تطفوا على السطح في الآونة الأخيرة مسألة التدخل العسكري في ليبيا التي أكدت تقارير الاعلامية أنها باتت وشيكة، وهي فقط مسألة وقت خاصة اثر تسارع الاستعدادات الغربية للتدخل العسكري وابراز قلقها بشأن التوسع الكبير لـ”داعش” خاصة في الأراضي الليبية.
وقد أعلن مؤخرا رئيس الوزراء الفرنسي “مانوال فالس” أن هناك مخاوفا كبيرة من توسع داعش في ظل غياب حكومة وحدة وطنية في ليبيا وأعرب عن “استعداد الدول الأوروبية لسحق التنظيم في ليبيا”.
في ظل التطورات الأخيرة للوضع الليبي حذرت تونس من مخاطر هذا التدخل العسكري على مصلحة تونس، وطالبت الدول الأوروبية باستشارتها.
فهل تكون تونس طرفا في هذه المشاورات؟
رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية “بدرة قعلول” أكدت في تصريح خاص لـ”المصدر” أنه لن يتم استشارة تونس قبل التدخل العسكري معتبرة أن مثل هذه القوى الاستعمارية الجديدة لا تستشير عند المساس بمصالحها الخاصة مشيرة المجتمع الدولي لم يستشر قبل التدخل العسكري في سوريا والعراق وغيرها من البلدان..
وقد أشارت الى أن القوى الغربية تلوح بهذا التدخل العسكري منذ ما يقارب الـ6 أشهر وقد أكدت ذلك بعد أخر تقرير استخباراتي أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية تحذر فيه من ضربات ارهابية على يد “داعش” في المنطقة العربية.
وأعربت الخبيرة الأمنية عن قلقها من مدى تحمل تونس للوضع الليبي ومن الضربات المرتقبة في مواقع مختلفة من التراب اليبي والذي سيبدأ قريبا من ضربات توجهها جماعات فجر ليبيا لمواقع حكومة السراج أولا ثم الضربات الأوروبية ثانيا.
فماهي تداعيات الضربة العسكرية على تونس؟
أكدت قعلول أن التدخل العسري في ليبيا ستدفع ضريبه تونس وليبيا على حد سواء، فمصر تتميز بجهاز استخباراتي قوي والجزائر كانت قد أعلنت حالة طوارئ على حدودها مع ليبيا منذ فترة وبذلك ستكون تونس أكبر المتضررين على جميع الأصعدة (أمنيا، اقتصاديا، اجتماعيا..) مشيرة أن ليبيا تعرف مسبقا أنها ستدفع فاتورة اعادة ترتيب بيتها الداخلي واسترجاع ثرواتها.
كما أكدت قعلول من جهة أخرى أن المجموعات الارهابية تترصد تونس وستستغل تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا لدخول الأراضي التونسية عبر معابرها الحدودية الرسمية مشيرة الى أن الارهابيون ينشطون صلب جماعات صغيرة مدربة على الاختفاء.
كما حذرت قعلول من ضربات ارهابية متزامنة في تونس لتشتيت الجهود والعمل الأمني وتسهيل تحركات الارهابيين.
أما على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي فان تونس فقد أكدت قعلول أن تونس لن تكون قادرة على استيعاب الكم الهائل من اللاجئين الليبيين، الذين سيعيدون تونس الى نفس الوضع الذي عاشته في 2011 حيث سيجبر الاقتصاد التونسي على مضاعفة دعمه للمحروقات والكهرباء والتغذية خاصة وأن تونس تشكو من ارتفاع تكلفة الدعم .
وقد كشف الباجي قايد السبسي في قمة دول السبع التي احتضنتها برلين في أفريل 2014 بأن الأعباء المالية المتربة عن توافد الليبيين إلى تونس سنة 2011 بلغت 5.7 مليار دينار تونسي.
كما أن تونس بوضع اقتصادي مثل الذي تعيشه اليوم لن تكون قادرة على انشاء مخيمات كبرى للاجئين واستيعاب الجرحى و مصابين منهم والتكفل بعلاجهم وتوفير أدويتهم.
كما حذرت قعلول من مخلفات اختلاط النسيج المجتمعي الليبي والتونسي وتأثيره السلبي على التونسيين.
سياسة خارجية تونسية مرتعشة!!
وفي ظل هذا التخوف التونسي من انعكاسات التدخل العسكري في ليبيا على الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي فالدبلوماسية التونسية لم تدخل في مفاوضات ومباحثات جدية مع الدول الأجنبية للنظر في كيفية الخروج بتونس من الأزمة المرتقة.
واكدت الخبيرة الأمنية أنه على وزارة الخارجية التونسية البحث عن دعم مالي أجنبي لانشاء مخيمات للاجئين الليبيين اضافة الى الخروج بموقف نهائي من التدخل العسكري بليبيا.
ويذكر أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي حذر من خطورة التدخل العسكري في ليبيا على تونس وقد طلب من الدول الأجنبية مراعاة مصلحة دول الجوار.
وقد صرح الناطق الرسمي باسم رئاسة الحكومة التونسية خالد شوكات أن” الامر سابق لاوانه لان الديبلوماسية التونسية قامت في أعرافها على مبدأ عدم أخذ المواقف بشكل استباقي او بشكل فيه املاء.