استأنف الحوار الوطني في تونس أعماله أمس الاثنين بقصر الضيافة بقرطاج تحت رعاية رئاسة الجمهورية من أجل إيجاد توافقات سياسية حول القضايا الخلافية حول مشروع الدستور وقانون الانتخابات وموعدها…
تونس: المشهد السياسي يعود للمربع الأول من الانقسامات رغم استئناف جلسات الحوار الوطني |
استأنف الحوار الوطني في تونس أعماله أمس الاثنين بقصر الضيافة بقرطاج تحت رعاية رئاسة الجمهورية من أجل إيجاد توافقات سياسية حول القضايا الخلافية حول مشروع الدستور وقانون الانتخابات وموعدها.
لكن الحوار استؤنف بعد انقطاع بثلاثة أيام بغياب أحد أبرز مكوناته وهو الحزب الجمهوري الذي أكد على لسان أمينته العامة مية الجريبي أنه يرفض المشاركة ما لم تتراجع حركة النهضة عن تمرير نظام أقرب للنظام البرلماني بمشروع الدستور يمنح رئيس الحكومة نفوذا واسعة.
ولم تشارك في جلسة أمس الاثنين سوى 5 أحزاب هي حركة النهضة والمؤتمر والتكتل وحزب المبادرة والتحالف الديمقراطي وحزب الأمان، فيما علقت حركة نداء تونس مشاركتها منذ الجمعة الماضية وانسحب العريضة الشعبية التي حلت نفسها احتجاجا على "تضييق الخناق عليها".
وواصلت عديد الأحزاب مقاطعتها للحوار مثل الجبهة الشعبية وحزب المسار علاوة على الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يتمسك بإعادة إحياء مبادرته التي أطلقها في 16 أكتوبر 2012، وقاطعتها آنذاك حزبي حركة النهضة والمؤتمر بسبب مشاركة حركة نداء تونس فيها.
لكن هذه المرّة ورغم قبولهما بالجلوس إلى طاولة الحوار إلا أن حزب حركة وفاء رفض التحاور مع حركة نداء تونس التي يتزعمها الباجي قايد السبسي وحزب المبادرة الذي يتزعمه كمال مرجان آخر وزير خارجية بنظام بن علي، بحجة أنهم يمثلون رموز النظام السابق.
وبموازاة حالة الانقسامات هذه أطلقت أحزاب سياسية أخرى ومنظمات مثل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة انتقادات لاذعة للحوار الوطني والقائمين على تنظيمه بسبب عدم دعوتها للمشاركة في الحوار، وهو ما دفع حركة "نداء تونس" لتعليق مشاركتها إلى حين اكتمال النصاب.
وانتقد عضو حركة نداء تونس منذر بالحاج علي في حديث للمصدر "استثناء" عديد الأطراف السياسية والاجتماعية مثل اتحاد الشغل من الحوار، مشيرا إلى أنّ الحوار الذي تمّ بقصر الضيافة بقرطاج ليس حوار وطنيا وإنما "حوار أحزاب".
وكان اتحاد الشغل قد عبر على لسان أمينه العام حسين العباسي، عن رفضه المشاركة في الحوار، لافتا إلى أنه لن يقبل أن يكون طرفا في الحوار الذي دعت له رئاسة الجمهورية، لأن الدعوة موجهة لأحزاب دون أخرى.
وشدد منذر بالحاج على ضرورة تشريك كل الأطراف لتحقيق توافق واسع لإدارة المرحلة الانتقالية، قائلا "يجب أن يكون هناك توافق حول الأساسيات والآليات ولكن هناك محاولات لإقصاء أشخاص وأحزاب أو فعاليات برمتها وهذا غير معقول".
لكنه أكد أن حزبه سيستأنف مشاركته في الحوار عند "اكتمال النصاب"، قائلا "نحن مستعدين للحوار لأننا دعاة حوار"، وحذّر بنفس الوقت من الإخفاق في تحقيق توافقات حول القضايا الخلافية في مشروع الدستور وبقية القضايا الممهدة للانتخابات كقانون الانتخاب وموعد الانتخابات.
بالمقابل يقول عضو مجلس الشورى بحركة النهضة رياض الشعيبي للمصدر إن الدعوة للمشاركة بالحوار الوطني كانت مفتوحة للجميع دون استثناء، مؤكدا أن غياب بعض الأطراف "لم يكن القصد منه إقصاؤهم".
وشدّد على أنّ حزبه متمسك بتحقيق توافق لإدارة هذه المرحلة، قائلا "الحوار سيساعدنا على تنقية الأجواء وإيجاد توافق لحلّ مجمل القضايا الممهدة للانتخابات" مثل النظام السياسي وقانون الانتخابات وموعد الانتخابات.
وكان مجلس الشورى لحركة النهضة الذي التأم يومي السبت والأحد الماضيين قد أكد في بيان له على أنّ الحركة تؤيّد إرساء نظام سياسي متوازن بين صلاحيات رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.
وأقرّ الشعيبي بوجود خلافات حول الحوار الوطني، مشيرا إلى تمسك اتحاد الشغل والجبهة الشعبية باستئناف الحوار ضمن مبادرة اتحاد الشغل رغم أن رئاسة الجمهورية قادرة على ضمان نجاح الحوار، وفق قوله.
وأوضح أنّ الخلاف القائم حول الحوار الوطني هو في الإطار الذي يتواصل فيه هذا الحوار الوطني: إما أن يكون برعاية رئاسة الجمهورية أو في إطار مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل أو داخل المجلس التاسيسي دون أن يقتصر على الكتل النيابية الممثلة داخله، وفق قوله.
ويضيف "إلى حد الآن لم يحصل اتفاق نهائي حول الاطار الذي سيستمر فيه الحوار"، مرجعا ذلك إلى تمسك اتحاد الشغل والجبهة الشعبية بأن يكون الحوار استمرارا لمبادرة الاتحاد التي أطلقها شهر أكتوبر 2012 رغم أن مؤسسة رئاسة الجمهورية هي المؤسسة العليا التي تستطيع توفير ضمانات نجاح الحوار الوطني، وفق تعبيره.
ويتابع "المشكل أن مبادرة الاتحاد كما قدمت لنا غير واضحة بأهدافها وأفقها السياسي الذي تسعى أن تصل إليه ولا زلنا ننتظر توضيحات حول هذه المبادرة لتحديد موقفنا النهائي".
وعن موقفه من اتهام حركة النهضة بالسعي لإقصاء خصومها السياسيين يقول الشعيبي "نحن لا ننادي بإقصاء أي طرف وإنما نستجيب لمطلب رئيسي من مطالب الثورة ينادي بالقطع مع رموز النظام السابق"، منتقدا ترشح رئيس حركة نداء تونس إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة معتبرا ذلك "وصمة عار في جبين الثورة التونسية".
|
خميس بن بريك |