عيد ..بأية حال عدت يا عيد؟ تساءل المتنبي منذ قرون ويمكن أن نجد أنفسنا اليوم في نفس الموضع نتساءل معه ؟ سواء في مصر التي كتب فيها أبو الطيب قصيدته الشهيرة أو في تونس الآن ونحن على أبواب العام الثالث للثورة واقفين في مأزق ضحالة السياسة الضيقة للثلاثي الحاكم ولقلة جهد المعارضة التي لم تعرف كيف تستثمر لحظات الضعف الحقيقية وهي تجري اليوم وراء سراب مفاوضات مضنية يتلهى الثالوث الحاكم بتوزيع الأدوار فيها كيفما شاء ….
تونس: عيد بأية حال عدت يا عيد ؟
|
عيد ..بأية حال عدت يا عيد؟ تساءل المتنبي منذ قرون ويمكن أن نجد أنفسنا اليوم في نفس الموضع نتساءل معه ؟ سواء في مصر التي كتب فيها أبو الطيب قصيدته الشهيرة أو في تونس الآن ونحن على أبواب العام الثالث للثورة واقفين في مأزق ضحالة السياسة الضيقة للثلاثي الحاكم ولقلة جهد المعارضة التي لم تعرف كيف تستثمر لحظات الضعف الحقيقية وهي تجري اليوم وراء سراب مفاوضات مضنية يتلهى الثالوث الحاكم بتوزيع الأدوار فيها كيفما شاء …. في الأثناء يتباهى رئيس الحكومة المؤقتة بنجاحات لا يراها إلا من منظور مقارنة الوضع في تونس بما يجري في مصر أو في سوريا أو في ليبيا متناسيا أن هذه الخصوصية في التجربة التونسية مكنته منها صلابة المجتمع المدني التونسي الذي أوقف أغلب محاولات الإسلاميين جرنا إلى مربع التخلف الفاشل الذي تتخبط فيه البلدان الشقيقة التي حكمتها أو تغولت فيها التيارات الإسلامية أو السلفية القريبة منها… حركة النهضة التي تلعب اليوم بامتياز ونجاح أرقى ما وصلت إليه تكتيكات التفاوض المفرغ تظن أنها يمكن أن تتمكن من الخروج من مأزق الوضع الحالي إن استطاعت تفتيت جهود المعارضة والمجتمع المدني إلى عدة مواجهات… فهذا حليفها حزب المؤتمر يواصل سيناريو التفرد بالمواقف المزايدة امعانا في خلق توترات إضافية…وهذه كتلتها البرلمانية تزايد على "الشرعية" ومستتبعات الشرعية معلنة رفضها لأي توافقات تقيد من عمل المجلس التأسيسي أو مدة عمله . ثم بعد هذا كله تواصل الإعلانات الجوفاء حول التزامها بخارطة الطريق… وبين هذا كله تواصل البلاد الانزلاق نحو المزيد من التأزم السياسي والاقتصادي بالخصوص الذي يثقل كاهل المواطن وكاهل الدولة كل يوم أكثر مما سبقه …وبين هذا كله يتواصل نمو الإرهاب وظهور الخلايا الارهابية النائمة والصاحية على حد سواء في تحد واضح لقوات الأمن مثلما حدث بالقصرين قبل العيد بيوم واحد وفي استفزاز مستمر … العيد اليوم في تونس لا يمت لطعم العيد بصلة والمواطن لا يشعر البتة أنه بصدد الاحتفال وكل الأمور مرجئة إلى حين …فمسألة فانون الهيئة الانتخابية خلقت مشكلا أوليا للحوار الوطني لا نعرف كيفية الخروج منه بعد…والمسائل الخلافية في الدستور رغم أنها أصبحت أقل بكثير مما كانت عليه إلا أنها تراوح مكانها منذ ما قبل موت الشهيد محمد البراهمي في جويلية الماضي. ولم تطرح بعد قضية القانون الانتخابي المزمع العمل به في البرلمانية والرئاسية القادمتين كما لم تطرح أيضا عديد المسائل الأخرى المتعلقة بالانتخابات ومنها خصوصا مسألة المال السياسي وتمويل الأخزاب وقضية مراقبة الانتخابات وغير ذلك كثير وكثير… عيد بأية حال عدت يا عيد ؟ هكذا تساءل المتنبي وهكذا نتساءل نحن جميعا اليوم وعلى السياسيين منا ابتداع الاجابة بسرعة قبل أن تتحول الأزمة السياسية إلى أزمة شاملة تأتي على الأخضر واليابس كما يقال وعندها لن ينفع السؤال حول من أشعل الفتيل …
|
علي الشتوي
|