شارع بورقيبة بالعاصمة فى الذكرى الخامسة للثورة :بين خيبة أمل البعض وتفاول البعض الاخر

 

14janver3

بمناسبة احياء الذكرى الخامسة لعيد الثورة شهد الشارع الرمز شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة الذى ازدان صباح اليوم الخميس بالوان العلم الوطنى كعادته فى مثل هذه المناسبات الكبرى حركية متزايدة تجلت فى تنظيم تظاهرات مختلفة لاحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات.
كما تواجدت أعداد غفيرة من المواطنين الذين عبروا ل عن مطالبهم ومواقفهم من حصيلة ثورة الكرامة التى اندلعت شرارتها الاولى بولاية سيدى بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010 على اثر اقدام أحد أبناء الجهة على احراق جسده.
فقد أجمع عديد المارة على المطالبة بتحسين ظروف عيشهم ومحاسبة قتلة أبنائهم من شهداء الثورة.
وفى هذا الصدد اعتبر الشاب أحمد بن صالح وهو أصيل ولاية الكاف أن الثورة التونسية خيبت اماله وطموحاته فى ايجاد عمل ملاحظا بنبرة غاضبة يائسة أنه متحصل على الاستاذية فى علم الاجتماع ولديه ثلاثة أبناء يزاولون تعليمهم الابتدائى وهم بحاجة للعناية . وقال بن صالح ان المواطن التونسى تضرر فعلا من السياسة الحالية للدولة التى لم تتجه نحو الاصلاح الاقتصادى والاجتماعى خاصة أمام ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن وتصاعد نسبة البطالة مضيفا قوله لم نجن من الثورة الا شعارات وعبارات فضفاضة لا تغنى ولا تسمن من جوع كالانتقال الديمقراطى والعدالة الانتقالية .وفى مكان اخر من شارع بورقيبة رفعت امرأة فى العقد الرابع من عمرها قفة فارغة وهى حركة رمزية أرادت من ورائها لفت الانتباه الى الظروف الصعبة التى تمر بها هى وأمثالها متوجهة الى مبعوثة بالقول ما جدوى الكلام وأنتم تشاهدون وضعيتنا المتردية ولا تبلغون أصواتنا . واستطردت بعد لحظات لتقول أنا أرملة وأم لطفلين: ظروفى الاجتماعية الصعبة لم تتغير الى حد هذه اللحظة. بعد خمس سنوات من ثورة أطاحت بالرئيس الاسبق بن على ما زلت أعيش تحت خط الفقر والخصاصة والتهميش.
لقد نفد صبرى فجئت الى هذا المكان لعلى أظفر بلقاء احدى الشخصيات السياسية التى بامكانها مساعدتى.هذه المرارة ذاتها فى التعبير عن حجم معاناة فئات من التونسيين عكسها تصريح لاحد أعضاء ااتحاد أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل والذى لاحظ أنه وبعد خمس سنوات من الثورة بقى المعطلون فى اخر اهتمامات الحكومة والاحزاب التى ظلت تتنازع على السلطة. كما أشار الى تزايد نسب الفقر والبطالة وتدهور الظروف الاجتماعية قائلا ان الناس يريدون أن يروا أثرا ملموسا للثورة على حياتهم اليومية وقضايا البطالة والتفاوت الاقتصادى والاجتماعى التى لم تتم معالجتها بعد . وليس بعيدا عن هذا المواطن حيث احدى الخيام المنتصبة بمناسبة احياء هذه الذكرى الخامسة رفعت عائلات شهداء وجرحى الثورة وعلامات الحزن والاسى بادية على ملامح وجوههم لافتات وشعارات تطالب الحكومة ب الاسراع فى محاسبة قتلة أبنائهم الذين استشهدوا فى سبيل الوطن . وفى مشهد مغاير تماما وبالتوازى مع أصوات المحتجين والمتذمرين والذين تلاشت أحلامهم وخابت ظنونهم بعد سنوات خمس من ثورة حملت فى أنفاسها الاولى بصيص أمل بالنسبة اليهم كانت مظاهر الاحتفال بادية على مستويات مختلفة.
فقد تجمع فى أماكن متفرقة من هذا الشارع أنصار عدد من الاحزاب السياسية على غرار حركة النهضة والحزب التقدمى والحزب الاشتراكى والتيار الديمقراطى الى جانب ممثلين عن بعض المنظمات الوطنية.
وأكد العديد من السياسيين والادباء والمفكرين التونسيين والاجانب أن تونس قامت بخطوات هامة رغم وجود الكثير من النقائص والثغرات على غرار عدم الاستجابة للمطالب الشعبية للمهمشين والفقراء . وأقامت حركة النهضة بجانب النصب التذكارى للعلامة ابن خلدون منصة لترديد الاناشيد والقاء الخطب وسط شارع الحبيب بورقيبة الذى شهد بمناسبة هذه الاحتفالات تعزيزات أمنية مكثفة.
العجمى الوريمى القيادى فى حركة النهضة اعتبر فى تصريح ل وات أن المطلبية حق مشروع للمواطن الذى سئم الانتظار وأمهل الحكومات ما يكفى من الوقت معقبا بالقول ان هذا الوضع لا يعنى أن الحكومات المتعاقبة لم تقم بدورها فى تحسين ظروف التونسيين فقد قامت بالعديد من الانجازات. ولاحظ فى هذا الصدد أنه على المواطن الان أن يضطلع بدوره فى مساعدة الدولة على التقدم فى تحقيق المسار الانتقالى . كما دعا الى ضرورة الدفع نحو ارساء هدنة اجتماعية والحد من الاضرابات خصوصا فى الحوض المنجمى حيث تكون الاضرابات موجعة جدا لخزينة الدولة حسب تعبير الوريمى.
ومن ناحيته أكد الناشط الحقوقى وعضو هيئة الحقيقة والكرامة زهير مخلوف نجاح تونس فى التزامها بالمواثيق الدولية التى تدافع عن حرية وحقوق المواطن التونسى بشكل لا يخشى فيه العودة الى الدكتاتورية التى طبعت البلاد منذ ما يزيد عن أكثر من عشرين سنة. وتحدث مخلوف عن تجذر الوعى لدى المجتمع المدنى الذى أصبح بدوره جزءا من الخارطة السياسية فى البلاد التى قال انها اعتمدت منهج التوافق والوئام ولم تتبع نظرية الغلبة والمغالبة وهى النظرية المدمرة التى انتهجتها بعض دول الربيع العربى . أما المفكر السودانى عبد الوهاب الافندى رئيس قسم العلوم السياسية بمعهد الدوحة للدراسات العليا فقد أشار الى نجاح التجربة التونسية فى ترسيخ مبادى الديمقراطية التى قال انها ارتكزت على اقصاء خطاب الكراهية وارساء مبادى الحوار واتباع خيار الوفاق الوطنى الذى أنقذ التونسيين من الانزلاقات التى شهدتها بعض الثورات العربية الاخرى فى العراق وليبيا وسوريا ومصر من وجهة نظره.
وقال هذا المفكر السودانى ان الغرب ينظر اليوم أكثر من أى وقت مضى الى الانتقال الديمقراطى فى تونس على انه نموذج يحتذى به فى هذه المنطقة المضطربة من العالم معتبرا أن التجربة التونسية أثبتت أن التحركات السياسية بمختلف توجهاتها العلمانية والاسلامية يمكن أن تتحاور وتتفاوض من أجل مصلحة البلاد . ومن جهته صرح المفكر والاديب الفلسطينى منير شفيق بأن حصول الرباعى الراعى للحوار على جائزة نوبل للسلام لسنة 2015 ونجاح الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى تونس وتأسيس الهياكل الدستورية وانجاز دستور يضمن الحقوق والحريات للمواطن التونسى كلها خير دليل على نجاح هذه التجربة التونسية وصمودها مقارنة بنظيراتها.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.