تونس تستقبل عيد الفطر وسط أجواء من الحزن والانقسام والصراعات الحزبية

يُحي التونسيون اليوم الخميس مع سائر الدول الإسلامية عيد الفطر المبارك بعد انقضاء شهر رمضان شهر الصيام والعبادة والتقوى والتضامن والتآزر،كما إن عيد الفطر يعتبر تتويجا لشهر كامل من الصيام والتعب والظمأ في سبيل القيام بفريضة من فرائض الإسلام الحنيف…



تونس تستقبل عيد الفطر وسط أجواء من الحزن والانقسام والصراعات الحزبية

 

يُحي التونسيون اليوم الخميس مع سائر الدول الإسلامية عيد الفطر المبارك بعد انقضاء شهر رمضان شهر الصيام والعبادة والتقوى والتضامن والتآزر،كما إن عيد الفطر يعتبر تتويجا لشهر كامل من الصيام والتعب والظمأ في سبيل القيام بفريضة من فرائض الإسلام الحنيف.

 

ويمثل عيد الفطر مناسبة طيبة لكل التونسيين لتبادل الزيارات بين الأقارب والأحباب وتبادل الحلويات والهدايا وطبخ بعض المأكولات الخصوصية التي يتم عادة طهيها بهذه المناسبة حفاظا على التقاليد الغذائية للعديد من جهات البلاد علاوة على أن العيد يُعدّ مناسبة لجل العائلات التونسية للخروج من المنازل والتوجه لفضاءات الترفيه قصد تسلية الأبناء والأطفال الصغار.

 

غير أن عيد الفطر في هذه السنة سيكون بالتأكيد مغايرا تماما عن سابقيه، فبالرغم من الطابع الاحتفالي للمناسبة فإنّ أجواء من الحزن ستُخيم على تونس التي مرت منذ يوم 25 جويلية الماضي بسلسلة من التطورات والأحداث الخطيرة أدت إلى حصول أزمة سياسية عنيفة أربكت سائر المجتمع التونسي وأقحمته "غصبا" في الخوض في السياسة ومشاغلها وتداعياتها وهو الذي كان يتخبّط في أزمة غلاء الأسعار والمعيشة ويجد صعوبة في التوفيق ين الحياة اليومية وتواضع قدرته الشرائية.

 

لقد حصل في الأسبوع الأخير من شهر جويلية منعرج خطير شكّل بداية الأزمة التي دخلت فيها البلاد من خلال اغتيال محمد البراهمي عضو المجلس الوطني التأسيسي لتليها سلسلة من التطورات غير المألوفة من خلال بروز غول الإرهاب وتغلغله في البلاد، وتجسّم ذلك في قتل 8 جنود تونسيين في جبل الشعانبي في كمين والذي زاد في حدة التوتر الطريقة التي تم التنكيل بها بالجثث عبر تعمّد ذبح جنود البلاد.

 

ومنذ تلك الفترة دخلت تونس في أزم سياسية عميقة لم تخرج منها إلى حدّ الآن كان من نتائجها الأولية انقسام البلاد بين الداعين إلى إسقاط الحكومة المؤقتة وحلّ المجلس الوطني التأسيسي بتعلة فشل الحكومة في الكشف عن مرتكبي جريمة اغتيال شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين (والذي تم إحياء يوم 6 أوت الجاري انقضاء 6 أشهر عن اغتياله منذ فيفري 2013) إضافة إلى فقدان شرعية المجلس التأسيسي بعد مرور أكثر مت عام ولم يتم الانتهاء من صياغة دستور جديد للبلاد، وبين مناصري الشرعية والداعمين لها و لاسيما من الترويكا الحاكمة وخاصة أنصار حركة النهضة.

 

وفي خضم شهر رمضان وما يرافقه من مشاكل غلاء الأسعار وتهرّأ المقدرة الشرائية وارتفاع نسق الاستهلاك والصعوبات لمالية التي تجدها جل العائلات التونسية لإنهاء شهر الصيام، زادتهم الأزمة السياسية  وتنامي المد الإرهابي الذي نزل من جبال الشعانبي إلى المدن عبر العثور عن عبوات ناسفة وتفجير سيارات تابعة للحرس الوطني والوصول إلى تبادل لإطلاق النار بين قوات الأمن والإرهابيين على غرار ما تم فج يوم الأحد لماضي في مدينة الوردية.

 

ستُقضّي العائلات التونسية عطلة عيد الفطر وفكرها منشغل بالوضع الراهن الذي تمر به البلاد وفكرها منشغل أيضا بالتداعيات الاقتصادية والأمنية لهذه الأزمة لا سيما وأن البلاد مقدمة على العودة المدرسية والجامعية وما سيرافقها من تخوف أن يطال الإرهاب /ولا قدّر الله/ حصول تفجيرات في المدارس أو في الجامعات.

 

كما إن الأزمة وفي حال تواصلها ستكون تأثيراتها سلبية على العديد من المجالات الحياتية من أبرزها تعطل تنفيذ المشاريع العمومية الكبرى والبنية الأساسية علاوة أن الفترة المقبلة ستتسم بالدخول الفعلي لإعداد ميزانية البلاد للعام المقبل في ظلّ فترة تواصل الانقسام وانشغال الحكومة بالملفات الأمنية الحارقة بالإضافة إلى إمكانية تسجيل تراجع منتظر في السياحة والاستثمار الخاص بما يعمّق من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الاقتصاد التونسي المطالب بحسب الخبراء الاقتصاديين أن يحقق القفزة والانطلاقة الحقيقة انطلاقا من السنة القادمة.

 

الأمر الثابت والمتأكد أن الفترة الراهنة لا تسمح بإشاعة ونشر الرقة والانقسام بين التونسيين بل إن الفترة تقتضي التوحّد وإلغاء المصلحة الحزبية الضيقة من اجل محاربة عدو واحد وهدف مشترك وهو محاربة الإرهاب الذي استمد قوّته وتغلغله في البلاد بعد أن ساد الانقسام والانصراف على مشاكل ضيقة.

 

الأمل في أن تزول الغُمّة وأن يكون عيد الفطر المبارك مناسبة لطي صفحة الخلافات والصراعات والتجاذبات الحزبية والسياسية والجلوس إلى طاولة الحوار بين كل الفرقاء السياسيين خدمة لمصلحة البلاد وشعبها.

 

رياض بودربالة

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.