بعد أن انفض الاجماع المعلن والأجواء الايجابية التي رافقت الاعلان عن الانتهاء من الدستور وتشكيل الحكومة انبرت جل الاحزاب للإعداد “لأم المعارك” القادمة وهي المعركة الانتخابية…ولئن كان لحركة النهضة ولنداء تونس مجال للتحرك نحو تحالفات ممكنة ومرغوبة فإن الحزب الجمهوري بدا في الآونة الأخيرة …
بعد أن انفض الاجماع المعلن والأجواء الايجابية التي رافقت الاعلان عن الانتهاء
من الدستور وتشكيل الحكومة انبرت جل الاحزاب للإعداد "لأم المعارك" القادمة وهي
المعركة الانتخابية…ولئن كان لحركة النهضة ولنداء تونس مجال للتحرك نحو تحالفات
ممكنة ومرغوبة فإن الحزب الجمهوري بدا في الآونة الأخيرة منفردا وضعيف الحظوظ في
الساحة. ماذا حدث لأهم حزب معارض لبن علي طيلة سنوات الجمر والذي شكل الحاضنة
الكبرى لكل الأطياف المعارضة حتى يجد نفسه مفردا ؟
لا يشكك إلا الجاحدون في الدور النضالي والريادي الذي لعبه الحزب الجمهوري (الحزب
الديمقراطي التقدمي سابقا) أيام الجمر واشتداد القبضة البوليسية للنظام
النوفمبري مما جعل الحزب وقياداته وجريدته "الموقف" عرضة للمطاردات والملاحقة
والتنكيل. ولقد أبدى الحزب من الصلابة والنضالية ما جعله لا يقوم فقط بدوره
كمعقل للنضال ضد آلة بن علي بل يتحول إلى حاضنة لكل أطياف المعارضة الديمقراطية
والإسلامية بالتحاق العشرات من المناضلين به. وقاد الحزب وحده أو مع المناضلين
من جمعيات وأحزاب أخرى نضالات يذكرها تاريخ تونس الحديث لعل أهمها على الإطلاق
حركة 18 أكتوبر التي استطاع فيها الحزب قيادة عمل احتجاجي ضخم جمع كل الطيف
السياسي من اليسار إلى اليمين…
وبعد مشاركته في حكومتي الغنوشي الأولى والثانية وبرغم الانتقادات التي وجهت
لهذه التجربة إلا أن الحزب مضى قدما إلى انتخابات 23 أكتوبر معززا برصيده
النضالي ومتوقعا أن يكون فوزه واضحا ومميزا. ولكن نتائج الانتخابات خيبت الآمال
داخل الحزب وخارجه وتبين بالملموس أن الحزب الذي أسسه ويقوده السيد نجيب الشابي
لم يكن يحضى بالشعبية التي تجعل منه رقما أساسيا في المعادلات الحزبية . ومما
زاد الطين بلة أن أحزابا تعد "صغيرة" تاريخا وحجما مثل حزب المؤتمر وحزب التكتل
والعريضة الشعبية فازت بأضعاف عدد المقاعد التي تحصل عليها الحزب الديمقراطي
التقدمي.
وهنا انبرى الحزب إلى استراتيجيا التجمعات والتحالفات التي عقبت انتخابات
المجلس التأسيسي وأدى هذا التمشي إلى خلق الحزب الجمهوري الذي جمع عددا من
الأحزاب حول الديقراطي التقدمي من أجل مزيد الفاعلية وتحسين الانتشار. ولكن
الشروخ ظهرت منذ الوهلة الأولى وإبان الإعلان عن ولادة الحزب الجمهوري حيث انشق
عنه عدد هام من خيرة مناضليه وعلى رأسهم محمد الحامدي الذين أسسوا فيما بعد
التيار الديمقراطي …
وإبان الأزمة التي عرفتها البلاد في صائفة 2013 بعد اغتيال الشهيد محمد
البراهمي لم يتخلف الحزب الجمهوري عن الحراك السياسي للمعارضة وبعد انخراطه في
الاتحاد من أجل تونس إلى جانب نداء تونس شارك أيضا في تكوين وعمل جبهة الانقاذ
. وكان للحزب كلمته في هذه النضالات ولئن كانت مواقفه لا تعجب الجميع.
وابتدأت الأزمة بين الجمهوري وحلفائه في نداء تونس وجبهة الانقاذ في الظهور مع
بروز مسألة ترشيح شخصية لرئاسة الحكومة . وعوض أن يحاول الجمهوري التنسيق مع
حلفائه خاصة حول ترشيح السيد أحمد المستيري اختار وحيدا أن يساند هذا الترشيح
مع العلم أن حركة النهضة كانت متمسكة به وهو ما دفع بكل قوى المعارضة إلى رفضه…
ويرد جل الملاحظين تفرد الحزب الجمهوري بهذا الموقف إلى حسابات يعتبرون أنها لا
تغيب أبدا على كل مواقف الحزب وتتعلق دائما بالطموح الرئاسي لزعيمه السيد نجيب
الشابي مما يجعل الحزب يتورط كل مرة في مواقف غير مرنة مثلما تورط في المشاركة
مع حكومة الغنوشي أملا في التواجد في أفضل موقع في الرئاسية . كما أن تمسك
الحزب بأحمد المستيري رغم عوائق ترشحه العديدة يرجعه البعض إلى تصفية حسابات مع
الباجي قائد السبسي في سباق محتمل إلى قصر قرطاج.
وبعد توضيح المواقف الذي حدث الأسبوع المنقضي من جانب الجمهوري المتمسك بترشيح
الشابي للرئاسية بالرغم عن ضعف مردوده في كل عمليات سبر الآراء تخلى الجمهوري
عن الاتحاد من أجل تونس وعن جبهة الانقاذ اللذين يفضلان سرا أو علنا ترشيح
الباجي قائد السبسي للموعد الرئاسي القادم.
وبالطبع فإن الحزب الجمهوري يعرف أنه لا يمكن أن يحقق وحده أية نتائج ذات وزن
في الساحة وأنه لابد له من التحالف مع احزاب أخرى ولعل أولها بالطبع حزبي
التكتل والمؤتمر ولو أن للحزبين مرشحين للرئاسية بالطبع . كما لا يستبعد أن
يفتح الحزب مفاوضات أخرى مع القوميين في حركة الشعب الرافضين للتحالف مع نداء
تونس وحتى مع أبنائه "الخارجين عنه " في التحالف الديمقراطي من أجل توسع دائرة
تحالفاته …