قررت المنظمة العالمية الايزو عقد اجتماعها القادم المخصص لإحداث مواصفة عالمية ضد الفساد بالولايات المتحدة الأمريكية و ذلك بعد رفض الحكومة التونسية استضافة هذا الاجتماع خوفا من حضور ممثل عن إسرائيل و ما سوف يحدثه من إحراج للحكومة في علاقتها بالمجلس التأسيسي و بالأحزاب السياسية.
أقول هذا بكامل الأسف لأنه بعد المجودات التي بذلتها بصفة شخصية، و بوصفي عضو بفريق الخبراء الذي عهدت إليه الايزو مهمة صياغة هذه المواصفة ، تأتي الحكومة لتنسف هذه الجهود، بالرغم من اقتناعها بجدوى استضافة هذا الاجتماع الذي سيكون له وقعا ايجابيا سواء على مستوى السياحة و كذاك على مستوى استعادة تونس لدورها على الصعيد الدولي.
و للتذكير فان الاجتماع الأخير لفريق الخبراء الذي انعقد بمدريد مع بداية السنة الجارية كان تداول مسالة عقد اجتماعه القادم بتونس وحصل شبه إجماع على أن تكون تونس هي مقر الاجتماع القادم لولا التحفظ الذي أبداه الوفد الممثل للولايات المتحدة الأمريكية، و لكن و بعد الزيارة التي أداها رئيس الحكومة مهدي جمعة إلى أمريكا زال هذا التحفظ، و أصبحت رغبة المنظمة في عقد اجتماعها بتونس قوية، حيث أبدت عديد البلدان منها المملكة البريطانية و فرنسا و النمسا و كندا دعما واضحا لترشح تونس.
و لكن هذه المرة هاهي الحكومة التي ترفض خوفا من السجال الذي قد يحدثه الحضور المحتمل لمندوب إسرائيل مع الإشارة وان هذا الاجتماع هو تقني بحت و ليس له أي طابع سياسي. مع أن حضور مندوب إسرائيل ليس متأكدا.
هذا الموقف يطرح عديد الإشكاليات، فإذا استسلمنا لهذا المنطق فلن يكون لتونس مستقبلا أي طموح في استضافة أي اجتماع أممي أو حتى اجتماع منظمة عالمية. فبعد الزوبعة التي أحدثها المجلس التأسيسي علي إثر زيارة سائحين إسرائيليين وما تبعه من مساءلات إلي وزيرة السياحة ووزير الداخلية والتي رافقتها ضجة إعلامية كانت لها صدي سيئا علي المستوي الخارجي و أثرا سلبيا علي الموسم السياحي, ها هو من جديد شبح المجلس التأسيسي يخيم على العمل الحكومي ويؤثر على مردوده.