قال رئيس الجمهورية الباجى قايد السبسى ان التحديات التى تواجهها المنطقة العربية غير مسبوقة فى تنوعها وخطورتها وهى تزداد وطأة بفعل ما استجد من تهديدات أهمها تأجيج الفتن الطائفية وتدافع الاستقطاب الدولى والتناحر الداخلى على أساس الهوية والانتماء المذهبى والعقائدى والعرقى والسياسى .
واعتبر رئيس الدولة فى كلمته بمناسبة افتتاح أشغال الدورة 33 لمجلس وزراء الداخلية العرب ظهر اليوم الثلاثاء بمقر المجلس بالعاصمة أن هذه العوامل مجتمعة مثلت تربة خصبة لتمدد الجماعات المسلحة وخاصة تنظيم داعش .
وأكد على أن هذه التحديات وارتباطها ببقاء الكيانات الوطنية والوحدة القومية تفرض اعادة ترتيب الاولويات وصياغة نظام أمن جماعى عربى شامل يحفظ الدول العربية ومجتمعاتها ومصالحها من الاخطار الداخلية والخارجية .
وأوضح أن هذه التحديات تفرض التنسيق اليومى بين الموسسات الامنية والتحديث المستمر للاستراتيجية العربية فى مجالات مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة والتهريب وغيرها من الجرائم.
كما شدد على ضرورة أن يسن الجميع قوانين تجرم الالتحاق بالميليشيات الارهابية وأن يعملوا على تجفيف منابع تمويلها وعلى منعها من استخدام تكنولوجيات الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعى فى عمليات التخريب التى تقوم بها بما فى ذلك التأثير على الشباب للزج به وقودا فى بور التوتر والاقتتال .
وقال قايد السبسى ان الدول العربية مدعوة لزاما الى الانخراط الكامل فى تسوية النزاعات التى تخترق مجالاتها الحيوية والمعالجة المتضامنة للاسباب التى يتغذى منها الارهاب وخاصة تدنى مستويات التنمية وارتفاع نسب الفقر والبطالة وتفشى ثقافة الغلو والتعصب والكراهية والتشويه الممنهج للدين الاسلامى الحنيف .
ولفت أيضا الى أن المعركة ضد الارهاب متواصلة ما لم يتم اجتثاثه وهو ما يتطلب حسب تقديره جبهات داخلية موحدة ومتضامنة وملتفة حول موسسات الدولة لكنه يفرض أيضا تجاوز وضع الانكفاء القطرى وانشغال كل دولة بهمومها الداخلية واغفال أمن محيطها العربى.
ولاحظ أن تحقيق التنمية الاقتصادية لا يقل أهمية عن مكافحة الارهاب بل انه اعتبره عاملا حاسما فى معالجة هذه الافة والحد من انتشارها وذلك لارتباط الامن والتنمية وصعوبة تحقيق أحدهما دون الاخر حسب ما جاء فى كلمة رئيس الجمهورية.
وبخصوص الوضع الداخلى أشار قايد السبسى الى أن تونس كغيرها من البلدان العربية تواجه مخاطر غير مسبوقة تهدد أمنها القومى وتستهدف استقرارها السياسى معتبرا أن تدهور الوضع فى ليبيا يمثل تهديدا مباشرا لتونس التى تعد أكثر البلدان عرضة لتداعيات الازمة فى هذا البلد الشقيق .
كما ذكر أن الحرب على الارهاب أضحت منذ الاعتداء الارهابى على متحف باردو فى 18 مارس 2015 أولوية وطنية الى جانب تحدى انجاح الانتقال الاقتصادى والاجتماعى وهو ما يتطلب مقاربة شاملة تجمع كل الابعاد الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية والاعلامية وكل ما من شأنه ضمان مناعة الدولة وتأهيل الفرد والمجتمع وتحصينهما ضد منازع اليأس ومناحى الغلو والتطرف والعنف على حد قول رئيس الدولة.
وفى سياق متصل بين قايد السبسى أن تونس ومن منطلق وعيها بأن الارهاب ظاهرة عابرة للحدود الوطنية تهدد الامن والاستقرار فى العالم انضمت الى التحالف الدولى ضد تنظيم داعش كاطار مشترك للعمل فى مجابهة التطرف المسلح الى جانب انخراطها فى مبادرة المملكة العربية السعودية بانشاء تحالف اسلامى ضد الارهاب 0 ولاحظ أن تونس بلغت مراحل متقدمة على درب تحقيق الامن السياسى بفضل استبعاد سياسة التدافع والتصارع والتصادم واعتماد سياسة الحوار والتوافق والاعتراف بالتعدد وبحق الاختلاف وهو ما مكن من التحصين السياسى للجبهة الداخلية بما ساهم فى توحيد الجهود وتفادى تشتيتها واستنزاف القدرات فى معارك جانبية يكون الجميع وقودها حسب تعبيره.
وبعد أن شدد على ضرورة التمسك بأن الدين لله والدولة للجميع اعتبر رئيس الجمهورية أنه ليس لاى طرف حزبى الحق فى ادعاء تمثيل الاسلام أو احتكار النطق باسمه أو الاتجار به لاغراض سياسية .
وقال فى جانب اخر من كلمته بما أن الامن القومى العربى كل لا يتجزأ يتحتم أن تظل القضية الفلسطينة بوصلة النظام الاقليمى العربى باعتبارها مفتاح الامن والسلم فى المنطقة والعالم وذلك من خلال الالتزام بدعم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطينى واستغلال زخم الاجماع الدولى حول حل الدولتين وتزايد الاعتراف بالدولة الفلسطينية للدفع بهذه القضية الى واجهة الاهتمام الدولى وايجاد حل نهائى ضمن اطار زمنى محدد يذكر أنه تم خلال هذه الجلسة الافتتاحية منح قايد السبسى من قبل رئاسة الدورة مجسما تذكاريا تكريما له لجهوده فى مكافحة الارهاب ودعم الجهود العربية فى هذا المجال