شهدت تونس منذ الثورة تكريسا مطردا لحقوق الانسان والحريات الاساسية على مستوى التشريع أساسا وبدرجة أقل على مستوى الممارسة.
تكريس برز جليا فى مضامين دستور البلاد الجديد الذى أسس باعتباره النص الاعلى فى نظام الجمهورية لاحترام الحريات الفردية ولحرية تكوين الجمعيات والاحزاب ونص على موسسات ضامنة لاحترام الحقوق والحريات فى طليعتها المحكمة الدستورية.
ولم يكن المنجز التشريعى والسياسى المكرس لاحترام الحقوق والحريات فى نظر عديد الحقوقيين ومكونات المجتمع المدنى بعد نصف عقد مضى من عملية الانتقال الديمقراطى بمنأى عن بعض الانتكاسات الظرفية منها و الهيكلية على غرار ما سجلته المنظمات الحقوقية من تواصل للانتهاكات والتجاوزات سيما فى مراكز الايقاف والاحتفاظ والسجون.
ولعل البيان المشترك الذى أصدرته 50 منظمة وجمعية أواخر سنة 2015 بمثابة انذار ناقوس الخطر فقد نددوا بما أسموها الهجمة الحاصلة فى مجال حقوق الانسان والحريات الاساسية وبتصاعد الاعتداءات على الحريات العامة ومنها حريةالتعبير والصحافة والتظاهر والتضييق على الحريات الفردية.
وفى تصريحات لوكالة تونس افريقيا للانباء بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 17 ديسمبر/14 جانفى أقر ثلة من الناشطين فى مجال حقوق الانسان بتحسن وضع الحقوق والحريات فى البلاد مقارنة بما قبل الثورة غير أنهم لفتوا الى تسجيل جملة من الانتهاكات والممارسات التى تمس من حقوق المواطن التونسى وحرياته.
وفى هذا السياق أفاد كاتب عام المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب منذر الشارنى بأن المنظمة تلقت منذ الثورة حوالى 550 شكوى لمواطنين قالوا انهم تعرضوا للتعذيب بمعدل 100 حالة سنويا.
واعتبر أن التعذيب مازال متواصلا فى تونس بعد الثورة قائلا صحيح أن هذه الممارسات غير ممنجهة وغير محمية بقرار سياسى كما كان يحدث قبل الثورة الا أن ما يلاحظ حاليا هو غياب ارادة سياسية فى وضع حد لهذه الممارسات .
وأشار الشارنى فى تصريحه ل الى أن تواصل التعذيب وممارسات أخرى تنتهك خلالها حقوق الانسان يعود بالاساس الى تراخى أجهزة الدولة فى التعامل مع هذه الممارسات والافلات من العقاب وندرة الملفات التى تحال على القضاء وحجم الضغوطات التى تمارس على الضحايا لمنعهم من رفع الشكاوى أو لحملهم على اسقاط الدعاوى .
0 وأضاف أن الملفات التى تحال على المحاكم لا تتعدى حسب قوله 5 بالمائة من مجموع الشكاوى الواردة على المنظمة وأن التهم التى تنسب الى المتورطين تكون على أساس ممارستهم للعنف وليس للتعذيب وغالبا ما تنتهى باصدار أحكام تبروهم.
ودعا الشارنى الى تكوين الامنيين فى مجال حقوق الانسان وفى تقنيات الاستنطاق خاصة وأن بعض أعوان الامن لا يزالون يقدمون على ارتكاب أعمال تعذيب قاسية ومهينة لكرامة البشر داخل مقرات عملهم وحتى فى الشارع وأحيانا على مرأى ومسمع من روسائهم الذين لا يحركون ساكنا وفق تقديره.
وطالب السلطات بفتح أبحاث جدية بخصوص حالات الانتهاكات المسجلة واتخاذ التدابير الملائمة بخصوص المسوولين عنها والزام الاطباء باعلام النيابة العمومية عن حالات التعذيب التى اطلعوا عليها خلال عملهم وتوفير الاحاطة الطبية والنفسية لضحايا التعذيب.
وأكد كاتب عام المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب على ضرورة الاسراع فى تنقيح بعض أحكام مجلة الاجراءات الجزائية التى يعمل عليها حاليا مجلس نواب الشعب وذلك لارساء ضمانات فى البحث الابتدائى على غرار وجود المحامى وخضوع مأمورى الضابطة العدلية أثناء ممارستهم لعملهم لسلطة ورقابة النيابة العمومية.
كما دعا الى ضرورة تغيير نظام الشكايات داخل السجون وذلك لحماية الشاكى وتشجيعه على تتبع جلاده مشيرا الى أن العديد من الدول الديمقراطية تعتمد نظام شكاوى يتطابق مع معايير احترام حقوق الانسان من ذلك احداث هيئات مستقلة وتخصيص خطوط هاتفية لتقبل الشكاوى.