يعدّ استرجاع تونس مبلغ 28،8 مليون دولار من الأموال المكتسبة بطرق غير شرعيّة التي هرّبها الرئيس السابق بن علي إلى الخارج خبرا يستحق الاحتفاء والتنويه به. وتمّ تسليم الأموال …
تونس تسترجع أموالها المنهوبة.. هل تكون بداية الغيث؟ |
يعدّ استرجاع تونس مبلغ 28،8 مليون دولار من الأموال المكتسبة بطرق غير شرعيّة التي هرّبها الرئيس السابق بن علي إلى الخارج خبرا يستحق الاحتفاء والتنويه به. وتمّ تسليم الأموال المستردّة، التي تعود إلى حساب جاري باسم زوجة الرئيس السابق، في شكل صكّ إلى رئيس الجمهوريّة التونسي الحالي المنصف المرزوقي من قبل القطري علي بن فطيس المري المحامي الخاص التابع لمكتب الأمم المتّحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة في إطار "مبادرة استعادة الأموال المنهوبة" (STAR )، (برنامج مشترك للبنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تعرّف بأنها شريك رئيسي في خطة العمل الخاصة باسترداد الأموال المنهوبة).
إنّه يوم مشهود في تاريخ استرجاع الأموال المنهوبة وهو انتصار للشعب التونسي والحكومة التونسيّة وهو أكبر دليل على أنّ الجهود المتّسقة والمتأنية التي بذلتها السلطات التونسيّة على غرار "اللجنة التونسيّة للتحاليل الماليّة" و"اللجنة الوطنيّة لاسترجاع الأموال الموجودة بالخارج والمكتسبة بصورة غير مشروعة" و"وزارة العدل" آتت أكلها. ويعتبر هذا الحدث مؤشرا كذلك على نجاح التعاون الإقليمي بين دول العالم العربي عقب إجراءات حاسمة اتخذتها السلطات اللبنانيّة في سنة 2011 بتجميد حساب زوجة الرئيس السابق ليلى الطرابلسي بناء على طلب من الحكومة التونسيّة وإجراءات قضائيّة لاحقة في كلا البلدين بهدف استرجاع هذه الأموال. ويجدر التنويه بالتزام علي بن فطيس المري وبجهوده المبذولة في أوّل عمليّة استرجاع أموال منهوبة إلى تونس.
ومن المتوقع أن تجني تونس المزيد من ثمرة جهودها في استرجاع الأموال المنهوبة وذلك بعد استرجاعها يختا تمّت مصادرته في ايطاليا حيث قضت السلطات الايطاليّة في نهاية السنة الماضية بإرجاع يخت تعود ملكيته إلى أحد أقارب بن علي إلى تونس وبالتالي تمّ تنفيذ الحكم القضائي. وتشير وسائل إعلام تونسيّة إلى القيمة الكبيرة للأموال المنهوبة من قبل الرئيس السابق وأقاربه وأصهاره غير أنّه من الواضح أن هناك المزيد من الأموال تنتظر اكتشافها أوّلا ومن ثمّة استرجاعها.
إنّ دور المجتمع الدولي حاسم في مساعدة، تونس ودول عربية أخرى خلال هذه المرحلة الانتقالية، في التعهد باسترداد الأموال المنهوبة وفي هذا السياق وفّرت "مبادرة استعادة الأموال المنهوبة" (STAR ) المساعدة التقنية المستمرة إلى السلطات التونسية في مباشرة الحالات منذ سقوط نظام بن علي، وستواصل عملها بنفس النسق بقدر استمرار الجهود في المنطقة العربية بخصوص هذه المسألة.
وكانت دولة قطر قد نظّمت بالاشتراك مع مجموعة الثمانية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكيّة "المنتدى العربي الأوّل لاسترداد الأموال المنهوبة" في سبتمبر من السنة الماضية بدعم من "مبادرة استعادة الأموال المنهوبة" (STAR ) وشارك فيه ممثلون عن مراكز ماليّة وممثلون عن الدول العربيّة التي تمر بانتقال ديمقراطي بالإضافة إلى ممثلين عن دول عربيّة أخرى (بما في ذلك لبنان). ويعتبر المنتدى العربي لاسترجاع الأموال المنهوبة بمثابة آلية تنسيق حول مسألة استرجاع هذه الأموال من خلال تنظيم اجتماعات دورية وعدد من الأنشطة وذلك بدعم والتزام من الشركاء الإقليميين. و سيتم هذه السنة عقد سلسلة من الجلسات التقنية تجري بهدف تمكين كافّة المشاركين من الأدوات العملية والمعارف وتعزيز المشاورات الثنائية والتنسيق لجعل مسألة استرجاع الأموال المنهوبة قابلة للتحقيق دوليا. وستؤدي هذه الاجتماعات التقنية إلى تنظيم المنتدى العربي الثاني المقرر عقده في أكتوبر 2013.
وتعتبر استعادة تونس لأموالها المنهوبة مؤشّرا هاما على أنّ مسألة "استرداد الأموال" أمر قابل للتحقيق وهو عامل تشجيع أتى في الوقت المناسب لكل من يرغب في ممارسة نفس التمشي خاصّة من القادة السياسيين والمحاكم ونأمل أن يؤدي هذا الإنجاز إلى المزيد من المبادرات الشاملة لضمان عدم توفير ملاذات آمنة للأموال المنهوبة سواء في العالم العربي أو في المراكز المالية العالمية أو أي مكان آخر.
|
من جان بيار برون وريتشارد ميرون |