يسعى وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو لإقناع نواب المجلس التأسيسي بالتخلّي عن مشروع تحصين الثورة والمرور إلى مناقشة مشروع قانون العدالة الانتقالية، معتبرا أنه مشروع أشمل وأوسع من تحصين الثورة…
تونس: تشتت ملف العدالة بين مشروع العدالة الانتقالية ومشروع تحصين الثورة |
يسعى وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو لإقناع نواب المجلس التأسيسي بالتخلّي عن مشروع تحصين الثورة والمرور إلى مناقشة مشروع قانون العدالة الانتقالية، معتبرا أنه مشروع أشمل وأوسع من تحصين الثورة.
موقف سمير ديلو، الذي اعتبر أنّ مشروع تحصين الثورة مشروع إقصائي فاجأ زملائه في حركة النهضة، الذين يسعون لإقصاء كلّ رموز النظام السابق من المشاركة بالحياة السياسية والترشّح إلى الانتخابات لمدّة تدوم 7 سنوات.
ومشروع قانون التحصين يشمل الفاعلين في النظام السابق الذين تقلدوا مسؤوليات في الدولة أو التجمع المنحلّ، من 7 نوفمبر 1987 إلى قيام الثورة، وهو لا يحظى بموافقة المعارضة خاصة بعد إتمام مشروع قانون العدالة الانتقالية.
ومنذ نحو أسبوعين صادقت لجنة التشريع العام صلب المجلس الوطني التأسيسي، التي ترأسها النائبة النهضاوية كلثوم بدر الدين، على مشروع قانون تحصين الثورة في انتظار أن تقع مناقشته بجلسة عامة داخل المجلس التأسيسي بعدما يحدد مكتب رئاسة المجلس موعدا لذلك.
لكنّ وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو أعرب عن تمسكه بتمرير مشروع قانون العدالة الانتقالية للتصويت في المجلس التأسيسي قبل مشروع تحصين الثورة، مؤكدا أن ضمانة لكشف الحقيقة والمحاسبة العادلة.
ويحظى مشروع قانون العدالة الانتقالية برضا الكثير من أحزاب المعارضة، معتبرة أنه أشمل من مشروع قانون تحصين الثورة، الذي يراد به إقصاء خصوم سياسيين بارزين لحركة النهضة ومن يدور في فلكها، حسب رأيها.
يقول النائب سمير بالطيب إنّ الهدف من وراء قانون تحصين الثورة هو "إقصاء الخصوم السياسيين مع قرب موعد الانتخابات"، التي ينتظر أن تجرى نهاية 2013، لافتا إلى أنّ هذا القانون يتعارض مع مشروع العدالة الانتقالية الذي سينظر فيه المجلس التأسيسي في الأيام المقبلة.
واعتبر أنّ العزل السياسي "عقوبة جماعية مرفوضة حسب المواثيق والمعاهدات الدولية"، مضيفا "إذا كان هناك أشخاص حتى بالمئات يجب أن يحاكموا وبعد ذلك يمكن أن نطوي الصفحة نهائيا لأن البلاد محتاجة للبناء".
وتساءل "لماذا يتمّ الآن عرض مشروع قانون تحصين الثورة في وقت استبشرنا فيه بإتمام مشروع قانون العدالة الانتقالية؟"، مؤكدا أنّ قانون العدالة الانتقالية يشمل محاسبة رموز النظام السابق وجبر أضرار الضحايا.
ويقول للمصدر "كانت هناك منظومة كاملة للفساد وربما ما تزال متواصلة إلى اليوم وتفكيكها يحتاج إلى منظومة كاملة للعدالة الانتقالية وإذا كان في هذا المشروع نقائص يمكن وقتها إضافة مشروع التحصين".
واعتبر سمير بالطيب أنّ مشروع قانون العدالة الانتقالية "جيّد في مجمله"، مشيرا إلى أنّ تشتيت ملف العدالة الانتقالية بين مشاريع قوانين مختلفة "سيضر بمسار العدالة أكثر مما سينفعها"، وفق تعبيره.
بدوره، يقول محمد الطاهر الالاهي نائب عن كتلة الحرية والكرامة في حديث للمصدر إنه "كان من الأجدر" التخلي عن قانون تحصين الثورة بعدما أصبح مشروع قانون العدالة الانتقالية "جاهزا منذ شهر".
وأكد أنّ قانون العدالة الانتقالية "سيأتي على الأخضر واليابس لكل من ارتكب جرما في الحقبة السابقة"، مشيرا إلى أنّ كل من سيثبت تورطه بمنظومة الفساد "سيتمّ منعه آليا" من الترشح للانتخابات طبقا لشروطها.
وكتلة الحرية والكرامة كانت من بين الكتل النيابية الذين وافقوا على سن مشروع تحصين الثورة، لكن النائب محمد الطاهر الالاهي أكد للمصدر أنّ موقف الكتلة تغيّر بعد إتمام مشروع العدالة الانتقالية، باعتباره آلية أوسع واشمل لمحاسبة رموز النظام السابق عما ارتكبوه من مظالم بالعهد السابق.
ويرى الالاهي أنّ مشروع تحصين الثورة أصبح يتعارض مع مشروع العدالة الانتقالية باعتبار أنّ لديه نفس الهدف والأثر، مشيرا إلى أنّ مشروع قانون العدالة الانتقالية لا يترك أحدا خارج دائرة المحاسبة وكل إدانة بالحجة سيتولد عنها إقصاء سياسي فيما بعد "وهذا هو التمشي الأصح"، وفق قوله.
ويقول إنّ مشروع تحصين الثورة سيكون له تداعيات، موضحا أنّ من سيقع إقصاؤهم سيدخلون في إطار الإقصاء الجماعي "وهذا يدخل في الإقصاء الجماعي وهو خرق للقوانين والمواثيق الدولية".
لكن كلثوم بدر الدين رئيسة لجنة التشريع العام أكدت أنّ مشروع تحصين الثورة "لا يتضارب" مع مشروع العدالة الانتقالية، مشيرة إلى أنّ دوره يقتصر على العزل السياسي وليس المحاسبة والمحاكمة.
وتقول "رموز النظام السابق كانت تقودهم عقلية استبدادية وعقلية تزوير الانتخابات ولا يمكن لهم أن يقودوا البلاد بالمرحلة القادمة"، مؤكدة على ضرورة عزلهم حتى يشتدّ عود الديمقراطية الناشئة، وفق تعبيرها.
وترى أكدت أنّ العزل السياسي "ليس بدعة تونسية"، لافتة إلى أنّ لجنة التشريع العام استندت في إعداد مشروع القانون، الذي قدمته حركة النهضة وحزب المؤتمر وحزب حركة وفاء وكتلة الحرية والكرامة بالمجلس التأسيسي، إلى تجارب دولية مثل ألبانيا والمجر وغيرها.
|
خميس بن بريك |