حال الجدل الذى صاحب بعض مشاريع القوانين المطروحة على أنظار السلطة التشريعية والذى أثيرت فى نطاقه مخاوف بشأن المساس بالحقوق والحريات أو القفز على استحقاقات الثورة دون التوصل الى توافق حولها ومن هناك المصادقة عليها ما عمق الانقسامات بين مختلف الاطراف الوطنية من حكومة وأحزاب ومجتمع مدنى وحكم على مشاريع أخرى مودعة لدى مجلس نواب الشعب بالسبات لتبقى معطلة رغم أهميتها فى استكمال بناء موسسات الدولة.
ومن بين المشاريع التى أثير حولها الكثير من الغبار ولم يتسن التوصل الى اتفاق بشأنها بسبب الاعتراض الشديد من عديد الاوساط الحزبية والمدنية يمكن ذكر مشروع المجلس الاعلى للقضاء الذى واجه بعد المصادقة عليه فى 15 ماى الماضى رفضا كليا وعاد الى المجلس للنظر فيه من جديد على الرغم من أهميته فى تركيز المحكمة الدستورية فى الاجال التى ضبطها الدستور نوفمبر المقبل.
كما يشار أيضا الى مشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذى طرحته رئاسة الجمهورية موخرا بهدف اقرار تدابير خاصة تسوى الملفات المتعلقة بالفساد المالى والاعتداء على المال العام فى العهد السابق وتفتح الباب أمام دفع الاستثمار وفق ما جاء فى نص المشروع.
ولم يجد هذا المشروع سوى دعم نسبى من الاطراف السياسية والمدنية واعتبرته عديد الاحزاب والمنظمات والهيئات محاولة لاخفاء الحقائق وتشريع الفساد بما لا يوفر بيئة سليمة للاستثمار وتوعدت بالتصدى له بكل الوسائل المشروعة والسلمية بما فى ذلك النزول الى الشارع.
الى ذلك طال التعطيل مشروع القانون الاساسى المتعلق بحق النفاذ الى المعلومة اذ صاحبت سحبه من قبل الحكومة ساعات قبيل مناقشته فى مجلس نواب الشعب عديد الاناتقادات.
فقد أثار سحب المشروع تحركات المهتمين بالشأن السياسى الذين طالبوا بضرورة اعادته الى المجلس باعتباره استكمل جميع مراحل الاستشارة والنقاش داخل اللجان وتم اعداد التقرير النهائى بشأنه.
وفضلا عن كونه قد أثار الجدل فى وقت سابق من خلال بعض فصوله خاصة منه الفصل 28 فان بعض الحقوقيين اعتبروا أن الاستثناءات الواردة بالمشروع المذكور فضفاضة وتعطى الادارة سلطة تقديرية واسعة 0 ويضاف الى قائمة القوانين المثيرة للجدل قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح الذى اعتبره بعض المراقبين والخبراء السياسيين تهديدا لحرية التعبير والتظاهر والنقد والاحتجاج مما يجعله غير متماش مع المعايير الدولية ذات الصلة ومع مضامين الدستورالتونسى.
وفى هذا الصدد أكدت سلوى الحمرونى أستاذة فى القانون العام وعضوة الجمعية التونسية للقانون الدستورى فى تصريح ل أن تعطل بعض القوانين وعدم الحسم فى أمرها سيمس من الاجال الدستورية وسيوجل الموعد المقرر للانتخابات البلدية معتبرة أن هذه الانتخابات تتطلب ترسانة كبيرة من القوانين التى لا بد من تحقيق توافق سياسى حولها تمهيدا للمصادقة عليها.
وبينت أن الدستور أعطى السلطة المحلية الاهمية التى تستحقها وأقر اللامركزية وتوزيع الصلاحيات بين المركزية واللامركزية فجعل قانون الانتخاب من أصعب القوانين خاصة وأن اقرار الانتخابات البلدية فى الموعد المحدد لها أصبح أمرا مستبعدا اذا لم يتم التوافق بشأن جملة القوانين المطروحة فى الوقت الراهن على حد تقديرها.
كما شددت على ضرورة اقرار قانون يتعلق بالجباية المحلية اضافة الى قوانين أخرى للانتهاء من الانتخابات البلدية مبينة أن المشاورات بشأن هذه القوانين المعطلة ستستغرق وقتا طويلا بسبب النقاشات التى ستصاحبها بعد الانتهاء من صياغة مشاريع القوانين ذات الاولوية والمثيرة للجدل فى الوقت الراهن .
أما سناء مرسنى مقررة لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب فقد قالت فى تصريح ل ان أغلب القوانين التى شهدت جدلا فى السابق تم الحسم فيها وتمريرها عبر فتح قنوات حوار بما أتاح تحسين المشاريع المعروضة .
وأكدت على أهمية عدد من مشاريع القوانين لارتباطها باتمام بناء موسسات الدولة طبقا لاحكام الدستور الجديد مبينة أن بعض هذه القوانين تم تقديمها وبقيت اما على طاولة النقاش على غرار قانون المحكمة الدستورية أو معطلة على غرار قانون النفاذ الى المعلومة الذى تم سحبه وقانون المجلس الاعلى للقضاء الذى أعيد الى المجلس.
كما أشارت مرسنى الى أن قوانين مهمة أحيلت على أنظار المجلس لكن لم يقع تقديم مشاريع فى شأنها على غرار مشروع قانون هيئة حقوق الانسان وكل ما يتعلق باحداث الهيئات الدستورية ومشروع القانون الانتخابى وكل ما يتعلق بتنزيل باب السلطة المحلية اضافة الى مشروع قانون مجلة الاستثمار.
ولاحظت أن تعطل بعض مشاريع القوانين كان بسبب مسائل اجرائية أو بسبب تجاذبات سياسية لكنها شددت بالمقابل على أنه سيتم الحسم فى هذه المشاريع وايجاد توافق حولها.