إتّضحت السياسة التي تعتمدها الحكومة المؤقتة في تونس التي يترأسها مهدي جمعة بعد أيام قليلة من انطلاقها في تسيير دواليب الدولة لتبدو واضحة في تركيزها على أهمية تجاوز الوضع الاقتصادي الصعب التي تمر به البلاد عبر حشد الدعم المالي من الدول الأوروبية والعربية وعبر آليات وإجراءات داخلية من شأنها أن تنفع ميزانية الدولة.
…
إتّضحت السياسة التي تعتمدها الحكومة المؤقتة في تونس التي يترأسها مهدي جمعة بعد أيام قليلة من انطلاقها في تسيير دواليب الدولة لتبدو واضحة في تركيزها على أهمية تجاوز الوضع الاقتصادي الصعب التي تمر به البلاد عبر حشد الدعم المالي من الدول الأوروبية والعربية وعبر آليات وإجراءات داخلية من شأنها أن تنفع ميزانية الدولة.
ويبدو أن الحكومة المؤقتة الجديدة جداة في إعطاء أولوية كبرى في تحسين العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأوروبية وتطويرها مع دول الخليج العربي لتمثل هذه الأولوية أهم مرتكزات هذه الحكومة التي تحاول التنويع في مصادر تمويل ميزانية الدولة.
التكثيف من الزيارات الرسمية للبحث عن الدعم المالي
زيارة رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة الى منطقة الخليج العربي مؤخرا وبرمجة زيارة أخرى في الأيام القادمة الى الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد سعيها لجذب رجال الأعمال الخليجيين والأوروبيين لتونس والبحث عن دعم مالي واقتراض خارجي من هاته الدول لتجاوز أزمة ميزانية الدولة.
ويؤكد تصريح رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة قبل جولته الخليجية اتخاذ حكومته منوال التداين الخارجي حيث قال" أنه لا خيار أمام تونس لمواجهة الإفلاس والانهيار الاقتصادي سوى طلب الدعم من أصدقائها ومزيد من الاقتراض".
وشملت زيارة رئيس الحكومة عدة دول خليجية على غرارقطر،الامارات،السعودية،الكويت رافقه فيها ثلة من الوزراء وقادة الأعمال قاموا بجولة في دول الخليج لطمأنة الشركاء الأجانب أن الاستثمار في تونس أصبح آمنا.
وأكد وزير الخارجية المنجي الحامدي ،الذي رافق جمعة في جولته بدول الخليج العربي،نجاح الجولة في تحقيق أهدافها وإقناع مستثمرين خليجيين بوجود أرضية استثمار في تونس تلاءم مشاريعهم في تونس .
كما صرحت وداد بوشماوى رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية التي رافقت جمعة في جولته في تصريح اذاعي إن "رجال الأعمال الخليجيين مستعدون للاستثمار في تونس قائلة "زيارتنا إلى عدد من دول الخليج مكنتنا من إزالة العقبات التي تعترض إقامة المشاريع المعطلة".
وفي نفس السياق يُنتظر أن يقوم رئيس الحكومة مهدي جمعة يوم الأربعاء 2 أفريل 2014 بالتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أول زيارة رسمية له الى الولايات المتحدة الأمريكية ستمتد على ثلاث أيام وذلك بعد دعوته من الرئيس الامريكي باراك أوباما سيجري خلالها سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين بالادارة الامريكية والكونجرس الامريكي بالاضافة إلى لقاء مع مجموعة من رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات حسب ما جاء في بلاغ لرئاسة الحكومة.
كما يشار الى أنه وفي ذات الشأن التقى جمعة بعد عودته من منطقة الخليج العربي برئيس بنك الإفريقي للتنمية دونالد كابروكا، الذي أعلن تبني خطة لدعم تونس لسنتين (2014 و 2015) تستهدف محوري الحكم الرشيد وتحسين البنية التحتية.
وعبّر كابروكا خلال لقائه جمعة عن استعداد البنك لمواصلة دعم تونس في كل المجالات، وأعرب عن تطلعه لتأسيس شراكة دائمة معها لتحقيق التنمية الشاملة.
كما سبقت جولة مهدي في دول الخليج العربي لقاءا بالمفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار ستيفان فول وفي ذلك في تكثيف جهود استقطاب الأموال الأجنبية إلى تونس من أوروبا.
الاكتتاب الداخلي وتضحية المواطنين آليات لدعم الاقتصاد
لم تقتصر الحكومة الجديدة في تونس المنبثقة عن حوار وطني على التعويل على تمويل الدولة عبر مصادر تمويل خارجية بل أعلنت عزمها عن اتباع آليات وإجراءات من شأنها أن تكون مصادر تمويل داخلية لميزانية الدولة.
وقد اعترف رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة مؤخرا خلال لقاء تلفزيوني بصعوبة الوضع الاقتصادي معلنا تركيز الدولة عن دور المواطنين في تجاوز ازمة ميزانية الدولة.
وكشف جمعة عن إجراءات عديدة ستتبعها حكومته على غرار الاكتتاب الداخلي وغلق باب الانتدابات في الوظيفة العمومية بالنسبة للسنة الجارية للتخفيف من أزمة ميزانية الدولة.
ودعا رئيس الحكومة في حواره التلفزي المواطنين التونسيين إلى تقديم بعض التضحيات.
وقد انطلقت الحكومة المؤقتة في اجراء بعض التغييرات في صندوق الدعم اذ شرعت في رفع الدعم عن بعض المواد التي رأت انها مكلفةَ لميزانية الدولة فقامت برفع الدعم كليّا عن مادة الاسمنت ورفع الدعم عن مادة الطماطم.
ديون خارجية ضخمة نحو الارتفاع
تُؤكد المؤشرات الاقتصادية الرسمية تفاقم الديون الخارجية للبلاد، حيث توقع محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري ارتفاع حجم الديون إلى أكثر من 48 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
ويحذّر خبراء اقتصاديون من مساهمة هذه المؤشرات في انزلاق البلاد نحو الإفلاس والانهيار وما يسببه ذلك من احتقان أمني واجتماعي.