في سياق الحديث عن واقعة التدافع بمنى التي خلفت مئات من القتلى و الجرحى بين جنسيات مختلفة ، ضمنهم حجاج مغاربة ، حيت تضاربت السيناريوهات و الروايات بخصوص الأسباب الحقيقية التي كانت وراء هذه المأساة الإنسانية ، فجر المستشار السابق لوزير الصحة والسكان، الدكتور عبد الحميد فوزى مفاجأة من العيار الثقيل ، من خلال رسالة بعث بها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، يطالبه فيها بعرض جثامين ضحايا حادث تدافع منى على الطب الشرعي قبل دفنهم.
و استند الطبيب المصري في روايته على مجموعة من المعطيات التي عاينها عقب مروره على جميع المستشفيات التي استقبلت ضحايا الحادث، تأكد بعدما بما لا يدع مجالًا للشك وجود يد آثمة وراء هذا الحادث المريع وشك فى تفجير قنبلة من غاز ما داخل هذا التجمع الكثيف المتداخل من الحجيج ، أدى إلى وقوع هذا العدد الرهيب من الشهداء والمصابين.
و فيما يلي نص الرسالة الكاملة التي بعث بها الدكتور المصري للعاهل السعودي حرفيا :
من مواطن مصرى الوطن والموطن، سعودى الهوى، إلى سيدى خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ، اليوم يا سيدى خضت تجربه مأساويه فى رحله البحث عن ابن أخى المفقود بعد حادثه منى المريعة و أطئن جلالتكم أننا بعد رحلة بحث من السادسة صباحًا إلى الثامنة مساء وجدناه وأنه بخير والحمد لله.
ولكن ومن خلال مروري على جميع مستشفيات المشاعر فى منى وعرفات ومكة وجدة ، وأعنى بكلمه جميع أى كلها بدون استثناء بما فيهم مديريه الشؤون الصحية بمكة ومن خلال تجربتي ، التى تعدت أكثر من ثلاثون عامًا فى الإدارة الطبية لاحظت ملاحظتين فى غاية الأهمية أحب أن أرسلهما لجلالتكم أعتقد أن إحداهما توجب الفخر والأخرى على قدر من الخطورة التى يجب على الجميع الانتباه لها.
الملاحظة الأولى :
مستوى الخدمة فى جميع المستشفيات التى مررت عليها ، يستحق أن تفخر به المملكه وأن نفخر به جميعا كعرب و انا هنا لا أقصد المبانى والتجهيزات فقط فهذا أمر مفهوم ولكنى هنا أقصد الفخر كل الفخر بالإمكانيات البشرية فلقد نجحتم يا سيدى فى بناء الإنسان السعودي ، الذى يقدر تمام التقدير للموقف الذى تمر به بلده بعد هذه الكارثة فالمعاملة الحسنه والتطوع للمساعدة بكل الحب والتعاطف وجدناه من الاخوة فى المنظومة الصحية بداية من مدير مديريه الشؤون الصحية فى مكه إلى الحارس البسيط على باب أى مستشفى فى المشاعر المقدسة ، وليس لى فقط لكونى طبيب ولكن أشهد على انها لجميع من يبحث مثلنا عن ذويهم المفقودين فهنيئا لكم هذا النجاح من كل قلبى.
الملاحظة الثانية :
وهى التى اعتقد أنها على مستوى من الخطورة ، التى يجب علينا الانتباه لها وفحصها والبحث فيها وهى : ” أننى لاحظت يا سيدى على معظم المرضى الذين شاهدتهم بنفسى أنهم يعانون حالة غريبة من فقدان الذاكرة وليس بهم أى خدوش أو رضوض أو أي إصابات ، وهذه ليست حاله أو حالتين بل عشرات الحالات مما اضطر المستشفيات الى تقيدها فى السجلات تحت اسم (( مجهول )) لأن المريض لا يستطيع أن يتذكر اسمه أو اسم بلده أو أين هو ، وأيضا هناك العشرات من الموتى الذين عاينتهم فى الثلاجات لا توجد على أجسادهم أى إصابات ظاهرة يمكن أن نحكم بها على سبب الوفاة مما يحتم ضرورة تدخل الطب الشرعي ، ليقول كلمته الفصل فى هذا الموضوع ، أرجوكم التدخل لمتابعه هذه الشكوى حفاظًا على أرواح المسلمين لأن هذه الحادثة وما نتج عنها ينافى العقل والمنطق ويؤكد الشك فيه ملاحظات عين خبيرة.
أشك سيدى ولى كامل الحق فى شكى هذا بوجود يد آثمة وراء هذا الحادث المريع وشكى فى تفجير قنبلة من غاز ما داخل هذا التجمع الكثيف المتداخل من الحجاج أدى إلى وقوع هذا العدد الرهيب من الشهداء والمصابين وقد شاركنى هذا الشك العديد من الاخوة من كبار الأطباء فى تلك المستشفيات.
الملاحظة الأخيرة :
هى ما قالته لى فلاحة مصرية بسيطة من دمياط بعد أن سألتها : ” هو ايه اللى حصل يا حاجه وكانت من الحالات القليله المنتبهة التى رأيتها فأجابتنى قائلة : “بعد ما نزلنا من المزدلفة وكان ماشي ورانا جماعة كبيرة من الأفارقة السود دول ، وفجأة كده قابلنا جماعة بيقولوا عليهم من الإيرانيين وكانوا بيزقوا فينا جامد حتى إنى شتمت فيهم وضيعوا على حجتى الله يسامحنى ويسامحهم بقى، ومرة واحدة بالتفت ورايا لقيت ناس بتضرب فى بعض وأغمى عليا ما فوقتش إلا وأنا هنا “، هذه يا سيدى كلمات الفلاحة المصريه بالنص ألا يلفت هذا انتباه جلالتكم لشىء إذا ما ربط هذا بالصور المنشوره لوضعية الشهداء وما لوحظ من حالات كثيرة من فقدان الوعى والذاكرة ، حيث لا يوجد فى القاموس الطبى يا سيدى أن التدافع والزحام يؤدي إلى فقدان الذاكرة بهذا الشكل.
سيدى خادم الحرمين هذه صرخة مواطن مصرى مسلم ، محب لدينه ووطنه ولكم عسى أن تصل هذه الصرخه إلى جلالتكم حفظكم الله لوطنكم وللعرب والمسلمين”.
وكالات