تحتفل تونس، يوم غرة أكتوبر من كل سنة، وعلى غرار بقية البلدان، باليوم العالمي للمسنين الذي وضع هذا العام تحت شعار “اسمعني نفيدك”، تأكيدا على أهميّة المحافظة على الرصيد الصحي لكبار السن وتوازنهم النفسي، وابرازا لدور المساندة النفسية في رفع مستوى جودة الحياة لهذه الفئة، فضلا عن إدراج
التعهد النفسي ضمن خدمات الرعاية الصحية لضمان شيخوخة نشيطة.
وأكدت كاهية مدير رعاية كبار السن بوزارة المرأة والأسرة والطفولة، ايمان بالشيخ، في تصريح ل(وات)، أن الوزارة تسعى، رغم قلة الامكانيات، إلى مزيد تطوير الخدمات المسداة لفائدة المسنين، مشيرة، في هذا الخصوص، إلى انطلاق نشاط مركز جديد لرعاية المسنين في ضاحية قمرت بالعاصمة في شهر جوان الماضي بطاقة استيعاب قدرها 132 سريرا.
وتوفر مراكز رعاية المسنين، التي يبلغ عددها 12 مركزا بطاقة استيعاب قدرها 720 سريرا ، الرعاية الاجتماعية والمتابعة الصحية لحوالي 616 مسنا ومسنة تسهر على خدمتهم إطارات طبية وشبه طبية وإداريون وأخصائيون اجتماعيون وأعوان إحاطة حياتية.
وأفادت ان لجنة وطنية تنكب حاليا على استكمال المراحل الاخيرة لمراجعة كراس الشروط المتعلق باحداث وتسيير مؤسسات استشفائية لرعاية المسنين سواء من التونسيين أو الاجانب، موضحة أن هذه اللجنة تضم ممثلين عن مختلف الوزارات المعنية، وعن الادارة العامة للحماية المدنية، والمعهد الوطني للتغذية، ومكونات من المجتمع المدني، إضافة
إلى كفاءات وخبرات وطنية.
وتسهر هذه اللجنة أيضا على مراجعة القوانين والنصوص التشريعية المتعلقة بقطاع المسنين، وبالاساس قانون حماية المسنين الصادر في أكتوبر 1994 والمتعلق بحماية المسنين
والنصوص الترتيبية المنظمة له والذي ضبط تعريفا قانونيا للمسن إلى جانب جملة من المبادئ التي تحدد حقوقه الأساسية داخل الأسرة والمجتمع.
وأشارت المتحدثة إلى ان إرساء هذه المنظومة القانونية الخاصة بالمسنين التي تهدف بالأساس إلى ضمان حقوقهم الأساسية داخل الأسرة وفي المجتمع، يأتي باعتبار النقلة الديمغرافية التي تشهدها تونس والتشيخ التدريجي للسكان، إذ ارتفعت نسبة البالغين من العمر 60 سنة فما فوق إلى 11.7 % من مجموع السكان سنة 2014 مقابل 8.3 %
سنة 1994
وتنبئ الإسقاطات الإحصائية السكانية بأن نمو هذه النسبة سيتواصل في السنوات القادمة لتبلغ شريحة المسنين 17.7 % سنة 2029 و20.9 % سنة 2034 وأن معدّل مؤمّل الحياة عند الولادة الذي بلغ 75.5 عاما سنة 2014 سيتواصل ارتفاعه ليبلغ 77 عاما سنة 2029
وقالت إيمان بالشيخ إن الوزارة تشتغل أيضا على وضع تصور يتم بمقتضاه تمكين الشباب من حاملي الشهائد العليا في اختصاصات مختلفة من إحداث مؤسسات تعنى بالمسنين، بما يمكن من تحسين جودة خدمات الجوار المقدمة لفائدتهم، والرفع من تواتر الزيارات لهم، موضحة أن هذه المؤسسات ستمكن من توفير خدمات لكبار السن وذلك في اطار مزيد دعم الاقتصاد التضامني و الاجتماعي.
كما سيتم، في نفس الاطار، وخلال سنة 2017، إصدار كراس شروط يضبط شروط إحداث النوادي النهارية الخاصة بالمسنين، وأيضا كراس شروط خاص بشركات خدمات كبار السن، التي تعمل في إطار الاستثمار الخاص.
أما عن البرامج الموجهة لهذه الفئة فتتمثل أساسا في برنامج المساعدات القارة للمسنين المعوزين الذي يمكن المسنين من مساعدات مالية قارة لتلبية احتياجاتهم الأساسية، كما
يتمتع المسنون المنتفعون من البرنامج بالعلاج المجاني والعلاج بالتعريفة المنخفضة. وتُسند إليهم منحة قدرها 150 د في الشهر تُصرف لهم عن طريق البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة وتؤمّنها مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية.
وفي إطار العناية والإحاطة بالمسنين في وسطهم الطبيعي، تم إحداث فرق متنقلة متعددة الاختصاصات تقدم خدمات صحية واجتماعية للمسنين في بيوتهم تؤمنها إطارات طبية وشبه طبية وأعوان اجتماعيون، وأعوان إحاطة حياتية يتنقلون بصفة دورية إلى مقر إقامة المسنين.
وتقوم هذه الفرق، التي يبلغ عددها حاليا 43 منها 23 فريقا جهويا و20 فريقا محليا، بتقديم مساعدات عينية (أدوية- حشايا- مواد غذائية- ترميم مسكن). ويشرف على تسييرها جمعيات جهوية ومحلية لرعاية المسنين تدعمها الدولة بمنح تسيير سنوية ومنح إحداث لاقتناء وسائل نقل.
ودعما للتوجه الداعي إلى المحافظة على المسنين في محيطهم الطبيعي لما لذلك من آثار إيجابية على توازنهم النفسي والعاطفي، تم سنة 1999 وضع برنامج للتكفل بالمسنين فاقدي السند من قبل أسر حاضنة وفق شروط تمّ ضبطها بمقتضى أمر.
وتهدف الرعاية الاجتماعية الخصوصية لكبار السن، وخاصة منهم فاقدو السند العائلي والمادي، إلى المحافظة عليهم في وسطهم الطبيعي مع تمكينهم من ظروف عيش كريمة، دعما للروابط الأسرية وتماسكها. وتُعطى الأولوية في التدخلات، بالخصوص، إلى فئة المسنين المعوزين وفاقدي السند العائلي.
وتسند الدولة، حاليا، للعائلة التي تتكفل بمسن معوز منحة شهرية لتلبية الحاجيات الأساسية للمسن، وتتولى متابعة ظروف عيش المسنين المكفولين من قبل الأسر البديلة بصفة منتظمة، من قبل رؤساء المصالح الجهوية للمسنين العاملين بالمندوبيات الجهوية للمرأة والأسرة والطفولة والأخصائيين الاجتماعيين التابعين لوزارة الشؤون الاجتماعية.
وشهدت أنظمة الضمان الاجتماعي في القطاعين العام والخاص تقدما هاما لترسيخ مبدأ شمولية التغطية لأغلبية الشرائح العاملة في كل القطاعات الخدماتية والانتاجية بما فيها القطاع الفلاحي، مما جعل نسبة التغطية تبلغ 86 % حاليا.
وتركز العمل على تحسين المنافع المسداة إلى منخرطي الصناديق التي تشمل التأمين على المرض وتوفير الآلات المقوّمة للأعضاء والانتفاع بالإقامة والعلاج في محطات المياه المعدنية، فضلا عن تطوير أنظمة التقاعد بإحداث نظام موحّد لضم الخدمات بعنوان التقاعد والعجز والباقين على قيد الحياة، مع التعديل في جرايات التقاعد بالزيادة توازيا مع الزيادات المقررة لفائدة الأجراء في القطاعين العام والخاص.
يشار إلى ان المنظّمة العالميّة للصحّة تؤكد أنّ العالم يشهد تحولا ديمغرافيّا كبيرا حيث يبلغ حاليا عدد الأشخاص الذّين يفوق سنّهم 60 سنة قرابة 600 مليون شخصا، ومن المتوقّع أن يتضاعف هذا العدد بحلول سنة 2025 في حين سيبلغ سنة 2050 ملياري نسمة أغلبها في البلدان النّامية.
وتشير المنظّمة إلى أنّ تشيّخ سكان العالم في البلدان النامية والبلدان المتقدمة على حد السواء يمثّل مؤشّرا على تحسّن الأوضاع الصحية في العالم عموما.
وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمسنين، أعدّت وزارة المرأة والأسرة والطفولة برنامجا وطنيا يشمل بالخصوص تنظيم ندوة وطنية، يوم الثلاثاء 04 أكتوبر 2016 بمؤسسة المرحوم الصادق ادريس لرعاية المسنين بقمرت، حول موضوع “الصحة النفسية لدى كبار السن وجودة الحياة” يحتوي على مداخلات ذات صبغة طبية وإجتماعية يقدمها خبراء في المجال، إلى جانب حملات توعية وتحسيس موجهة لمختلف شرائح المجتمع وندوات علمية واجتماعية وتظاهرات وأنشطة ترفيهية وقوافل صحية وخدمات اجتماعية بكافة ولايات الجمهورية تؤمنها المندوبيات الجهوية للمرأة والأسرة والطفولة بالتنسيق مع مختلف الهياكل الجهوية ذات العلاقة.