يشير آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية إلى أن حوالي 1.24 مليون نسمة يموتون كل عام نتيجة حوادث المرور في العالم، أي ما يزيد على قتيلين كل دقيقة، كما يشير التقرير الى أن عدد الأشخاص الذين يتعرّضون لإصابات جرّاء تلك الحوادث يتراوح سنويا من 20 إلى 50 مليوناً، كثير منهم يصل بهم الأمر إلى العجز الكامل.
وتتسبّب حوادث المرور في إلحاق خسائر مادية هائلة بالضحايا وأسرهم وبالدول عموماً، إذ تشير بعض الإحصائيات إلى أنّ التكاليف الاقتصادية المرتبطة بحوادث المرور تناهز 520 مليار دولار أمريكي، وتكلّف البلدان من 1% إلى 3% من ناتجها القومي الإجمالي، في حين يتبيّن أنّ الآثار المالية التي يتكبّدها الأفراد والأسر تؤدي إلى زيادة حجم الاقتراض المالي والديون، بل تؤدي أيضاً إلى انخفاض حجم الاستهلاك الغذائي.
ويسجل أكثر من 91% من الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق على مستوى العالم في البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط، علما أن تلك البلدان لا تمتلك إلاّ أقلّ من نصف المركبات الموجودة في العالم.
وتمثل الإصابات التي تنجم عن حوادث المرور أهم أسباب الوفاة لدى الشباب من الفئة العمرية 15-29 سنة. والسبب الثالث للوفاة في الفئة العمرية الممتدة من 30 إلى 44 سنة.
وينتمي نصف من يموتون في طرق العالم تقريباً إلى فئة مستخدمي الطرق المعرّضين للخطر، والتي تشمل الراجلين وراكبي الدارجات العادية والنارية.
ومن المتوقع أن تودي حوادث السير بحياة نحو 1.9 مليون نسمة سنوياً بحلول عام 2020م إذا لم تُتخذ أيّة إجراءات وتدابير جديدة للحيلولة دون ذلك.
وعلى الصعيد العربي ما تزال حوادث المرور وآثارها الوخيمة في تفاقم في مختلف دولنا، إذ تخلف سنويا مقتل أكثر من 26 ألف شخص، وما يناهز 25 مليار دولار مما يجعلها تشكل مصدرا حقيقيا للخطر وباعثا جديا على القلق، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في كل البرامج والاستراتيجيات الموضوعة لمعالجة هذه الظاهرة. خاصة وأن مجتمعاتنا العربية السائرة على درب التقدم والازدهار في غنى عن هذه الآفة التي تعطل مسار التنمية وتهدر طاقات بشرية وموارد مالية هي في أمس الحاجة اليها،
ولعل أول ما ينبغي الاهتمام به في هذا الجانب هو العنصر البشري الذي يشكل السبب الرئيس في حوادث المرور، إذ من المعروف أن ما لا يقل عن 86% من حوادث السير يتسبب فيها العنصر البشري، في حين يتسبب خلل المركبات بنحو 6% وعيوب الطرق بنحو 5%، وتبقى النسبة الباقية لعوامل الطقس وأسباب أخرى…
ولا تنحصر مسؤولية العنصر البشري في السائقين فحسب. فرغم أنهم العامل الرئيس في حوادث الطرق الناجمة عن السلوك البشري، إلا أن مستخدمي الطريق الآخرين خاصة المشاة تقع عليهم مسؤولية كبيرة في احترام قواعد السير والتقيد بأنظمته.
ويأتي الاحتفال بأسبوع المرور العربي هذا العام تحت شعار “ابدأ بنفسك، كن ملتزما”، للتأكيد على هذه الحقيقة، ولإبراز أن السلامة المرورية هي مسألة التزام وانضباط قبل أي شيء، وأن كل فرد مسؤول عن تحقيق هذه السلامة من خلال استخدام الطريق أو المركبة استخداماً أمثل وباحترام للقوانين والتشريعات.
وقد أولى مجلس وزراء الداخلية العرب العنصر البشري في السلامة المرورية أهمية بالغة، تتجلى في كل الاستراتيجيات والخطط التي يضعها لمواجهة المعضلة المرورية والتخفيف من تأثيراتها، مثل الاستراتيجية العربية للسلامة المرورية لعام 2002م، التي تهدف إلى حماية المجتمعات العربية من الآثار الناجمة عن حوادث المرور، والتي تضمنت بنودا خاصة بالعنصر البشري وتوعيته بكل الجوانب المتعلقة بالمرور لضمان احترام وتطبيق القواعد المرورية، وتنمية إحساس المواطن العربي بمسؤوليته المشتركة تجاه تحقيق السلامة المرورية، وتحسين مستوى أداء العاملين في مجال المرور. وكذا الحال بالنسبة الى الخطط المرحلية الخمس التي تم وضعها لحد الآن لتنفيذ الاستراتيجية العربية للسلامة المرورية، إذ لم تخل اي منها من برامج محددة تهتم بتوعية الأفراد وحملهم على السلوك المروري القويم.
ولقد دفعت هذه القناعة بأن المشكلة المرورية هي مشكلة سلوكية بامتياز، المؤتمر العربي الخامس عشر لرؤساء أجهزة المرور الذي انعقد في تونس خلال عام 2014م، الى اتخاذ توصية بتنظيم سنة عربية للمرور، تكون مناسبة لنشر مبادئ ومفاهيم الثقافة المرورية وتكثيف حملات التوعية المرورية الهادفة إلى تنمية الحس الوطني لدى السائق وإشعاره بأهمية تحمله المسؤولية. وهي التوصية التي نعمل الآن في نطاق الأمانة العامة على بلورتها وتحديد الإجراءات الكفيلة بترجمتها الى واقع ملموس.
وإلى ذلك الحين نأمل أن تظل الحملات والأنشطة التي تواكب الاحتفال بأسبوع المرور العربي متواصلة بعد انتهائه بل أن تستمر طوال أيام السنة وبنفس الرغبة والحماس والإرادة والمسؤولية لدى جميع الأطراف والهيئات والمؤسسات ذات العلاقة بتدبير القطاع المروري في وطننا العربي.
الوسومأسبوع المرور اخبار تونس الأمانة العامة المصدر التونسية تونس تونس اليوم مجلس وزارء الداخلية العرب