قالت مديرة الصحة الأساسية بوزارة الصحة، سعاد مراد البكري، اليوم الخميس، إن الرضاعة الطبيعية في تونس عرفت في السنوات الأخير انحسارا ملفتا، مبينة أن بحثا أجرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف” سنة 2012 حول صحة الأم والطفل أظهر أن نسبة الرضاعة الطبيعية “الصرفة” خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع انخفضت إلى 8 فاصل 5 بالمائة على الصعيد الوطني.
وأضافت البكري خلال ورشة عمل حول “الرضاعة الطبيعية: مفتاح التنمية المستدامة”، انتظمت بالعاصمة ببادرة من إدارة الصحة الأساسية في إطار الاحتفال بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية، أن نسبة الأمهات اللاتي يرضعن مواليدهن في الساعة الأولى بعد الوضع تبلغ 40 بالمائة وفق البحث ذاته، مشيرة إلى أن هذه النسبة تنخفض في ما بعد لأن أغلب هؤلاء النسوة لا يواصلن الرضاعة.
وتهدف الورشة، حسب ما أفادت المتحدثة، إلى إطلاق خطة وطنية للنهوض بالرضاعة الطبيعية سيتم تنفيذها بالتعاون مع قطاعات أخرى ومع المنظمات العالمية والمجتمع المدني. واستطردت قائلة “هذه الورشة ستوفر الفرصة لإعداد نص تشريعي يمكن من تمديد عطلة الأمومة قصد منح حظوظ أكبر للنساء لإرضاع أطفالهن”.
ودعت المسؤولة بوزارة الصحة إلى وضع آلية تحفز على توعية الأمهات بأهمية الرضاعة الطبيعية، مذكرة في هذا الإطار بتجسيم بادرة ” المستشفيات صديقة الرضع”. وبينت أن هذه البادرة أطلقتها المنظمة العالمية للصحة وسجلت مشاركة 141 مؤسسة استشفائية بتونس إلا أنها شهدت تراجعا رغم أهمية النتائج التي تحققت.
وأوضحت المديرة الجهوية للصحة بنابل، روضة التركي، من جانبها، أن خطر الوفاة لدى الرضع الذين لم ينتفعوا برضاعة طبيعية يعادل 8 مرات خطر الموت لدى الذين رضعوا من أمهاتهم، مشددة على أن الرضاعة الطبيعية تقلل من نسبة الموت الفجئي لدى الأطفال.
ولاحظت التركي أن ممارسة الرضاعة الطبيعية “الصرفة” في الأشهر الستة الأولى تقلصت بشكل لافت في تونس رغم فوائدها على صحة الرضيع والأم مشيرة إلى أن النسبة تقلصت إلى 2 بالمائة فقط في منطقة الشمال الغربي.
وعزت تراجع ممارسة الرضاعة الطبيعية إلى عوامل تجارية، متهمة الصناعيين الذين يسوقون مكونات الحليب. وقالت التركي “إن تراجع هذه الممارسة بدأ منذ ستينات القرن الماضي عندما أطلقت الشركات المنتجة لمكونات الحليب حملات الترويج وبثتت صورة مسيئة للأم المرضعة تظهرها كامرأة تقليدية”.
من جهتها، أوصت رئيسة قسم طب الاطفال بالمستشفى العسكري بالعاصمة، سنية بليبش، بتجديد الأنشطة داخل المستشفيات الرامية إلى التحفيز على الرضاعة الطبيعية والمحافظة على ممارستها، داعية إلى تكوين مهنيي الصحة من أجل النهوض بالرضاعة الطبيعية، وإلى توفير كل الظروف الملائمة للام حتى تكمل رضاعة طفلها إلى حين بلوغه السنتين من عمره.
واقترحت، في هذا الإطار، تبني سياسة وطنية للنهوض بالرضاعة الطبيعية والقيام بحملات توعية للحوامل، والتذكير بمزايا هذه الممارسة على امتداد السنة لا الاقتصار على الأسبوع العالمي للرضاعة.