نظر المجلس في بداية أشغاله في مستجدات الظرف الاقتصادي الدولي، واطلع، بالخصوص، على آخر المعطيات المتعلقة بنسب النمو العالمي الصادرة عن البنك الدولي خلال الشهر الحالي، حيث ينتظر أن يتسارع نسق الاقتصاد العالمي
نظر المجلس في بداية أشغاله في مستجدات الظرف الاقتصادي الدولي، واطلع، بالخصوص، على آخر المعطيات المتعلقة بنسب النمو العالمي الصادرة عن البنك الدولي خلال الشهر الحالي، حيث ينتظر أن يتسارع نسق الاقتصاد العالمي خلال السنة الحالية ليبلغ نسبة 2,8٪ ثم 3,4٪ في العام المقبل، بفضل تحسن أداء مجموعة البلدان المتقدمة في حين سيكون مستوى النمو دون المأمول في مجموعة البلدان النامية، التي يتعين عليها، حسب توصيات البنك، المبادرة بالقيام بالإصلاحات الهيكلية الضرورية. كما سجل المجلس ارتفاع أسعار النفط إلى مستوى 114 دولار في الآونة الأخيرة بعد فترة من الاستقرار تحت عتبة الـ 110 دولارات للبرميل نتيجة التوترات الجيوسياسية، وهو ما من شأنه أن يزيد من حدة الضغوط على التوازنات المالية للبلاد.
كما نظر المجلس، على الصعيد الوطني، في التوقعات الأخيرة التي أصدرها البنك الدولي لمستوى النمو في تونس، والتي تعكس بوادر إيجابية لتطور الوضع الاقتصادي، حيث تشير إلى ارتفاع النمو الاقتصادي بالمقارنة مع التقديرات الصادرة في شهر جانفي 2014 من 2,5٪ إلى 2,7٪ بالنسبة للسنة الحالية ومن 3,3٪ إلى 3,5٪ بالنسبة لسنة 2015 مقابل توقعات صندوق النقد الدولي التي تبرز نسبتي نمو بـ 2,8٪ و3,5٪، على التوالي، مقابل 2,3٪ تحققت سنة 2013 .
وعلى المستوى القطاعي، وفي ظل الظروف المناخية الملائمة التي ميزت الموسم الفلاحي الحالي، من المنتظر أن يناهز محصول الحبوب 24,5 مليون قنطار مقابل تقديرات سابقة بـ 22 مليون قنطار و13 مليون قنطار تحققت في الموسم السابق. غير أنه وبالنسبة للقطاع الصناعي، شهد مؤشر الإنتاج الصناعي تقلصا خلال شهر مارس 2014 (-0,8٪ بحساب الانزلاق السنوي) بالعلاقة مع تراجع إنتاج كل من الصناعات المعملية والصناعات غير المعملية على حد السواء، وذلك بالتوازي مع تراجع جل المؤشرات المتقدمة للنشاط في القطاع خلال شهر ماي من نفس السنة. وفي نفس السياق وبخصوص قطاع الخدمات، سجل النشاط السياحي خلال شهر ماي 2014 تقلصا في أبرز مؤشراته بالمقارنة مع نفس الشهر من السنة الماضية، في حين عرف قطاع النقل الجوي انتعاشة ملموسة.
وبخصوص القطاع الخارجي، أبدى المجلس من جديد قلقه إزاء استمرار توسع العجز الجاري الذي بلغ 4,6٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2014 مقابل 3,9٪ خلال نفس الفترة من سنة 2013، نتيجة خاصة تواصل تدهور عجز المبادلات التجارية مع الخارج لا سيما بالنسبة للطاقة والمواد الغذائية، بالرغم من التراجع الطفيف لواردات هذه الأخيرة، الشيء الذي أدى، في ظل تقلص المداخيل بعنوان الاستثمار الأجنبي، إلى تواصل الضغوط على الموجودات الصافية من العملة لتبلغ 10.555 م.د أو ما يعادل 94 يوم توريد، بتاريخ 24 جوان الجاري، مقابل 106 أيام في موفى سنة 2013.
وعلى مستوى تطور الأسعار، أبدى المجلس انشغاله ببروز مؤشرات على عودة الضغوط التضخمية بعد فترة من الانفراج النسبي. فقد واصل مؤشّر الأسعار في شهر ماي 2014 ارتفاعه للشهر الثاني على التوالي ليبلغ 5,4٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 5,2٪ في الشهر السابق، نتيجة تسارع أسعار المواد الغذائيّة والمواد المعمليّة والخدمات.
ولدى تحليله لتطور النشاط في القطاع المصرفي، سجل المجلس تحسنا في نسق الإيداعات خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2014 (2,7٪ مقابل 1,2٪ خلال نفس الفترة من 2013)، رافقه ارتفاع في نسق تطور التمويلات الممنوحة للاقتصاد، خلال نفس الفترة، (3,8٪ مقابل 3٪ قبل سنة).
وفيما يتعلق بآخر التطورات النقدية، لاحظ المجلس ارتفاع حاجيات البنوك للسيولة بنسق سريع خلال شهر جوان 2014، وهو ما أدى إلى تدخل البنك المركزي لتعديل السيولة في حدود 5,6 مليار دينار إلى غاية 24 من نفس الشهر مقابل 5,3 مليار في ماي المنقضي. وبالتوازي، بلغت نسبة الفائدة الوسطية في السوق النقدية 4,73٪ خلال نفس الفترة مقابل 4,70٪ قبل شهر.
و بالنسبة لسوق الصرف، أشار المجلس إلى تراجع قيمة الدينار خلال شهر جوان الحالي إزاء كل من الأورو والدولار الأمريكي حيث بلغ سعر الصرف، يوم 23 من نفس الشهر، مستوى 2,2805 دينار و1,6654 دينار (-2,4٪ و-1,9٪ على التوالي). ومقارنة بمستواها في بداية السنة الحالية سجلت قيمة الدينار انخفاظا بـ 1,1٪ إزاء الأورو و0,6٪ مقابل الدولار. وبالتالي فإن النسق التنازلي لسعر صرف الدينار خلال الأشهر الأخيرة نتج عنه امتصاص الزيادة في قيمة الدينار المسجلة خلال الثلاثية الأولى من سنة 2014.
وعلى ضوء هذه التطورات، يذكر المجلس بتصاعد المخاطر بخصوص التوازنات المالية الداخلية والخارجية في ظل التردي المتواصل لوضعية القطاع الخارجي والتي قد تزداد حدتها خلال الأشهر القادمة مع عودة الضغوط التضخمية، نتيجة لتضافر عوامل متعددة من ضمنها ارتفاع كلفة الأجور وتراجع الإنتاجية إضافة إلى نزعة أسعار المواد الموردة إلى الارتفاع، داعيا كل الأطراف المعنية إلى تحمل مسؤولياتها والمساهمة في الجهود الهادفة إلى استعادة نسق النشاط الاقتصادي والحد من اختلال التوازنات المالية.
هذا، وحرصا من المجلس على احتواء آثار ارتفاع التضخم وما ينجر عنه من تدهور على مستوى المقدرة الشرائية للمواطن، قرر الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بـ 25 نقطة أساسية لتبلغ 4,75٪.
( للإطلاع على مزيد من المعطيات حول الظرف الاقتصادي والمالي، يمكن الاتصال بموقع واب البنك المركزي التونسي www.bct…