تمّ التوقيع على العقد الاجتماعي بتونس بالذكرى الثانية للثورة في 14 جانفي 2013 من قبل رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي وحسين العباسي أمين عام اتحاد الشغل ووداد بوشماوي رئيس اتحاد الصناعة والتجارة، بعد مفاوضات استمرّت 6 أشهر وبالتعاون مع مكتب العمل الدولي والحكومة البلجيكية
الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفي للمصدر: العقد الاجتماعي ايجابياته كثيرة لكن لانتوهم تأسيس مدينة فاضلة خالية من التوترات |
تمّ التوقيع على العقد الاجتماعي بتونس بالذكرى الثانية للثورة في 14 جانفي 2013 من قبل رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي وحسين العباسي أمين عام اتحاد الشغل ووداد بوشماوي رئيس اتحاد الصناعة والتجارة، بعد مفاوضات استمرّت 6 أشهر وبالتعاون مع مكتب العمل الدولي والحكومة البلجيكية. وعن ايجابيات هذا العقد الاجتماعي الذي يتضمّن 5 محاور أساسية كان لنا الحوار التالي مع الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي:
1- هل سيخفف العقد الاجتماعي من حالة الاحتقان التي تعيشها البلاد؟
بالتأكيد العقد الاجتماعي الذي تمّ إمضاء فصوله وبنوده يوم 14 جانفي يأتي في اطار رغبة اتحاد الشغل الذي عبّر عنها في مؤتمره بطبرقة للعمل مع مختلف الأطراف الاجتماعية على إنشاء عقد اجتماعي يكون من ضمن بنوده التأكيد على جملة من المبادئ الأساسية التي تلتقي مع أهداف الثورة ومنها ترسيخ مفهوم العمل اللائق وحرية العمل النقابي ودعم الحوار الاجتماعي داخل وخارج المؤسسة والنهوض بالعلاقات الشغلية داخل وخارج المؤسسة وهذا جوهر الأهداف العامّة.
هذا العقد هو وسيلة للتوصل إلى علاقات ايجابية بين مختلف الأطراف الاجتماعية للحدّ من حالة الاحتقان. ففي مسألة المنوال التنموي لا يمكن أن تكون العلاقة متينة بين الأطراف في ظلّ منوال تنموي فاشل أفرز تفاوتات اجتماعية واقتصادية في الجهات وكانت عاملا رئيسيا في اندلاع ثورة 14 جانفي، وبالتالي يجب إعادة النظر في المنوال التنموي لصياغة منوال جديد لا يكون قائما على الرأسمالية المتوحشة وذلك في اطار حوار وطني مشترك بين جميع الأطراف الاجتماعية.
2- ماذا عن الإضرابات التي أنهكت المؤسسات.. هل العقد الاجتماعي قادر على أن يوقفها؟
الإضرابات هي ظاهرة مدنية ولا يمكن بالعقد الاجتماعي أو غيره أن نلغي الإضرابات. فإذا كان الهدف من وراء العقد هو إلغاء حق الإضراب ما كان للاتحاد أن يمضي عليه. وفي فقرات العقد الاجتماعي هناك تنصيص على احترام العمل النقابي وحق الإضراب وهي وسيلة لمواصلة المفاوضات بوسائل أخرى إذا لم يكن هناك مناخ قائم على احترام العمل النقابي والإضراب ليس هدفا بحد ذاته.. ونحن لسنا مثاليين ولا نتوهم مطلقا أننا سنؤسس لمدينة فاضلة خالية من التوترات، لكن العقد يمثل اطارا مرجعيا يمكن أن يرجع بالفائدة على العمال والمؤسسة ويؤسس علاقات جديدة بعيدة عن التجاذب والاحتقان. وبالتالي يجب أن يصاحب هذا العقد الاجتماعي احترام العمل النقابي وحق الإضراب وهذا مدون وأساسي في وثيقة العقد.
3- ما هي أهم المحاور الأساسية في العقد الاجتماعي؟
لقد تمت الاشارة في وثيقة العقد إلى تأسيس المجلس الوطني للحوار لضبط السياسة الإجتماعية ومتابعة الملفات الاقتصادية والإجتماعية وهذا مفيد جدا وسيخلق فضاءات جديدة لتناول أمهات القضايا التي تؤثر سلبا على المناخ الاقتصادي والسلم الاجتماعي داخل المؤسسة. كما تمّ التنصيص على ضرورة إحداث صندوق وطني للتأمين على فاقدي الشغل وهذا الصندوق ليس صندوق بطالة الذي يستفيد منه كل المعطلين عن العمل والذين لم يلتحقوا أصلا بسوق الشغل وإنما هو مخصص لفائدة الذين فقدوا مواطن عملهم والذين وقع تسريحهم لأسباب اقتصادية. وسيقع تمويل الصندوق عبر مساهمات العمل وأرباب العمل والدولة.
4- متى يدخل صندوق التأمين على فاقدي الشغل حيّز التنفيذ؟
العقد الاجتماعي حسب نص الاتفاق يدخل برمته حيز التنفيذ منذ تاريخ التوقيع عليه في 14 جانفي 2013. لكن بالنسبة إلى الصندوق سيقع ضبط الإجراءات الترتيبية والقانونية لإنشائه وهذا يحتاج إلى وقت لأن المسألة معقدة ونأمل أن نتوصل لاتفاق خلال عام في هذا المجال لأهمية هذا الصندوق.
5- كيف تقيّم طبيعة العلاقة بين اتحاد الشغل والحكومة حاليا؟
علاقة الاتحاد بالحكومة قائمة على أساس الاحترام المتبادل وعلى مبدأ الحوار الجدي والمسؤول والمصلحة الوطنية وعلى مبدأ احترام حرية العمل النقابي واحترام المنظمة الشغيلة. لكننا اضطررنا سابقا للإعلان عن الإضراب العام يوم 05 ديسمبر الماضي بعد انعقاد الهيئة الوطنية الاستثنائية للاتحاد نتيجة اعتداءات من قبل عصابات مأجورة وما زاد في الطين بلة آنذاك تصريحات بعض السياسيين الذين اعتبروا أن ما حصل ليس سوى صراع داخلي بين النقابيين. لكننا ألغينا الإضراب يوم 12 ديسمبر لعدّة اعتبارات خصوصا بعد توصلنا إلى محضر اتفاق مع الحكومة المؤقتة وفيه نقاط ايجابية يسجل تحولا في موقف الحكومة من اعتبار ما حصل أزمة داخل الاتحاد إلى إدانة صريحة لاستهداف النقابيين ومقر الاتحاد وهذه نقطة ايجابية. وقد بدأ التحقيق في اطار لجنة مشتركة لتقصي الحقائق بين الحكومة والاتحاد في تلك الاعتداءات لتحديد مسؤوليات الجهات التي وقفت وراء الاعتداء ونأمل أن تتوصل اللجنة إلى نتائج موضوعية تنصف الاتحاد المعتدى عليه وهناك أشرطة فيديو مسلجة توثق للاعتداء ضدّ مقر الاتحاد من قبل رابطات حماية الثورة.
6- ماذا لو لم ينصف تقرير اللجنة المشتركة للتقصي اتحاد الشغل؟
الهيئة الادارية الإدارية للاتحاد التي اجتمعت يوم 12 ديسمبر بصفة استثنائية وبعد أن تداولت في مشروع الاتفاق بين الاتحاد والحكومة والتي أفضت إلى إلغاء الإضراب، أقرّت في بيانها أنها ستجتمع مباشرة بعد الانتهاء من عمل لجنة التقصي لتقييم هذه النتائج ونأمل أن تكون النتائج منصفة للحق والحق إلى جانب الاتحاد ولا يحتاج ذلك عناء كبيرا للتوصل إلى هوية المعتدين الحقيقيين وبعد ذلك سيكون للهيئة كلمتها وسوف تدافع على الاتحاد.
7- ما هو تقديركم للوضع العام في البلاد؟
نحن نمرّ بمرحلة انتقلالية صعبة وهي مرحلة طبيعة بعد كلّ الثورات وما يحصل اليوم من احتجاجات واحتقان في البلاد هو يعبر عن حالة إحباط وهذا تتفق في تقييمه كل مكونات المجتمع المدني وحتى الحكومة نفسها لأنها باتت مقتنعة بأن الانتظارات الكبيرة لتحقيق أهداف الثورة لم تواكبها إنجازات في حجم تلك المطالب لذلك يجب إعادة النظر في أداء الحكومة وفي المطالب التي اتفق عليها الشعب لتحقيق تكافؤ الفرص بين الأفراد والجهات. والرسالة التي يجب أن تلتقطها الحكومة من هذه الاحتجاجات في علاقة بالتشغيل والبطالة والجهات الفقيرة هي أنه لا بد للقائمين على السلطة الحكم إعادة تعديل الأوتار مع هذه الانتظارات حتى تبقة آمال الثورة قائمة وحتى لا يسود الإحباط لأنه إذا ساد فهذا ينذر بعواقب وخيمة.
8- هناك من يتهم الاتحاد بأنه يضم يساريين يعملون يعمل وفق أنجدا سياسية معادية للحكومة ما تعليقك؟
الاتحاد له مؤسسات وهياكل منتخبة بشكل ديمقراطي وليس فيه فيه يساري أو يميني وإنما هو يدافع عن مصلحة الطبقة الشغيلة وعلى المصلحة الوطنية وللبلاد وأهداف الثورة التي كان له مساهمة فيها وهذه الاتهامات لا سند لها وليست لها أي أثر في الاتحاد وهي تبريرات وهروب إلى الأمام لتحميل الاتحاد ما لا يتحمله. وعلى هؤلاء أن يراجعوا مواقفهم وأن يتعاملوا مع الاتحاد كقوة وطنية جامعة والدليل أنه قدم في أكثر من مرّة تصورات واقترحاتات آخرها كانت الدعوة لتنظيم حوار وطني التي لم تشارك فيها النهضة والمؤتمر بحجج يعلمها الجميع والآن حتى من عارض فكرة تلك المبادرة نجده اليوم يقرّ بأن تونس لا بد أن تلتقي كل مكوناتها السياسية من أجل حوار وطني للخروج بتوافق يحمي الثورة ويرسم معالم طريق واضحة.
|
حاوره خميس بن بريك |