بعد غياب تواصل على امتداد تسع سنوات جدد النجم الساحلي العهد مع لقب بطولة الرابطة المحترفة الاولى لكرة القدم اثر مشوار متميز كان خلاله الفريق الاكثر ثباتا واستقرارا على مستوى النتائج والاداء في موسم استثنائي اقترن بتحقيق عدة ارقام قياسية ستبقى خالدة في سجل النادي.
البطولة العاشرة في تاريخ النجم الساحلي عنوانها الابرز كان الانتظام في النتائج فالفريق جمع 77 نقطة وهي اعلى حصيلة من النقاط في تاريخ البطولة منذ اعتماد نظام ال3 نقاط.
الكتيبة الحمراء لم تذق طعم الهزيمة على امتداد 29 جولة كاملة منذ عثرة الجولة الافتتاحية امام نجم المتلوي بثنائية نظيفة مسجلة 24 انتصارا من بينها 10 متتالية من الجولة الخامسة العاشرة الى الجولة الرابعة والعشرين في افضل سلسلة في بطولة هذا الموسم مقابل 5 تعادلات محققة في نفس الوقت العلامة الكاملة بالملعب الاولمبي بسوسة (45 نقطة) من 15 فوزا متتاليا على ارضه وهو رقم غير مسبوق في تاريخ فريق جوهرة الساحل.
بطل تونس اكتسب قوته بالخصوص من صلابة خطه الخلفي بقيادة الثنائي المخضرم ايمن المثلوثي وعمار الجمل اللذين كانا ضمن جيل 2007 المتوج ببطولة تونس ورابطة ابطال افريقيا وصانع ملحمة مونديال الاندية باليابان فنجم نسخة 2016 لم يقبل في مرماه سوى 17 هدفا وحافظ على عذارة شباكه في 16 مقابلة ليكون بلا منازع اقوى خط دفاع في البطولة.
كما تالق خط الهجوم بدوره بشكل لافت بعدما تمكن من هز شباك جميع منافسيه دون استثناء بحصيلة جملية بلغت 57 هدفا ولم يبق صامتا سوى في مقابلتين خلال مرحلة الذهاب امام نجم المتلوي (صفر-2 في الجولة الاولى) والملعب التونسي (صفر-صفر في الجولة السابعة).
علامة فارقة اخرى ميزت مسيرة ابناء المدرب فوزي البنزرتي الذي نجح للمرة الثالثة في تحويل وجهة البطولة الى شاطئ بوجعفر بعد عامي 1987 و2007 وهي كسب المواجهات المباشرة امام المنافسين التقليديين في ما اصطلح بتسميته ب”البطولة الصغيرة” اذ تغلبوا على الترجي الرياضي والنادي الصفاقسي ذهابا وتعادلوا معهما ايابا الى جانب الفوز على النادي الافريقي ذهابا وايابا.
النجم الساحلي اثبت هذا الموسم انه بلغ درجة عالية من النضج الكروي ولعل نجاحه في تجاوز مخلفات خسارة رهانين هامين وسط الموسم هما لقب الكاس الافريقية الممتازة في لوبومباشي امام مازيمبي الكونغولي والخروج بطريقة هيتشكوكية من مسابقة رابطة ابطال افريقيا في الدور ثمن النهائي امام اينييمبا النيجيري وقدرته على طي صفحة الخيبتين في وقت سريع يقيم الدليل على الخبرة التي اكتسبتها المجموعة في التعامل مع هذه الوضعيات الصعبة اذ حافظ الفريق على توازنه في سباق البطولة ولم ينتابه الشك ليواصل قيادة قاطرة البطولة بكل ثبات.
ويعد التتويج ببطولة هذا الموسم ثمرة عمل تواصل على امتداد اربع سنوات منذ قدوم الفرنسي دونيس لافاني ثم مواطنه روجي لومار اللذين وضعا اللبنة الاولى لهذا الفريق بتتويجهما بكاس تونس عامي 2012 و2014 قبل مجيء فوزي البنزرتي الذي اكمل عملية البناء خصوصا مع ارتفاع منسوب الخبرة لدى عدة عناصر على غرار زياد بوغطاس وصدام بن عزيزة وحمدي النقاز وعلية البريقي وامين بن عمر وحمزة لحمر اكثر خبرة لتتكون لديهم شخصية اللاعبين الكبار وثقافة الانتصار.
البنزرتي او “استاذ البريسينغ” كما يحلو للبعض تسميته سعى منذ استقراره بسوسة الى فرض طابعه الخاص على اداء الفريق انطلاقا من فلسفته الكروية القائمة على الضغط العالي واللعب الهجومي مهما كان اسم المنافس وقد وجد في انضباط اللاعبين وقدرتهم على استيعاب قناعاته التكتيكية والفنية وكذلك تعطشهم لرفع الالقاب عوامل مناسبة لتكوين فريق بمواصفات البطل واصل عزف سمفونية معانقة النجاحات باحراز كاس تونس وكاس الاتحاد الافريقي عام 2015 وبطولة تونس عام 2016 بمعدل لقب كل ستة اشهر.
النجم في ثوبه الحالي اظهر انه لا يتاثر بغياب اي لاعب مهما كان وزنه ولا يتوقف على اي عنصر مهما علا شانه. فرغم التفريط خلال منتصف الموسم اثناء فترة الميركاتو الشتوي في المهاجم الجزائري بغداد بونجاح الى السد القطري ومتوسط الميدان يوسف المويهبي الى العهد اللبناني وافتقاد خدمات المهاجم الغيني الخالي بنغورا لمدة اكثر من ستة اشهر بداعي اصابة على مستوى الاربطة المتقاطعة وعقوبة احمد العكايشي باربعة اشهر بسبب خلاف مع فريقه السابق فان الفريق حافظ على توزانه وتجانسه بفضل ما تحلت به المجموعة من روح تضامن وقدرة على تحفيز نفسها لتعويض الغيابات بما جعلها تكسب الرهان.
مع ذلك يبقى متوسط الميدان حمزة لحمر من اكثر اللاعبين الذين كانوا مؤثرين في الفريق هذا الموسم بادائه المتميز على مستوى صناعة اللعب واجادته تنفيذ الكرات الثابتة التي انحنى امامها اكثر من حارس مرمى خصوصا في لقاءات الكلاسيكو بتسجيله 6 اهداف كاملة (4 امام الترجي الرياضي وهدف امام كل من النادي الصفاقسي والنادي الافريقي) بما جعله يكون افضل هداف للفريق بمجموع 12 هدفا.
هذا العطاء الغزير جعل من النجم الساحلي احد ابرز المزودين للمنتخب سواء الاول او المحلي بعد دعوة اكثر من لاعب على غرار محمد امين بن عمر وحمدي النقاز وزياد بوغطاس وحمزة لحمر واحمد العكايشي وعلية البريقي فضلا عن الحارس ايمن المثلوثي قائد منتخب “نسور قرطاج”. كما اصبحت بعض العناصر محط متابعة من قبل عدد من الاندية الاوروبية ويبدو المدافع حمدي النقاز ولاعب الارتكاز الكاميروني فرانك كوم الاقرب لخوض تجربة الاحتراف فالاول خطف الانظار على الرواق الايمن بتوغلاته السريعة ومعاضدته المستمرة للخط الامامي وخلقه التفوق العددي ما جعله يكون مدافعا برتبة مهاجم والثاني يعتبره احباء النجم صخرة وسط الميدان وصمام الامان بادائه الدفاعي الرائع وقدرته الفائقة على افتكاك الكرة وتامين التغطية الدفاعية.
وبعد نزول الستار على بطولة هذا الموسم سيكون النجم الساحلي بداية من الاسبوع القادم امام رهانات جديدة بداية بدور المجموعتين لكاس الاتحاد الافريقي بما يتطلب منه المحافظة على جاهزيته مع تعزيز رصيده البشري بانتدابات موجهة خاصة وان الفريق يراهن العام المقبل بالخصوص على الذهاب بعيدا في مسابقة رابطة ابطال افريقيا لتكرار انجاز 2007