دعا عدد من السياسيين والمثقفين والأكاديميين المتخصصين في الشأن القضائي إلى وجوب ضمان عدم تدخل السلطة التنفيذية في القضاء وضرورة عدم تسيّس القضاة و حماية القاضي ضدّ التدخّلات و حماية المواطن ضدّ الفساد علاوة على إقرار الرّقابة الدّيمقراطية على كل المؤسسات و توفير الآليات لضمان عدم تغول القضاة وآليات للتطهير و الغربلة…
دعا عدد من السياسيين والمثقفين والأكاديميين المتخصصين في الشأن القضائي إلى
وجوب ضمان عدم تدخل السلطة التنفيذية في القضاء وضرورة عدم تسيّس القضاة و حماية
القاضي ضدّ التدخّلات و حماية المواطن ضدّ الفساد علاوة على إقرار الرّقابة الدّيمقراطية
على كل المؤسسات و توفير الآليات لضمان عدم تغول القضاة وآليات للتطهير و الغربلة.
وأوصوا في ندوة علمية نظمها مؤخرا مركز دراسة الإسلام والديمقراطية بوجوب توفير
آليات للرقابة كبعث هياكل مفتوحة وشفّافة لتدعيم الثقة في القضاء و الرقابة
الديمقراطية يضمنها المجتمع المدني والإعلام مع عدم خضوع القضاء لضغوطات الشارع
آو أي ضغوطات أخرى و يجب خلق آلية للتوازن بين السلط حيث تكون كل سلطة رقيبة
على الأخرى و يتعين ضمان الاستقلالية الهيكلية والاستقلالية الوظيفية للقضاء و
بعث إعلام مختص في رقابة القضاء.
وانتقد بعض المشاركين الفصول المثيرة للجدل في باب السلطة القضائية من مشروع
الدستور الجديد مؤكدون أنها لا تضمن استقلالية القضاء بل تسعى لتكريس هيمنة السّلطة
التنفيذية عليه فيما عبر شق أخر من المشاركين عن مدى ارتياحهم لبعض التعديلات
الأخيرة في الفصول الدستورية المتعلقة بالشأن القضائي.
أما بخصوص النيابة العمومية و علاقتها بالسلطة التنفيذية فقد كان النقاش أساسا
حول الصبغة التي تلعبها هاته المؤسسة باعتبارها تنفّذ السياسة الجزائيّة
للحكومة وليس للدّولة، وهذا في رأي بعض المتدخلين في الندوة مدخل للسّيطرة على
النيابة العموميّة وتسييسها وإخضاعها لأوامر السّلطة التنفيذيّة ممّا يُلغي
حياد النيابة العموميّة.
وقالت الرئيسة السابقة لجمعية القضاة السيدة كلثوم كنو أنّ أكثر شيء يؤدي
لارتهان القضاء هو التدخل السياسي في الشأن القضائي خاصة من خلال التعيينات في
المناصب القضائية العليا بما يجعله خاضعا للتعليمات على غرار ما كان يحصل في
نظام الرئيس السابق.
وأضافت أن الصّيغة الموجودة في المشروع النّهائي للدّستور بالنّسبة لتعيين
القضاة مقبولة نسبيا باعتبار أن تعيين الوظائف السّامية في القطاع القضائي يتم
بأمر رئاسي وبقرار مطابق من المجلس الأعلى للقضاء وهذا في نظرها شيء إيجابي
ولكن التّعديل الذي تم إدخاله يعطي للسّلطة التنفيذيّة وحدها صلاحيّة التعيين
وهذا يتعارض مع مبدأ الفصل بين السّلطات كما دعت المجلس الوطني التأسيسي إلى
مراجعة الفصل 107 المتعلق بالمحاكم العسكرية والذي اعتبرته يخالف المعايير
الدولية باعتبار أنّه يؤسس لما أسمته بدولة العسكريين حيث يخول للقضاء العسكري
أن ينظر في جرائم الحقّ العام المرتكبة من طرف العسكريين.
ومن جانبه اعتبر أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي للاستقلال القضاء أن أهم
الضمانات المكتوبة و الغير المكتوبة أو المتعاهد عليها والتي في نظره تتمثل في
حماية القاضي من كل تأثيرات قد تغير مجرى استقلاليته وحياده.
وبخصوص الفصل 103 أكّد الرحموني معارضته لهذا الفصل بشدّة متسائلا عن أي
استقلال للقضاء يتحدثون والسلطة التنفيذية تتصرف في الوظائف السّامية في القطاع
القضائي، وأعتبر التّعديل الذي تم إدخاله هو عبارة عن رقابة تعطي للسّلطة
التنفيذيّة وحدها صلاحيّة التعيين وهذا مخالف للمعايير الدّوليّة ويضرب
استقلالية القضاء بصفة كلّيّة ويتعارض مع مبدأ الفصل بين السّلطات.
كما عبر السيد الرحموني أنه من الواجب تشديد الرقابة على القضاة دون تركعيهم و
إقرار هياكل مفتوحة وشفافة تسعى لتدعيم الثقة في القضاء عبر الرقابة. كما ثمن
السيد الرحموني الرقابة الخارجية للقضاء ففي نظره يجب أن تكون شأنا عموميا ومن
حق المواطن انتقاد أحكامه.
ورأى القاضي السابق و الناشط السياسي مختار اليحياوي أن المعضلة الأساسية تكمن
في إما إصلاح أو تطهير القضاء أولا و الحال أنه في تونس بعد الثورة لا زال
القضاء كما هو دون تغيير.
وبين أن الفصل المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء غامض مستغربا من وجود هيكل بعنوان
الجلسة العامة للمجالس القضائية الثلاث من الفصل 109 من مشروع الدستور كما
يعتبر أن النيابة العمومية هي بنفس وضعيتها السابقة من حالة تسييس وضعف و
إرتهان بيد السلطة التنفيذية المسيطرة و الخاضعة ﻷومارها. انتقد السيد اليحياوي
بشدة كذالك خضوع رئيس المجلس اﻷعلى للقضاء لأي سلطة ترتيبية قد تركع استقلاليته
و تأثر على حياده.
رياض بودربالة