اصدرت الهيئة الوطنية للمحامين بيانا متابعة منه للحراك القانوني والحقوقي الرامي إلى تكريس تطلعات الشعب التونسي في قضاء مستقل ونزيه وعادل عبر تفعيل المضامين والمبادئ الواردة بدستور الجمهورية الثانية وذلك بإرساء أولى المؤسسات الدستورية المستقلة المجلس الأعلى للقضاء.
وإذ يستحضر المجلس نضالات المحامين الرامية إلى إرساء قضاء تُحترم فيه الحقوق والحريات،كما يذكر المجلس بالمساعي المبذولة حال إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بإقامة حوار حقيقي قصد إقرار تصوّر موحّد للمجلس الأعلى للقضاء ينأى بالجميع عن التجاذبات والتوظيف السياسي.
وعلى اثر وقوع الطعن في مشروع القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين،رغم المجهودات المبذولة من قبل لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب للوصول إلى توافقات ورغم المصادقة اثر ذلك من قبل الجلسة العامة للمجلس على القانون بأغلبية مريحة،
يهم مجلس الهيئة الوطنية للمحامين إنـــارة الــرأي العــــام بمـــــا يلــــي:
1/ إن ردود الأفعال من بعض الجهات القضائية اتسم أغلبها بالتشنّج وغياب الموضوعية بما أدى إلى تعطيل مرفق العدالة بإضراب تواصل لأسبوع كامل في تجاهل تام لمصلحة المتقاضين.
2/ إن الخاص والعام يعلم علم اليقين أن عريضة الطعن المقدّمة إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين صيغت في توظيف سياسي واضح بعيدا كل البعد عن مصلحة الشعب التونسي الذي عانى من ويلات القضاء المستبد، كما أن طريق العودة إلى الاستبداد قصير من خلال جهاز قضائي كان مطوّعا في أغلبه لخدمة النظام الدكتاتوري.
3/ إن عريضة الطعن شابتها اخلالات شكلية وجوهرية باعتبار إمضائها من قبل ثمانية وعشرون نائبا فقط، الأمر الذي يسقط الطعن شكلا لعدم توفر النصاب القانوني باعتباره شرطا أساسيا لقبول الطعن.
4/ إن الطعن في حد ذاته خلا من كل مصداقية لوقوعه من بعض النواب الذين سبق لهم أن صوتوا لفائدة القانون سواء صلب لجنة التشريع العام أو بمناسبة المصادقة عليه بالجلسة العامة لمجلس نواب الشعب،هذا فضلا عن سحب نائبين لإمضائهما على عريضة الطعن في الأجل القانوني.
5/ إن السيد رئيس الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين المتعهّدة بالطعن سبق له أن عبّر عن موقفه المناهض بصفة صريحة وواضحة لقانون المجلس الأعلى للقضاء من خلال البيانات التي أصدرها بصفته الثانية وهي رئاسة الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي ممّا ينزع عنه صفتي الحياد والموضوعية الواردتين باليمين التي أداها.
6/ إن الطعن ارتكز على تركيبة الثلث المستقل وانبنى على هجوم واضح على المحاماة في محاولة لتجاهل دورها الأساسي المتمثل في شراكتها في إقامة العدل طبق ما جاء بباب السلطة القضائية بالفصل 105 من دستور الجمهورية التونسية.
7/ إن مضايقات المحامين قد بلغت الحدّ الذي لا يمكن قبوله برفض نيابة المحامين النواب بمجلس نواب الشعب لدى بعض الدوائر القضائية في تجاهل تام للفصل 24 من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة والفصل 35 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014، وهو ما وقع مع بعض الزملاء المحترمين وفي مقدّمتهم الأستاذين عبد الفتاح مورو وعبادة الكافي. الشيء الذي يعكس التصرّفات الغير المسؤولة والمتنافية مع مبادئ تسيير المرفق العام للعدالة.
وعليه فإن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين يدعو الشعب التونسي إلى اليقظة من إمكانية عودة الاستبداد بواسطة بعض الأجهزة القضائية.
ويحمّل السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الحكومة مسؤوليتهما الكاملة لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة في نطاق ما يجيزه الدستور والقانون لحماية الشعب التونسي.
ويؤكد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين استعداده لاتخاذ كافة الأشكال النضالية من أجل تكريس نظام ديمقراطي يعبّر عن إرادة الشّعب التونسي وتطلّعه لقضاء مستقـل ونزيه وعادل.