اكد رئيس الهيئة العليا للشفافية فى الحياة العامة بفرنسا جون لويس نادال ان الفساد لا يمكن له ان يزدهر الا فى غياب تطبيق القانون وقال نادال انه لا بد من مقاومة الفساد بكل حزم فى تونس باعتباره من بين العناصر التى كانت وراء اندلاع ثورة 14 جانفى 2011 واعتبر فى مداخلة له خلال ورشة انتظمت موخرا بتونس ببادرة من مجلس نواب الشعب والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والرشوة ببرنامج الامم المتحدة للتنمية ان تونس لديها وعى بحجم هذه الظاهرة وهى تتوفر على الموسسات الضرورية لمقاومتها .
وتابع لا يمكن القضاء على هذه الافة التى تنخر الاقتصاد وتمنع اى نمو دون انخراط الادراة والموسسة القضائية ومن دون مفعول قوى لاجراءات وقائية ومجهود توعوى كبير حملات تحسيسية فى وسائل الاعلام.
اذ لا بد من اجراءات صارمة لردع الفاسدين والمرتشين وهى اجراءات قد تصل الى حد اجبار الاعوان العموميين على الابلاغ عن الفساد والرشوة 0 ومن الممكن اليوم احداث هيكل خاص بمقاومة الفساد نيابة عمومية خاصة بالمخالفات الجبائية والمالية وهو جهاز من شانه الضرب بقوة بما يجعل من مقاومة الفساد اكثر نجاعة على حد تعبيره.
ارساء عقلية ترفض الفساد لا يرفض التونسيون الفساد بصفة قطعية وهو ما ذهبت اليه دراسة قامت بها جمعية المراقبين العموميين حول الفساد الصغير الذى يكلف تونس حوالى 450 مليون دينار.
وتتطلب مقاومة هذه الافة ارساء عقلية ترفض هذا السلوك بمختلف اشكاله ورغبة جماعية فى مقاومة هذه الظاهرة حسب نادال. فالفساد بالاضافة الى تاثيره على النمو والتشغيل له تداعيات على صورة البلاد فى الخارج.
ودعا الى ضرورة تطوير قيم النزاهة لدى الاعوان العموميين وتجنيد كل الفاعلين اضافة الى عدم تجاهل كل ما له علاقة بهذا المجال انطلاقا من الاخلاقيات وصولا الى اليات ووسائل التمويل والعدالة.
وكشفت ذات الدراسة ان 75 بالمائة من التونسيين يعتبرون ان الفساد الصغير من بين العوامل المودية للاجرام والارهاب فيما يرى 74 بالمائة منهم انها تضر بالمقدرة الشرائية للمواطن.
ويرى 43 بالمائة من المستجوبين ان الفساد الصغير يعد احد الممارسات الضرورية لانجاز عديد المعاملات فيما يصف 39 بالمائة هذه الظاهرة بالعادة وابرزت نتائج الدراسة ان هناك قبول عام لهذا التصرف على الرغم من ان التونسيين يعتبرون ان الفساد يمثل شكلا من الانحطاط الاخلاقى الذى يتنافى والمبادى الاسلامية.
كما بينت الدراسة ان 84 بالمائة من المستجوبين يدينون هذه الظاهرة وان 91 بالمائة منهم يوكدون على ضرورة التنديد بها قصد مقاومتها.
مقاومة الفساد تبقى دون تفعيل القوانين وحسب رئيس الهيئة العليا للشفافية فى الحياة العامة بفرنسا فان الفساد يفرض علينا تحديات يومية لذلك وجب ان يكون الرد القضائى قويا امام انتهاكات قيم النزاهة العمومية .
واكد على ضرورة تحميل المسوولية للاعوان العموميين لانه دون مسوولية فان السياسات العمومية تبقى افتراضية 0 ودعا كل الموسسات الى مقاومة الفساد فى تونس والقيام بجرد شامل للتشريعات المتعلقة بهذا المجال وتسيير الاجراءات الادارية وادماج المجتمع المدنى عبر تنظيم حملات تحسيسية واسعة مع تامين المتابعة الناجعة للاسواق العمومية.
وشدد نادال على ضرورة عدم التسامح مع المخالفين لقيم النزاهة العمومية وضمان رقابة دقيقة داخلية وخارجية 0 وقال لا يجب تجاهل الفساد الصغير الذى يمثل ارضية خصبة للفساد الكبير داعيا الى ضرورة اعتماد اللامركزية فى اخذ القرار لكشف الفساد والرد فى اقرب الاجال الى المخالفين على مستوى الموسسات المحلية وترك المجال الى الممارسات الجيدة والترجمة الفعلية لكل عملية مقاومة فى مجال الحوكمة.
يشار الى ان مقاومة الفساد فى تونس تعد تحديا كبيرا اذ انها تتمتع منذ الثورة بدعم من برنامج الامم المتحدة للتنمية لتركيز منظومة وطنية للسلامة تعتمد على تشريك المجتمع المدنى.
وتعمل تونس على ضبط استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد تعتمد المقاربة التشاركية بهدف تامين عمليات توجيه وتنسيق الجهود المشتركة بين كافة الاطراف المعنية.
وقد تم الانتهاء من صياغة النسخة الاولى لهذه لهذه الاستراتيجية وسيقع عرضها بعد القيام بالاستشارات الضرورية على مجلس نواب الشعب للمصادقة.