لعل العديد من التونسيين لم ينس الجدل القائم حول رهن ملعب رادس والمتعلق بإصدار الحكومة التونسية صكوكا إسلامية كما تم تداوله في شهر نوفمبر الماضي أثناء لجنة الاستماع لميزانية 2016. وحيث تحتاج تونس إلى تمويلات تقدر بـ 6.6 مليار دينار، فإنه من المتوقع أن يتم توفير 2 مليار دينار منها عبر التمويل الداخلي، أما البقية فسيتم توفيرها باللجوء إلى التمويل الخارجي، الذي قد يعتمد إما على الهبات والمنح من الدول الأخرى، أو على القروض الخارجية التي تستوجب ضمانات تقدمها الحكومة بحسب قيمة هذه القروض وبحسب آجال تسديدها.
وكما هو معلوم، فإن التكلفة التي تتحملها الدولة نتيجة لهذه القروض تختلف بحسب تصنيفها الائتماني. فبحسب الوضعية الاقتصادية للبلاد، وبحسب القدرة المتوقعة للحكومة على سداد ديونها، يفرض المقرضون سعر فائدة يمكّن من تغطية المخاطر الناتجة عن هذا الإقراض. ومن أهم وكالات التصنيف الائتماني نجد ستاندرد آند بورز وفيتش وموديز. وقد صنفت هذه الأخيرة مؤخرا سندات الحكومة التونسية عند Ba3 مع نظرة مستقبلية مستقرة. وحيث يعتبر هذا التصنيف منخفضا، تصبح قدرة بلد مثل تونس على الاقتراض أعلى كلفة بحكم الترقيم السيادي المنخفض.
وعلى عكس الدول المتقدمة وذات الاقتصادات القوية مثل أستراليا، كندا، الدنمارك، ألمانيا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، سنغافورة، السويد، سويسرا، يمكن مقارنة تونس في هذا الترقيم السيادي بدول مثل بنغلاديش، السلفادور، الغابون، جورجيا، الكوت دي فوار، الجبل الأسود، سورينام ودول بترولية مثل بوليفيا ونيجريا. وإضافة إلى التحديات التنموية التي تواجهها هذه الدول للرفع من مستوى النمو والتنمية الاقتصادية، يعد تنوع المستثمرين تحدّ آخر يجب توفره لضمان التمويلات اللازمة، ولتنويع آليات التمويل.
خلال الأعوام الأخيرة، اعتبرت الصكوك الإسلامية من بين أساليب التمويل الناجعة التي مكنت العديد من الدول الإسلامية، وغير الإسلامية، من تعبئة موارد إضافية لتمويل مشاريع تنموية عدة. وبحسب السوق المالية الإسلامية الدولية، فقد قدر إجمالي إصدارات الصكوك خلال الفترة ما بين 2001 و2015 بـ 7.67 مليار دولار أمريكي. وبحسب نفس المصدر، تم خلال العامين 2014 و 2015، 16 إصدار للصكوك السيادية طويلة الأجل بمبلغ يقدر بـ 10.4 مليار دولار في كل من إندونيسيا، وتركيا والإمارات وباكستان والمملكة المتحدة وهونكونغ.
والجدير بالذكر هو أن ما تتميز به الصكوك المصدرة في دور غير مسلمة كهونكونغ وجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة، هو تنوع المستثمرين أي حملة الصكوك. وبالرجوع إلى تقرير ستاندرد آند بورز لسنة 2016 نجد أن معدل مستثمري الصكوك من دول الخليج لا يتجاوز 45 في المائة في حين تتقاسم آسيا وأوروبا المرتبة الثانية بـنسبة 36 في المائة من إجمالي المستثمرين. أما الباقي فهو موزع بين الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 13% والمستثمرين المحليين بسبة 6%.
ولا يقتصر تنوع المستثمرين على مصدرهم، بل يشمل أيضا تركيبتهم. فنلحظ في نفس التقرير أن القائمة تضم مستثمرين من المؤسسات المالية، ومن جهات حكومية، ومؤسسات ائتمانية، وصناديق استثمارية بمجموع موارد تفوق الـ 500 مليار دولار. وتعتبر هذه فرصة للدولة للبحث عن مستثمرين جدد كما قامت به بعض الدول بما فيها غير المسلمة.
ويرجع الاقبال الكبير الذي تشهده الصكوك السيادية إلى كونها مصدرة من طرف الحكومات التي تتمتع بثقة أكبر من طرف المستثمرين مقارنة بالصكوك التي يصدرها القطاع الخاص. أما لو قارنا هذه الصكوك بالسندات العادية كأدوات لتعبئة الموارد المالية، لوجدنا أن عملية التقويم تعتبر متطابقة بين الأداتين. ويعود ذلك إلى أن عملية التقويم تعتمد على التصنيف الائتماني لمصدر هذه الصكوك وقيمة الأصول الداعمة لهذا الائتمان. وبالتالي يقوم المستثمر بتقويم العائدات المتوقعة على تلك الصكوك، ويقارنها بالأخطار المحتملة. وبناء عليها يتخذ قراره الاستثماري إضافة إلى إعداد دراسات جدوى موضوعية وفقاً للمعايير الفنية المتعارف عليها عالمياً لكل مشروع تموله الصكوك.
وفي العموم، فإنه لا يمكن فهم ماهية الصكوك الإسلامية بدون الرجوع إلى المبادئ الأساسية للصيرفة الإسلامية التي تقوم في جوهرها على مبدئ التوازن بين القطاع المالي والاقتصاد الحقيقي.
المبادئ الأساسية للصيرفة الإسلامية؟
إن الفهم الشائع اليوم لمصطلح المالية الإسلامية لا يعكس الجانب العلمي الذي تحتويه هذه الصيرفة كمنهج يساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ففي فبراير 2015، مثلا، أشادت وكالة رويترز بالمنهج العلمي للمصرفية الإسلامية من خلال تجربة مختبر الهندسة المالية الإسلامية بمدرسة المهندسين المحمدية بالمغرب. كما يرى الخبراء أن نجاح التجربة البريطانية في المالية الإسلامية يعود إلى تركيزها على الجانب العلمي. وعن أهم أوجه الاختلاف بين الصيرفة الإسلامية والصيرفة “التقليدية”، يمكن الـاكيد على النقاط التالية:
1) منع التعامل بالربا كمبدئ تتفق حوله كل الأديان السماوية.
2) منع التعامل بالغرر ومن ذلك الميسر والقمار ويعتبر الغرر بيعا مجهول العاقبة و من ذلك “بيع حبل الحبلى” ، والسمك في الماء، والطير في الهواء، وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها… لما في ذلك من ظلم بين المتعاقدين.
3) وجوب التعامل في أصول أخلاقية تتطابق مع مبادئ الإسلام، وتمنع الحاق الضرر بالأفراد والمجتمعات.
4) إرساء مبدأ المشاركة في الربح والخسارة من خلال توسط البنك بين المستثمرين (أصحاب المال) وطالبي التمويل ومنها خاصة تأكيد قاعدة عدم حصول منفعة طرف على مضرة الطرف الثاني.
5) وأخيرا وجوب الاعتماد على أصول عينية في المعاملات. ولهذا السبب مثلا نجد البنوك الإسلامية تستثمر ولا تقرض نقودا، مما يجعل الترابط بين الاقتصاد الحقيقي والتعامل المالي نتيجة حتمية لهذ الأساس.
ماهي الصكوك؟
عرفت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI الصكوك الإسلامية بأنها:” وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري
خاص، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله”. أما مجمع الفقه الإسلامي الدولي فيعرف الصكوك بـأنها:
” وثائق مالية متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية موجودات (أعيان أو منافع أو حقوق أو خليط من الأعيان والمنافع والنقود والديون) قائمة فعلاً أو سيتم انشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وتصدر وفق عقد شرعي وتأخذ حكمه”. الصكوك هي عبارة عن إصدار وثائق رسمية وشهادات مالية تساوي قيمة حصة شائعة في ملكية ما، سواء كانت منفعة أو حقاً أو مبلغاً من المال أو ديناً. وتكون هذه الملكية قائمة فعلياً أو في طور الإنشاء، ويتم إصدارها بعقد شرعي ملتزم بأحكامه”.
وتقوم فكرة الصكوك الإسلامية على المشاركة في تمويل مشروع أو عملية استثمارية متوسطة أو طويلة الأجل، وفقاً للقاعدة الفقهية الإسلامية التي تقوم على مبدئ «الغُنْم بالغُرْم»، بمعنى «المشاركة في الربح والخسارة»، على منوال نظام الأسهم في شركات المساهمة المعاصرة، إذ تؤسس شركة مساهمة ذات شخصية معنوية مستقلة لهذا الغرض، وتتولى هذه الشركة إصدار الصكوك اللازمة للتمويل وتطرحها للاكتتاب العام للمشاركين.
وقد حظيت الصكوك الإسلامية باهتمام متزايد من طرف العديد من الدول المسلمة وغير المسلمة. ففي خضم الاهتمام الذي عرفته المالية الإسلامية على إثر الأزمة المالية العالمية، كانت الصكوك الإسلامية من أبرز الأدوات الاستثمارية التي تركزت حولها الدراسات والنقاشات.
الفرق بين الصكوك والسندات والأسهم
تشترك الصكوك مع السندات في كونها غير دائمة، على خلاف الأسهم. بل هي مرتبطة بأجل تجري تصفيتها أو إطفاؤها عند بلوغه، بالطرق المنصوص عليها في نشرة الإصدار باعتبارها أداة تمويلية وتمثل ملكية المشروع الذي أصدرت من أجله. كما تختلف الصكوك والسندات عن الأسهم كونها لا تمكن حامليها من المشاركة في اتخاذ القرار أو في إدارة الأصول.
أما اختلاف الصكوك عن السندات فيكمن في كون الأخيرة قائمة على الفائدة، أي أن حامل السندات هو موعود بتحقيق عائد ثابت بقطع النظر عن أداء الأصل أو المشروع المساهم فيه. وحامل السندات لا يتأثر بنتيجة أعمال الشركات (أو المشاريع) ولا بمركزها المالي، لأن مالكها يستحق القيمة الاسمية للسند مضافاً إليها الفوائد عند الاستحقاق. أما مالك الصك فانه يتأثر عامة بنتيجة أعمال الشركة أو المشروع ويشارك في تحمل مخاطره. فله المكاسب التي يحققها المشروع وعليه الغرامات التي يتعرض لها.
تصدر الصكوك (مثل السندات) بقيمة إسمية وينتج منها عائد متوقع مرتبــط بــتلك القــيــمة، ويتضمـــن هيكل الإصدار ترتيبات تقلل أخطار التقلبات في ثمن الصكوك والتي تؤدي الى استقرار المبلغ الذي يكون سيسترده حامل الصك ان في نهاية المدة.
هل تعتبر الصكوك أعلى تكلفة من باقي الأدوات
تشير بعض التقديرات إلى أن الصكوك تكون أرفع تكلفة من السندات الربوية بحوالي 0.4% في المعدل. إلا أنه في المقابل، لو نظرنا إلى الصكوك التي أصدرتها أندونسيا في نوفمبر 2012 لوجدناها أفضل سعرا من السندات التي أصدرتها الحكومة الأندونيسية في أفريل 2012 بحوالي 0.45%. كما تعد الصكوك التي أصدرتها باكستان في ديسمبر 2014 أقل سعرا من سندات نفس الدولة المصدرة في أفريل 2014 بحوالي 0.5%. ويتوزع المستثمرون في هذه الصكوك بنسبة 35% من أوروبا، و32% من الشرق الأوسط، و20% من أمريكا الشمالية و13% من آسيا. وقد لاقى إصدار صكوك باكستان نجاحا تكسه قيمة الإصدار الأول التي بلغت 500 مليون دولار. الا أن الطلب ارتفع الى 2.3 مليار دولار مما ساهم في تخفيض سعر الاصدار. و كانت تركيبة الصكوك المعتمدة لهذا الاصدار هو نفس مقترح صكوك “ملعب رادس” ألا وهي صكوك الإجارة حيث تم تأجير الطريق السيارة M1.
أنواع الصكوك
تختلف الصكوك باختلاف الأساليب التمويلية وبتغير المقاصد المالية والتنموية للمصدر. ولعل من أبرزها الصكوك الاستثمارية، والمضاربة، والمرابحة، والاجارة، والمنافع، والسلم، والإجارة، والاستصناع، والمشاركة، والخدمات المتاحة، ومنافع الأعيان، وخدمات المتعهد، وغيرها.
ووفقا لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) التي تضطلع بإعداد وإصدار معايير المحاسبة المالية والمراجعة والضبط وأخلاقيات العمل والمعايير الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية، ومع الإشارة للمعيار 17، يبلغ عدد أنواع الصكــــوك 14 نوعاً، أشهـــرها صكوك الاجــــارة.
صكوك “ملعب رادس”؟
في إطار سعي بعض الدول الغربية في تنويع مصادر التمويل أصدرت بريطانيا صكوكا بقيمة 200 مليون جنيه استرليني في جوان 2014 لتصبح أول دولة غربية تصدر صكوكا إسلامية سيادية. وأصبحت لوكسمبورغ ثاني دولة أوروبية تصدر صكوكا سيادية وذلك بعد أن أقر البرلمان مشروع القانون الذي حمل رقم 6631 والذي يجيز بيع وإعادة شراء الأصول العقارية الضرورية لإصدار الصكوك. وقد كانت الاصدارات تتبع صيغة الصكوك المعززة بالأصول (على عكس الصكوك المدعومة بالأصول) وعلى وجه الخصوص الهيكلة المعروفة باسم البيع وإعادة التأجير (ٍSale and Lease-back) وهي أكثر انتشارا عالميا حيث تمثل هذه الهيكلة 43% من إجمالي الإصدارات بالعالم. وعموما صيغة الصكوك المعززة بالأصول لا تمكّن المستثمرين (حملة الصكوك) من التصرف في الأصل في حال حدوث التعثر، بحكم أنهم لهم ملكية غير تامة مشابهة بالسندات وليس لهم الحق في التصرف في الأصل وهذه الصكوك تضمن له عوائد ثابتة.
هل يمكن للصكوك لعب دور اقتصادي تنموي؟
إن المتابع للجهود العالمية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف الدول، يرى الفجوة الكبيرة التي يؤكد عليها الباحثون فيما يخص الموارد المتاحة لتمويل التنمية بما تقتضيه من استثمارات ضخمة في شتى القطاعات. فلو أخذنا على سبيل المثال دولة مثل أندونيسيا، حيث يطمح المخطط التنموي 2015 – 2019 إلى تحقيق نسبة نمو 8%، يتوقع أن تصل الاستثمارات في مختلف المجالات إلى 1900 مليار دولار. أما في الدول النامية عموما، فتقدر الاستثمارات اللازمة سنويا في البنية التحتية في الدول النامية بـترليون دولار. ولكن في المقابل أيضا، تشير معظم التقديرات إلى عدم قدرة القطاع العمومي تحمل عبئ توفير الموارد المالية اللازمة لتغطية هذه الفجوة التنموية. وفي هذا الإطار يراهن العديد من المهتمين بشأن التنمية على الدور الذي يجب أن يلعبه القطاع الخاص في تمويل المشاريع التنموية، وفي مقدمتها مشاريع البنية التحتية بجميع أصنافها.
إلا أن الوضع الراهن بما تركته الأزمة المالية العالمية من آثار سلبية على منظومة تمويل المشاريع التنموية، يبين التحديات التي قد تواجه العديد من الدول في قدرتها على جلب رأس المال الخاص وتحفيزه على المشاركة الفعالة في تمويل المشاريع. ففي حين تفوق نسبة مساهمة القطاع الخاص في الدول المتقدمة في تمويل مشاريع الطاقة والنقل نسبة الـ80%، فإنها لا تتجاوز في الدول النامية نسبة الـ50% في قطاع الطاقة والـ40% في قطاع النقل. ويزداد الوضع تعقيدا عندما يبرز أثر الأزمة المالية العالمية على قابلية المستثمرين على تمويل المشاريع طويلة الأجل، أي مشاريع البنية التحتية التي يستدعي تنفيذها فترة طويلة من الزمن تختلف المخاطر فيها بين مرحلة الإعداد ومرحلة الإنشاء ومرحلة التشغيل. هذا ما أشار إليه تقرير مجموعة العشرين (2013) الذي أبرز التأثير السلبي للأزمة المالية على التمويل طويل الأجل وعلى قدرة البنوك في الدول الأوروبية على مواصلة إقراض الدول النامية لتمويل مشاريعها التنموية، حيث بقي مستوى الديون المتجهة إلى الدول النامية في مستويات أقل من مستوى ما قبل 2007. ويزداد الأمر تعقيدا إذا ما لاحظنا المستويات المنخفضة جدا لسعر الفائدة في أبرز الدول المتقدمة، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الأوروبية، وهو ما يجعل الإقراض بفائدة غير ممكن بالنسبة للبنوك.
من جهة أخرى، تشير بعض التقارير إلى تطورين هامين في تمويل مشاريع البنية التحتية. الأول يتعلق بارتفاع نسبة مساهمة المؤسسات الباحثة عن المردود الثابت وطويل الأجل، كصناديق الاستثمار، وصناديق التقاعد وشركات التأمين، في تمويل المشاريع طويلة الأجل، على حساب البنوك. أما الثاني فيبرز الاعتماد على السندات لتمويل هذه المشاريع على حساب الديون.
ومن هنا يبرز الدور الذي يمكن أن تلعبه الصكوك كإحدى الأدوات التمويلية الداعمة للشراكة بين القطاعين العام والخاص. فعلى غرار ما قامت به العديد من الدول في هذا المجال، يمكن للقطاع العام تمويل مشاريع تنموية عن طريق إصدار صكوك يكتتب فيها القطاع الخاص كشريك في التمويل، أملا في الحصول على حصة في الربح الناتج عن هذا التمويل. ففي جوهرها كوسيلة تمكن أصحابها من تقاسم المخاطر والأرباح، تكون الصكوك إحدى الوسائل التي تخفف العبء على الحكومات إذا ما لم تلتزم بضمان عائد ثابت لحملة الصكوك المساهمين في التمويل.
إلا أنه من المبالغة الخلاص إلى هذا الاستنتاج الدال على نجاعة الصكوك بدون التأكيد على ضرورة توفر عدة شروط لتمكين القطاع الخاص من الإقدام على المساهمة في هذه الصكوك في غياب ضمانات للعائد الربحي كما هو الحال بالنسبة للسندات. ونكتفي هنا بذكر اثنين من أهم هذه الشروط، لما تتطلبه من إجراءات على مستوى السياسات الاقتصادية للدول النامية.
الشرط الأول يتعلق بقدرة الدول المصدرة للصكوك على توفير قائمة مشاريع ذات جودة. والمقصود هنا هو العمل على إعداد الدراسات والترتيبات اللازمة التي من شأنها أن تبين للقطاع الخاص مدى واقعية ومدى إمكانية تحقيق المشاريع الطالبة للتمويل. فإقدام المستثمرين على التمويل على يمكن أن يتم في غياب رؤية واضحة ودقيقة للمخاطر المحتملة في كل مشروع.
أما الشرط الثاني، فيعلق بوجود سوق مالية يُتداول فيها رأس المال بطريقة عادية. فتوفر سوق المال قد يجعل من الصكوك أداة ذات سيولة عالية تمكن أصحابها من تبادلها كلما دعت الحاجة إلى ذلك. ومن هنا يكون الإقدام على المساهمة في هذه الصكوك أقل خطورة من ناحية، وأكثر جذبا لرأس المال من ناحية أخرى.
حسام الدين بدوي (البنك الإسلامي للتنمية)
رامي عبد الكافي (البنك الإسلامي للتنمية)