم صدور قرار بإطلاق سراحه عن أعلى محكمة في البلاد هو "بدعة قضائية ، وهو أمر يقلقني شخصيا لأنه لا يجوز وضع الناس ظلما في السجن بالتعليمات وبالهاتف. فحتى لو تعلق الأمر بالشيطان فانه لا يجوز سجنه إلا بالقانون !! فنحن لم نُسقط بنظام بن علي لنقوم بنفس الأخطاء التي كان يرتكبها".
وأبدى عديد الحقوقيين استغرابهم مما يحصل في هذه القضية على غرار القاضي فرحات الراجحي والقاضي مختار اليحياوي وأم زياد و راضية النصراوي وغيرهم من الحقوقيين إلى جانب عدد كبير من مكونات المجتمع المدني وجمعية القضاة و عمادة المحامين.
ويقول أحد الحقوقيين أن رفض النيابة العمومية التي يرأسها وزير العدل شخصيا تنفيذ قرار محكمة التعقيب بإطلاق سراح موقوف هي سابقة أولى من نوعها في تاريخ القضاء التونسي، وحتى في عهد الدكتاتورية لم يسبق أن وقعت حادثة مثل هذه، ويؤكدون أن وزير العدل يتحمل مسؤولية ما يحصل لأنه هو من يأذن للنيابة العمومية باتخاذ القرارات.
ووصف الطاهر بن حسين، مدير قناة الحوار التونسي قضية سامي الفهري "بتبوريب" ( أي تعنت ) الدولة، وأكد أن المراد منها هو تدمير منبر إعلامي متميز له خط تحريري مستقل ومعاد لمصالح الحكومة الحالية.
وأضاف أن وزارة العدل هي وزارة غير عادلة ووزير العدل لا يشرف تونس، وأمهل صاحب قناة الحوار نور الدين البحيري 4 أيام من اجل إطلاق سراح الفهري، قائلا "لا نقبل أن نعيش في بلد وصل إلى هذه الدرجة من الظلم".
وكان بن حسين قد كون لجنة للدفاع عن سامي الفهري وسانده في ذلك عميد المقاومين علي بن سالم و توفيق بن بريك و مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري وحمة الهمامي من الجبهة الشعبية وآمنة منيف من شبكة كلنا تونس وبشرى بلحاج حميدة ونورالدين بوطار من إذاعة موزاييك وصاحب قناة "تونسنا" عبد الحميد بن عبد الله ومحسن مرزوق وعصام الشابي ولينا بن مهنى واحمد آمين بن سعد وغيرهم من الشخصيات الإعلامية والسياسية.
اليوم سامي وغدا أنا وأنت
ومن المنتظر أن تنتظم اليوم وقفة احتجاجية على الساعة الحادية عشر صباحا أمام وزارة العدل للمطالبة بإطلاق سراح سامي الفهري.
وكان سامي الفهري قد قرر الدخول منذ يومين في إضراب جوع وحشي لكنه تخلى عن الطابع "الوحشي" وواصل إضراب جوع عادي بعد أن زاره في السجن عضوا المجلس التأسيسي عصام الشابي وإياد الدهماني وأقنعاه بصعوبة بالتخلي عن الطابع الوحشي لإضراب الجوع، وقد رد عليهما الفهري بالقول "اطلاق سراحي أو الموت".
وتداول عديد الناشطين على الموقع الاجتماعي فايس بوك عبارة أصبحت شهيرة تقول " القضية ليست أن نكون مع سامي الفهري أو ضده .. القضية هي أن نكون مع استقلالية القضاء أو ضده… القضية ليست دفاعا عن الفهري في شخصه وإنما عن حقه في محاكمة عادلة.. وعن حقه في تطبيق القانون عليه…حقه في أن يعامل كأي مواطن أمرت محكمة بالإفراج عليه.. إن الفهري محتجر الآن في السجن دون إذن قضائي.. وهذه جريمة وسابقة خطيرة لا يجوز السكوت عنها أو تبريرها .. اليوم الفهري.. و غدا أنا أو أنت…".
موقف البحيري
للتذكير فإن وزير العدل نور الدين البحيري صرح أكثر من مرة أن إيقاف سامي الفهرى يندرج في اطار الاشتباه في ارتكابه جريمة الاستيلاء على الأموال العمومية و الإثراء على حساب الدولة وتشمل هذه القضية عددا آخر من المتهمين منهم الرئيس المخلوع و صهره بلحسن الطرابلسي..
وأضاف أن الملف أحيل على دائرة الاتهام و تم إيداعه بالسجن حماية للامن العام وتطبيقا للقانون و قد مارس سامى الفهرى حقه في الطعن و رأت محكمة التعقيب نقض هذا القرار وإرجاعه لدائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف صاحبة القرار الأول و الأخير.
غير أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف و هو المسؤول الأول ومن اختصاصه النظر في بطاقات الايداع وفي الطعن فيها أقر بأن محكمة التعقيب ليس من اختصاصها النظر في الطعون المقدمة بخصوص بطاقات الإيداع وتم إرجاع الملف من جديد إلى دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف للنظر في الملف بتركيبة أخرى.
وأكد البحيري أنه عوضا عن الترويج لتدخل وزير العدل في القضية، كان من الأولى لمحامي سامي الفهري الترافع أمام القضاء و ليس أمام وسائل الإعلام والرأي العام و افتعال وإيهام الشعب بأكاذيب.
وأضاف أن المحاكم تحكم بناء على الحجج و ما تتلقاه مباشرة من مرافعات المحامين المعنيين أمام القضاء وقد قدم محامى سامى الفهرى الملف من جديد و طالب بالإفراج على موكله و قررت المحكمة يوم الخميس الفارط تأجيل النظر في القضية إلى جلسة قادمة وإبقاء بطاقة الإيداع سارية في حق سامي الفهري.
وختم الوزير بالقول أن القضاء يبقى هو المعنى الأول و الأخير بالحكم في القضايا مهما كان المتهم و جميع التونسيين سواء أمام القانون.
لن يهرب
محامي سامي الفهري يشير بالخصوص إلى أن "إطلاق سراح سامي الفهري لا يعني انه لن تقع محاسبته .. فهو سيبقى على ذمة البحث والتحقيق في القضية ولن يهرب.. المهم الآن تطبيق القانون واحترام استقلالية القضاء واحترام محكمة التعقيب التي كان قضاتها نزهاء وشرفاء إلى أبعد حد. أطلقوا سراحه ثم حاسبوه دون اجتهاد في تطبيق قرار مع التعقيب". فما رأي وزير العدل والنيابة العمومية التي يرأسها؟
|
وليد بالهادي |