أحدث الفيلم الايراني حول حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان من المنتظر عرضه بقاعة سينما الكوليزي بالعاصمة ردود فعل عديدة بين مؤيد ورافض لعرضه ، ويحمل هذا الفيلم عنوان “محمد رسول الله ” للمخرج الايراني مجيد المجيدي ،تم انتاجه في سنة 2015 وهو يعد من بين الأفلام التاريخية الضخمة.
ومن ضمن ردود الفعل الرافضة لتقديم هذا الفيلم في قاعات السينما التونسية برز البيان الذي أصدر ه يوم الثلاثاء الماضي حزب تيار المحبة وندد فيه بحصول الفيلم على تأشيرة عرضه بتونس ، لتنطلق التعليقات على صفحات الفايسبوك بين رافض ومهدد ومتوعد
حول هذا الرفض لعمل ابداعي من منطلق ديني كان لــــ(وات) اتصال بلفيف من السينمائيين الذين أجمعوا على ضرورة المحافظة على حرية التعبير التي يكفلها الدستور التونسي ، وفي هذا السياق أفاد مدير أيام قرطاج السينمائية إبراهيم لطيف أن من حق الجمهور مشاهدة أي عمل إبداعي ، وهو وحده من يحكم على أهمية الفيلم من عدمها قائلا إن “ما نشهده اليوم هو الفوضى العارمة وهناك جهة غير معلنة وراء التشهير بالفيلم زاعمة انه يجسد ذات الرسول الكريم وهذا غير صحيح “.
وعاد إبراهيم لطيف الى ردود الفعل العنيفة التي سبقت عرض فيلم “الزين الي فيك” للمخرج المغربي نبيل عيوش خلال الدورة 26 لأيام قرطاج السينمائية والذي حقق نسبة مشاهدة واقبال كبير غير متوقع، مشددا على ضرورة التمسك بحق العرض وترك القرار الأخير للجمهور ومهما كانت الإختلافات فلا بد من الإنتصار لحرية الإبداع والفن والفكر حسب رأيه.
وساند المنتج السينمائي رضا التركي رأي إبراهيم لطيف في هذا الصدد وأضاف أن هذا الفيلم تأريخ لفترة معينة من تاريخ الأمة الإسلامية كما هو الشأن بفيلم الرسالة الذي عرض في تونس العديد من المرات وعلى شاشات التلفزة كما عرضت عدة مسلسلات تتناول السيرة الذاتية لبعض الأنباء على غرار يوسف الصديق والسيد المسيح والنبي سليمان ، وهي مسلسلات إيرانية جسدت فيها شخصيات الأنبياء ولم يشهد تقديمها أي رفض أو تشهير.
وأوضح أنه لا مجال للاستغناء عن مكسب حرية التعبير في تونس قائلا “اذا كان رفض هذا الفيلم لمجرد أنه قادم من بلد شيعي فهذا غير منطقي بالمرة حيث كان من الأجدر أن يفدم السنيون عملا آخر برؤية فنية مختلفة “.
أما عضو الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام راضي تريمش فشدد أيضا على حتمية المحافظة على حرية التعبير قائلا “نحن نحارب منذ ستينات القرن الماضي لاقتلاع حرية التعبير ولا مجال للتفريط فيها اليوم “، وأشار إلى أن موقف وزارة الشؤون الثقافية لم يكن واضحا حسب رأيه ولا بد من إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة .
وذكر الناقد السينمائي الناصر السردي أنه حضر يوم تصوير لفيلم “محمد رسول الله” ولاحظ التجهيزات الضخمة التي تم إعتمادها لتصوير الفيلم والجهود الكبيرة التي بذلها الممثلون ليكون في مستوى قيمة الرسول عليه السلام مؤكدا على عدم تجسيد النبي محمد في الفيلم.
وتساءل السردي عن الجهات التي أصبحت اليوم “تحلل وتحرم ” ومن ذاك الذي بيده السلطة ليمنع عملا إبداعيا من الخروج للجمهور القادر وحده على الحكم عليه حسب تقديره قائلا “نحن اليوم في عصر الأنترنات والفيلم سيعرض قريبا على الشبكة العنكبوتية فكيف سيمنعون هؤلاء الناس من مشاهدته”.
وأكد صاحب قاعة سينما “الكوليزي” الأسعد قوبنطيني أنه تلقى تهديدات مباشرة من مجموعة مجهولة توعدت بالحاق أضرار بالقاعة في صورة إصراره على عرض الفيلم الشيئ الذي أجبره على إلغاء العقد ، وأفاد من جهة أخرى أن المخرج الإيراني مجيد المجيدي أكد حضوره في الأيام القليلة القادمة لتقديم الفيلم والتعريف به في وسائل الإعلام التونسية.
وفي المقابل نفت مديرة ادارة الفنون السمعية والبصرية بوزارة الشؤون الثقافية منيرة بن حليمة في تصريحات اعلامية حصول فيلم “محمد رسول الله” على تأشيرة العرض وأوضحت أنه رغم إيمان الوزارة بأنه لا وجود لحدود في الفن والإبداع إلا أن مثل هذه الأفلام التي تجسد الصحابة والأنبياء من الممكن أن تثير بعض الإشكالات بإعتبار قداسة الشخصيات المجسدة .
ويشار إلى أن الفيلم الإيراني “محمد رسول الله” يقتصر على تصوير المراحل الأولى من حياة الرسول منذ حدث الولادة وصولا إلى فترة الطفولة وتنتهي أحداث الفيلم عند رحلة النبي محمد إلى الشام والوصول إلى صومعة الراهب “بحيرا” الذي بشر عم النبي أبا طالب بظهور خاتم الأنبياء .
ويعد هذا الفيلم من أغلى الأفلام في تاريخ السينما الإيرانية حيث بلغت قيمة الإعتمادات المخصصة له 40 مليون دولار ، وقد تمت الاستعانة بخبرات عالمية وتقنيات عالية في تصوير أحداثه في جنوب إيران.