لا يغيب اسم «أبو عزرائيل» عن وسائل الإعلام المواكبة للحدث العراقي، ومواقع التواصل، منذ شهرين تقريباً. لا تفارق الابتسامة وجه المقاتل العراقي في صوره المنتشرة على «فايسبوك» و «تويتر»، ولا تفارقه أيضاً الأسلحة بكلّ أشكالها وأنواعها وأحجامها حسب ما نقلته قناة العالم
وحسب السفير الرجل الملتحي، حليق الرأس، غدا الوجه الإعلامي الأوّل للمعارك التي يشارك فيها «الحشد الشعبي» في العراق، وخصوصاً في تكريت. وفي لقاءات إعلاميّة أجريت مع «أبو عزرائيل»، واسمه الحقيقي أيّوب فالح حسن الربيعي (40 عاماً)، يعرّف عن نفسه بأنَّه «موظَّف حكومي بسيط، يملك سيَّارة أجرة بالتقسيط، هبَّ مع من هبّوا للوقوف في وجه داعش».
لا يبدو الرجل مهتمّاً بشهرته المستجدّة على مواقع التواصل، بفعل أشرطة فيديو يتوعدّ فيها «الدواعش» بـ «طحنهم» حيناً، وبتقطيعهم بالسيف تارة أخرى. لا ينفكّ يؤكّد أنّه «إنسان بسيط يمكن أن يموت في أيّة لحظة، وأن العراق يحتوي الآلاف من أبي عزرائيل الأشدّاء».
بين «رامبو العراق» و «أبو عزرائيل»، وغيرها من الألقاب، شكّل القيادي في «كتائب الإمام علي» التابعة لـ «الحشد الشعبي» حالة فريدة، تجمع عدّة تناقضات، وتنحو أحياناً صوب الهزل. فهو لاعب تايكواندو متمرّس، يتمتع بلياقة عالية، مقرونة بعضلات مفتولة ناجمة عن ممارسته المستمرّة لرياضة كمال الأجسام. يبدو بلحيته الطويلة، وبزّته المدجَّجة بالقنابل وأجهزة الاتصالات، آلة موت صممت للقتل، وكأنّه خارج من لعبة فيديو. وفي الوقت ذاته، تكسر ابتسامته العريضة حدّة الصورة، تضاف إليها لهجة عراقية محلّاة بروح الدعابة، والنكتة الذكية.
يطلّ «أبو عزرائيل» بشكل شبه يومي، عبر تسجيلات مصوّرة يقوم بنشرها على «يوتيوب»، وتتناقلها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. يظهر أحياناً على دراجة هوائيّة، ومرّات أخرى من داخل سيارته، مطلقاً النكات، متوّعداً التنظيم بالفناء على أرض العراق. إلا أنَّ أشهر تسجيلاته فيديو يتوعّد فيه «بطحن التنظيم»، مطلقاً عبارته الشهيرة «ألا طحين»، والتي تحوّلت إلى وسم تقترن به معظم التغريدات المواكبة لمعارك العراق، قبل أن تصيّر أغنيّة حماسيّة أطلقها أحد المغنّين.
لأيّوب تاريخ طويل في العمل المسلَّح، بحسب ما ورد في لقاء أجراه مع قناة «هنا بغداد»، وتقرير نشرته «وكالة الصحافة الفرنسيّة»، إذ قاتل الاحتلال الأميركي مع «جيش المهدي»، ثمّ في سوريا، وتنقّل بين عدّة فصائل مقاتلة خلال السنوات الماضية، قبل أن ينتهي به المطاف قيادياً في «الحشد الشعبي». ذلك ما أكسبه خبرات كبيرة في الأعمال القتاليَّة، قام بتطويرها وإدخال العنصر الإعلاميّ إليها، فغدا نجماً في الأوساط الشعبية العراقيّة، وعنصر جذب لوسائل الإعلام العالمية، لتُنشَر عنه تقارير في معظم الصحف الأميركيّة والبريطانيّة.
يعمد «أبو عزرائيل» في ظهوره الإعلامي، أو في التسجيلات المصوَّرة التي يقوم هو بنشرها (بعضها يقوم بتصويره بنفسه)، إلى إظهار وجهه الشرس، سواء من خلال حمل ساطور، أو رشاش. بالرغم من ذلك، لا تفارق الابتسامة وجهه، مجسِّداً بشخصيّته حال المواطن العراقي الذي اتّحد مع الموت، وسرقت الحروب حياته وأحلامه منذ سنوات طويلة، فاستبدلتها بساطور أو رشاش أو قنبلة.