يتابع مركز تونس لحرية الصحافة بانشغال كبير الخلاف العميق بين الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وبعض قنوات التلفزية ومحطات إذاعية رفضت الامتثال لقرارات الهيئة الدستورية الأولى التي أوكلت إليها مهمة تدارك الفوضى التي شهدها المشهد السمعي البصري عقب ثورة 14 جانفي 2011، وتنظيم هذا القطاع الحساس.
وبعد الإطلاع على بيانات الهيئة ومواقفها تجاه هذا الخلاف، والاستماع إلى ردود فعل أصحاب القنوات المعنية بالقرارات، وقف المركز عند خلاف أساسي في وجهات النظر يتعلق بالفقرات الخاصة بمبدأ الشفافية المالية وكشف مصادر تمويل المؤسسات العاملة في مجال الإعلام، وليس رفضا كاملا لكراس الشروط من قبل القنوات المعنية.
وعليه، يذكّر مركز تونس لحرية الصحافة أنّ هذا الخلاف يستبق فترة انتخابية تحتاج استقرارا سياسيا واجتماعيا وأمنيا وإعلاميا حتى تعبر تونس من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة المؤسسات الدائمة.
كما يستغرب المركز الحملة الشعواء التي انتهجتها قناتا “نسمة” و حنبعل الخاصتين المعنية بقرار “الهايكا” المتعلق بتوقيع كراس الشروط، والتهجم المبالغ فيه على هيئة دستورية اجتهدت في تطبيق القانون والتعامل مع مشهد إعلامي معقّد قوامه الفوضى والانتهاكات.
والمركز إذ يحيي إصرار الهيئة العليا على تطبيق القانون – دون محاباة أو تمييز- على كافة وسائل الإعلام، فإنه لا يبدي أي تحمّس لإغلاق وسائل إعلام مرئية أو مسموعة لها جمهورها ومريدوها، ويرفض المساس بثراء المشهد السمعي البصري وتنوعه، وخاصة حرية التعبير التي نص عليها دستور الجمهورية الثانية.
وبناء على ما تقدّم، قرر مركز تونس لحرية الصحافة فتح تحقيق مستعجل في هذه القضية التي تهم بالدرجة الأولى زملاءنا الصحافيين العاملين في المؤسسات المعنية بقرارات “الهايكا “الأخيرة، والذين أبدوا للمركز تخوّفهم من أن يتحولوا إلى ضحايا لهذا الخلاف ويفقدوا مواطن شغلهم ويحالوا إلى البطالة قسرًا.
واتفقت الهيئة المديرة لمركز تونس لحرية الصحافة، على أن يتركّز التحقيق المقصود على العناصر التالية:
1/ رفض أي حل للإشكال القائم على حساب الزملاء العاملين في القنوات والإذاعات المهددة بالغلق، ورفض الفوضى الإعلامية في المقابل.
2/ الحرص على ثراء المشهد السمعي البصري وتنوعه والتحذير من قرارات الغلق.
3/ التحذير من مغبة التطاول على قرارات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري أو رفض الامتثال لها، وهو تطاول قد يفسح المجال مستقبلا أمام الدوس على قرارات لهيئات دستورية أخرى، ويعيق تكريس ثقافة احترام القوانين التي ننشدها جميعا .ولتجنب هذا الاشكال القائم نرجو من كافة الاطراف التعاطي مع هذا الملف بمسؤولية .
4/التحذير من محاولات عدد من التلفزات و الإذاعات التهرب من طرح موضوع جوهريّ يتعلّق برفضها لأهمّ عناصر كراس الشروط المحدثة لمنشآت سمعيّة بصريّة و التي تتعّلق بالإشهار و الإشهار السياسي و إحتكار المشهد السمعي البصري، ومحاولة الإيهام بأنّ صراعها مع الهايكا يتعلّق بقضايا حريّة الإعلام و الإتصال و التعبير.