أكد البنك المركزي التونسي، حسب التقديرات الأخيرة للميزان الاقتصادي، امكانية استقرارعجز الميزان الجاري لكامل سنة 2016 عند مستوى 205ر7 مليون دينار أو 9ر7 بالمائة من الناتج المحلي.
وينتظر، وفق مذكرة أصدرها البنك حول “وضعية القطاع الخارجي خلال الأشهر الخمس الأولى من سنة 2016 والإجراءات العاجلة الضرورية للحد من انزلاق سعر صرف الدينار”، الخميس، أن تتطور صادرات السلع والخدمات بـنسبة 1ر3 في المائة بالرغم من الصعوبات الهيكلية والظرفية، التي مازالت تعترض بعض القطاعات خاصة منها الاستخراجية وبعض الصناعات المعملية وكذلك الخدمات.
وتبقى تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج، المزمع تحقيقها خلال سنة 2016، دون المستويات المأمولة (رغم تطورها المتوقع بـ1ر5 في المائة)، التي من شأنها أن تحد من الضغوط على العجز الجاري.
وتوقع المركزي التونسي أن تبلغ التمويلات الخارجية في شكل قروض متوسطة وطويلة الأجل المزمع تعبئتها لغرض تمويل العجز الجاري وتسديد أصل الدين 3ر7 مليارات دينار وهو ما سينجر عنه ارتفاع في مستوى المديونية الخارجية للبلاد التونسية إلى حدود 1ر51 في المائة من الدخل القومي الخام المتاح.
وحددت المذكرة، من جهة أخرى، قيمة الاستثمارات الخارجية المتوقعة، في مستوى ضعيف لا يتجاوز 2 مليار دينار وذلك نتيجة مناخ الاستثمار السائد حاليا والذي لم يسترجع بعد المقومات الملائمة لاستقطاب المستثمرين الأجانب.
واعتبر المركزي التونسي، قياسا بإنجازات الخمسة أشهر الأولى (انخفاض المقابيض بعنوان المداخيل السياحية والنقل ومداخيل الشغل بـ6ر44 في المائة و6ر14 في المائة و3ر9 بالمائة على التوالي) التي تظهر المؤشرات المتعلقة بها تواصل تدهور الوضع الاقتصادي على النطاق الداخلي والإقليمي، أن يكون هذا “السيناريو متفائلا” بعض الشيء خاصة وأنه اعتمد على البرنامج الإصلاحي للحكومة، الذي يستهدف دفع نسق النمو والتحكم في التوازنات الاقتصادية الكلية، ومنها توازن المدفوعات الخارجية.
ويظل هذا السناريو، وفق البنك، عرضة للمراجعة نحو مسار سلبي باعتبار الضغوط، التي لا تزال مسلطة بالعلاقة سواء مع هشاشة جل القطاعات المصدرة للسلع والخدمات من ناحية، وعدم استعادة النشاط الاقتصادي العالمي نسقه خاصة في منطقة الاتحاد الأوروبي، مثلما تعكسه المراجعات المتتالية نحو التخفيض في آفاق الاقتصاد العالمي من طرف صندوق النقد الدولي، من ناحية أخرى.
وشدد البنك على أن تحقيق الأهداف المرسومة المذكورة آنفا يعتبر في حد ذاته تحديا كبيرا يستدعي جملة من التدابير للتحكم في تطور العجز الجاري في حدود 9ر7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بالضغط على النفقات بالعملة الأجنبية من ناحية والعمل على الضغط على الواردات وتحسين أداء الصادرات من ناحية أخرى.
وحذر من أن عدم اتخاذ الإجراءات المطلوبة قد يتسبب في تجاوزالعجز الجاري عتبة 10 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما سيستدعي تمويلات خارجية إضافية تناهز 2 مليار دينار.
وسيكون للنتائج المرتقبة خلال 2016 آثار محسوسة على أداء الاقتصاد خلال سنة 2017 والتي ينتظر أن تكون بدورها عرضة لضغوط كبرى خاصة مع حلول آجال تسديد مبالغ هامة بعنوان خدمة الدين الخارجي تقدر بحوالي 5ر5 مليارات دينار (بدون اعتبار تجديد الإصدار الرقاعي مع قطر وقدره 500 مليـون دولار)، منها 1ر4 مليارات دينار دين عمومي، وهو ما يفرض أفقا زمنيا في حدود سنة ونصف، لتفعيل الإجراءات العاجلة الضرورية، التي يتعين اتخاذها لتفادي تواصل انزلاق مؤشرات القطاع الخارجي.