الجبهة الشعبية تطلق مسار التفكير فى تأسيس حزب اليسار الكبير بمناسبة الذكرى الثالثة لاغتيال شكرى بلعيد

jabha-chabiaa

ناقشت شخصيات سياسية ومثقفون يساريون عشية أمس السبت فى اطار منتدى شكرى بلعيد المنعقد بمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاده موضوع توحيد اليسار فى حزب اليسار الكبير وكيفية تحقيق هذا الهدف عبر منهجية براغماتية أو علمية مستندة الى الحاجة الى الفعل السياسى العملى حتى يكون اليسار الراديكالى المتبنى للدفاع عن مصالح الفئات الشعبية والمهمشة قوة سياسية فاعلة وموثرة فى الحياة العامة.
فكرة تأسيس هذا الحزب أطلقها شكرى بلعيد كأفق لاخراج اليسار من حالة التشتت لتكون موالية لتجربة الجبهة الشعبية الراهنة التى بدأت محدوديتها تظهر سواء فى نظر المنتمين اليها أو فى رأى المحللين والمتابعين من خارجها رغم أنها تمثل حالة سياسية تنظيمية متقدمة فى المسار التاريخى لليسار التونسى حتى الان.
فالجبهة تمكنت من أن تكون القوة السياسية الثالثة فى البلاد حسب أنصار الجبهة الذين يعتقد جزء منهم أن تجاوز التجربة الجبهوية يبقى مراهنة غير معروفة النتائج فى الوقت الراهن مما جعل النقاشات تتراوح بين الدعوة الى التجاوز على أساس برنامج عملى اجتماعى واقتصادى وبين الحرص على الحفاظ على المكسب الحاصل والحذر من العودة الى التشذرم وفق ما جاء فى خلاصة النقاشات.
واذا كانت الفكرة الاساسية للندوة وحدة اليسار مهمة للانجاز فان الحرص على استكمال التجربة الراهنة انعكس من خلال التأكيد فى عنوان الندوة على أن هذه الوحدة يفترض أن تكون دعامة للجبهة الشعبية كتجربة سياسية مكنت المعارضة الاشتراكية والشيوعية من دخول البرلمان والتأثير فى شوون الدولة وكتجربة جاءت لتكرس حلما حلمت به أجيال كاملة من اليسار على حد تعبير المناضل اليسارى والمختص فى علم الاجتماع الطاهر شقروش.
فالمطروح على اليساريين وفى البداية هو تعزيز الثقة من خلال فتح حوار فكرى معمق حسب قول زياد لخضر أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد قبل الشروع فى وضع تصور لشكل وبرنامج الحزب الكبير الذى يجب أن يكون فى رأى مصطفى الجويلى رئيس الندوة نتاج مسار من الصراع الفكرى والسياسى الذى يوصل الى مرحلة أرقى فى علاقة بالمسار الثورى التونسى .ولاحظ الجويلى أن النقاشات الدائرة فى الذكرى الثالثة لاغتيال شكرى بلعيد تمثل فاتحة لسلسلة لقاءات وورشات للمناضلين الذين يحملون فكرة توحيد اليسار . وبالنسبة للجيلانى الهمامى النائب عن الجبهة الشعبية فى مجلس نواب الشعب فان فكرة الحزب اليسارى الكبير تبدو مطمحا مشروعا لكل مناضلى اليسار وقد حان الوقت للانكباب على هذا الموضوع والشروع فى دراسته من الناحية المبدئية العامة والتشاور حول سبل البحث فيه تحت قيادة مركزية تمتلك أدوات العمل وبتصور منهجى وعقلانى ولكن بعيدا عن الانعزال والمفاهيم المتكلسة التى قامت عليها الاحزاب اليسارية القديمة حسب قوله.
وانتقد المفكران جلال التليلى والطاهر شقروش حالة الاحزاب اليسارية الراهنة ومنها الجبهة الشعبية التى اعتبرا أنها تواجه مشكلة احتكار القيادة المتمثلة فى مجلس الامناء لنشاطها وتعوق الارتقاء التنظيمى وتكرس التوافقات الدنيا بسبب الخلافات فى الروى بين مكوناتها المتعددة والمنقسمة الى اشتراكيين ماركسيين وقوميين ناصريين وبعثيين وهو منطلق حسب رأيهما للتفكير فى تطوير الشكل التنظيمى لهذا التحالف الجبهاوى ليكون حزبا موحدا.
لكن المتدخلين لمناقشة مداخلات القياديين فى الجبهة والقريبين من القيادة أكدوا ضرورة تبنى منهجية براغماتية والابتعاد عن المفاهيم الايديولوجية القديمة التى كررها اليسار منذ عقود مثل دكتاتورية البروليتاريا واعتبار الحزب هيئة أركان للثورة الاشتراكية والالتصاق والالتزام ببرنامج الثورة الخصوصى وبالطروحات الماركسية الاصولية لان هذه المفاهيم لم تمكن من التقدم فى دعم القوى اليسارية منذ انهيار المعسكر الاشتراكى .ودعوا بالمقابل وفى اطار السعى الى تجاوز الحالة الراهنة الى بناء حزب سياسى على أساس برنامج اجتماعى واقتصادى يستند الى حاجيات الواقع ويتجنب الايديولوجيا تتالف حوله الفصائل والشخصيات لتخوض به المعترك السياسى والتنموى واعتبار أن مفهوم اليسار المتبنى للعدالة الاجتماعية بين الطبقات والجهات والاجناس مجالا يضيق ويتسع حسب دعم مختلف الفئات الاجتماعية لبرنامجه.
ووجه شبان من الجبهة فى ختام الندوة نداء لعقد لقاءات جهوية للتفكير فى اطلاق مبادرات تقود مختلف فصائل اليسار الى بعث الحزب الكبير وتكوين مركز دراسات وتنسيقيات مناطقية تدعم برامج عمل الجبهة الشعبية فى انتظار نضج فكرة هيكل تنظيمى جديد يقطع مع التشتت الذى رافق اليسار منذ تجربة حركات العمال التونسى و افاق و الشعلة. ووسط أجواء مفعمة بالحماس أسند المنظمون درع الشعيد شكرى بلعيد الى ممثلين عن المجال الفنى وتغنى شباب الجبهة الشعبية بنشيد الاممية واستمع الحاضرون الى قصائد شعرية تمجد الشهيد و نضالات اليسار التى يعرفها العمال وتعرفها سجون الاستعمار وسجون خمسين سنة من الاستبداد على حد قول الاستاذ الطاهر شقروش لكن المجتمعين ورغم طول النقاشات لم يبددوا الحيرة التى واكبت عملية التفكير فى المسالة حسب تعبير زياد الاخضر.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.