أعلن مساء الاثنين في ساعة متأخرة من الليل الأمين العام الاتحاد العام التونسي للشغل الحسين العباسي عن تعليق “الحمار الوطني” عفوا الحوار الوطني في إشارة ضمنية إلى فشل الحوار في تجميع الفرقاء السياسيين وتحقيق الوفاق الوطني حول المسارين الحكومي والتأسيسي ولا سيما المسار الحكومي الذي من المفروض أن يتعرف الشعب التونسي يوم أمس عن رئيس حكومته الجديد، “المهدي المنتظر”…
تعليق (الحمار) الحوار الوطني: الفرقاء السياسيون لا يريدون الخير لتونس
أعلن مساء الاثنين في ساعة متأخرة من الليل الأمين العام الاتحاد العام
التونسي للشغل الحسين العباسي عن تعليق "الحمار الوطني" عفوا الحوار الوطني
في إشارة ضمنية إلى فشل الحوار في تجميع الفرقاء السياسيين وتحقيق الوفاق
الوطني حول المسارين الحكومي والتأسيسي ولا سيما المسار الحكومي الذي من
المفروض أن يتعرف الشعب التونسي يوم أمس عن رئيس حكومته الجديد، "المهدي
المنتظر".
هذا الفشل المُعلن والذي أقر به العباسي رفقة الرباعي الراعي للحوار الوطني
يحمل في طياته العديد من الرسائل المضمونة الوصول إلى التونسيين لعل أبرزها
وأقواها أن فئة كبيرة من الأحزاب لا تريد الخير لتونس وترفض التنازل وتواصل
تعنتها من اجل التمسك بمرشحها مهما كانت الوقائع والظروف الراهنة.
من المضحكات المبكيات أن بعض الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني وحتى في كل
الأحداث السياسية التي تعيشها في البلاد لها قاعدة شعبية تكاد تكون معدومة
وأن عدد منخرطيها لا يتجاوز المائة أو حفنة من المناصرين تخوض في مصير
البلاد وبأية طريقة.
فعلى امتداد أكثر من أسبوع من تعهد رئيس الحكومة المؤقتة علي العريض
بالاستقالة وفق ما تضمنته خارطة الطريق على أن تكون الاستقالة فعلية وسارية
المفعول بعد انقضاء 3 أسابيع يكون خلالها ترشيح رئيس جديد للحكومة من
المفروض أن يزكيه رئيس الجمهورية ويحظى بثقة المجلس التأسيسي، غير أنه "جرت
الرياح بما لا تشتهيه السفن" بتعطل الحوار وإعلان فشله ولو أن الأمين العام
للاتحاد العام التونسي للشغل رفض كلمة الفشل وأن الرباعي الراعي للحوار مصر
ومتمسك بإنجاح الحوار، الذي حفت به العديد من المنزلقات ودخل في منعرجات
أدت به إلى الانحراف عن طريقه ومساره المراد بلوغه.
ما لا يدركه الفرقاء السياسيون والأحزاب المتنازعة والمشاركة في الحوار
الوطني أن مصير البلاد الاقتصادي والاجتماعي والأمني وحتى قبل المصير
السياسي، متوقف بشكل جذري على نجاح الحوار والدخول في المرحلة الثالثة
الانتقال الديمقراطي.
يبدو أن المصالح الحزبية الضيقة جدا والتمسك بالكراسي واللعبة السياسية
أنست الأحزاب بمختلف توجهاتها وانتماءاتها الإسلامية واليسارية والاشتراكية
والوسطية والدستورية الوضع المتردي التي آلت إليه البلاد وأن المؤسسات
المالية الدولية وأهم الشركاء الاقتصاديين لتونس (الاتحاد الاوروبي) هي
التي تبادر بتنبيه الساسة بخطورة وحساسية الوضع ودقة المرحلة.
لقد وصلت البلاد بسبب استهتار الساسة وعدم مبالاتهم إلى وضع اقتصادي خطير
ووضعية أمنية هشة لا تحتمل في ظل تصاعد المد الإرهابي وتزايد العنف وبخاصة
تدهور القدرة الشرائية والاستهلاكية للمواطن وتدني مجمل المؤشرات
الاقتصادية الجملية للاقتصاد التونسي بما أثر سلبا على المالية العمومية من
حلال ارتفاع المديونية إلى أكثر من 46 بالمائة منتظرة مع موفى العام الجاري
فضلا عن رفض العديد من المؤسسات المالية الدولية (البنك الإفريقي للتنمية
والبنك الدولي) إقراض تونس الأموال.
إلى ذلك من عزوف المستثمرين التونسيين والأجانب الاستثمار والمخاطرة في
البلاد من منطلق أن الرؤية السياسية غير الواضحة أمامهم بالمرة فضلا عن
الارتفاع غير المبرر لعدد الإضرابات في عديد القطاعات في هذه الفترة الذات
بما يطرح أكثر من تساؤل حول المغزى من مواصلة شل الحركة وتعطيل مصالح
المواطنين والاقتصاد عموما.
إنَ ما ينبغي أن يفهمه ويستسيغه الساسة التونسيون "المحترمون" أنه حان
الوقت لأخذ قرارات حاسمة وأن لزم الأمر موجعة من أجل مصلحة البلاد والعباد،
إذ أن مصير 11 مليون تونسي معلق على بضعة أحزاب ونزعات فردية طغت عليها
المصلحة الحزبية الضيقة لتنقلب المقولة الشهيرة" البلاد قبل الأحزاب" إلى
"الأحزاب قبل البلاد".
الشعب التونسي الذي كُتب عليه في هذه الظروف المعاناة سينفذ صبره وسيضيق
حتما صدره وينتفض من جديد ضد دكتاتورية الأحزاب وضد الذين لا يريدون الخير
له.