رسالة الأمين العام بمناسبة يوم الشرطة العربية

Sans-titre-1

تحتفل الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب مع الدول العربية في الثامن عشر من شهر كانون أول/ديسمبر من كل عام بيوم الشرطة العربية، الذي يعد مناسبة هامة للتذكير بالجهود الجبارة التي يبذلها رجال الشرطة والأمن في سبيل أمن واستقرار مجتمعاتنا، والتضحيات الكبيرة التي يقدمونها من أجل سكينة مواطنينا وسلامة أوطاننا.
يأتي احتفالنا بيوم الشرطة العربية لهذا العام، ليجسد المعاني النبيلة والجهود العظيمة والانجازات الكبيرة التي تحققت منذ أكثر من أربعة عقود من التعاون الأمني العربي المشترك عندما انعقد أول مؤتمر لقادة الشرطة والأمن العرب بمدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1972م.
يأتي احتفالنا هذا العام بيوم الشرطة العربية في ظروف صعبة تمر بها منطقتنا العربية والتي ماتزال بعض دولها تشهد اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية أثرت بشكل مباشر على الجانب الأمني فيها، وأدت الى تفاقم الجريمة والارهاب وانتشار خطاب التطرف والطائفية، واستشراء الاتجار بالبشر والمخدرات وانتشار السلاح والجرائم الالكترونية، واستفحال ظاهرة انتقال المقاتلين الأجانب وتعاظم موارد تمويل الإرهاب من تجارة المخدرات والآثار المنهوبة وعوائد عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية والجرائم المنظمة المختلفة.
في هذه الظروف العصيبة التي تشهدها منطقتنا العربية يتحتم علينا اكثر من أي وقت مضى بذل جهود مضاعفة لتحقيق الأمن والاستقرار ومحاربة الجريمة والإرهاب، والعمل على توعية المجتمع بكل مكوناته بالمخاطر الأمنية المحدقة به، وهذا ليس مسؤولية أجهزة الأمن ورجال الشرطة فحسب، بل لا بد من تضافر كافة الجهود في الدولة والمجتمع، ويبقى دور المواطن هو الدور المحوري والفاعل في تحقيق الأمن والسكينة لنفسه ووطنه من خلال تعاونه الكامل مع رجال الشرطة الذين يبذلون الغالي والنفيس من أجل أن ينعم الفرد والمجتمع بالأمن والاستقرار.
وبرغم الامكانيات والقدرات والتجهيزات التي تسخرها الأجهزة الأمنية والجهود الدؤوبة التي تبذلها في محاربة الجريمة بمختلف أشكالها، إلا أن ذلك لا يكفي للقضاء نهائيا على الاجرام، خاصة في ظل سعي عصابات الجريمة الى استغلال كل الوسائل المتاحة واستثمار كل مظاهر التقدم والتطور لضرب أمن مجتمعاتنا واستقرارها، وهو ما يفرض علينا أن نكون في معركة واحدة امام هذه الهجمة الشرسة على كل المقدرات والمكاسب الوطنية.
إن دور أجهزة الأمن والشرطة اليوم، لم يعد ذلك الدور التقليدي المتمثل في توفير الأمن والاستقرار في المجتمع وانفاذ القانون ومحاربة الجريمة، بل أصبحت تقوم بالعديد من الوظائف والخدمات الاجتماعية التي ترتبط بالمواطن ارتباطا وثيقا، وتسهل عليه تسيير أموره اليومية والحياتية، مستفيدة من التطور التكنولوجي الحاصل اليوم، خاصة في مجال الاتصالات والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعل مهامها تتضاعف يوما بعد يوم، وهو ما يستلزم منا تقديم الدعم المادي والمعنوي من خلال الاهتمام بافراد الأمن والشرطة وتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية، وتدريبهم، ومدهم بكافة الامكانيات والتجهيزات التي تسهل عليهم القيام برسالتهم النبيلة.
إن شعور المواطن أن رجل الأمن موجود لصالحه ولتحقيق أمنه واستقراره، وأن هدفه السامي صد كل المخاطر المحدقة به، تجعل المواطن يتعاون بصورة كبيرة وبأريحية وانسجام، ليكون شريكا رئيسيا في تحقيق الأمن لمجتمعه، وهو بذلك يسهم في حاضر وطنه ومستقبله، لكون الأمن الركيزة الأساسية للتنمية التي تحقق للفرد والمجتمع الرفاه والتقدم والازدهار، كما يرسخ هذا التعاون الثقة بين الدولة والمجتمع، وبين رجل الأمن والمواطن، بما يكفل الأمن والاستقرار للجميع، ويرسخ مفاهيم الشرطة المجتمعية التي تمكننا من اقامة شراكة مجتمعية ناجعة بين الشرطة وكافة مكونات المجتمع المدني.
ومما يعزز العلاقة بين المواطن ورجل الأمن حرص رجال الشرطة على احترام حقوق الانسان التي يسعى مجلس وزراء الداخلية العرب لتكريسها من خلال إجراءات عدة منها إقرار مدونة نموذجية لقواعد سلوك رجل الأمن العربي، وخطة عربية نموذجية لتكريس ثقافة حقوق الإنسان في العمل الأمني، وعرض الموضوع على المؤتمر السنوي لقادة الشرطة والأمن العرب، وقد تعزز هذا الاهتمام خلال السنة الجارية بعقد المؤتمر الأول للمسؤولين عن حقوق الانسان في وزارات الداخلية العربية، والمؤتمر المشترك لممثلي وزارات الداخلية واللجان الوطنية لحقوق الانسان في الدول العربية، وكل ذلك ايمانا من مجلسنا الموقر بأن ممارسة العمل الأمني وانفاذ القانون لابد ان يكون محاطا بسياج منيع من احترام الحقوق والحريات التي كفلتها الشرائع السماوية ورسختها المواثيق الدولية والقوانين الوطنية.
ولا يفوتنا في هذا المناسبة أن نتقدم بالشكر والعرفان لكل أفراد الأمن والشرطة في مختلف اماكنهم وتخصصاتهم ومواقعهم على ما يبذلونه من تضحيات وما يعانونه من مخاطر في سبيل أن ينعم الوطن والمواطن بالأمن والأمان، والمجتمع بالسكينة والاطمئنان.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.